عبّرت ثلاثة أحزاب سياسية عن قلق بالغ من استمرار ما وصفته بالتضييق على الحريات، ومنع التجمعات في الجزائر، والمزيد من حملات الاعتقال بحق الناشطين في الحراك الشعبي، مطالبة السلطات بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، والحدّ من الملاحقات القضائية التي شملت سبعة آلاف ناشط منذ فبراير/شباط 2019.
وعبّر حزب "العمال" اليساري عن قلق شديد إزاء التطورات على الساحة الوطنية على الصعيدين السياسي والاجتماعي-الاقتصادي. وأكد بيان للمكتب السياسي للحزب نشر اليوم السبت، أنّ "التراجعات الحاصلة في الحقوق الاجتماعية الاقتصادية، وحشر الجماهير الشعبية في الزاوية، وتوسيع القوانين المصادرة للحريات وآخرها الإجراء الذي يرسخ التراجع في الحق في المسيرات السلمية للمطالبة بتحسين شروط المعيشة، يفتح الباب أمام كل أشكال الانحراف، وهي في الواقع شرعنة للتراجع في الحق في التظاهر، والتجمهر، وفي نفس الوقت هو خنق للحق في الإضراب".
وطالب العمال السلطات بـ"الوقف الفوري للقمع، وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي، وإلغاء القوانين المصادرة للحريات، وبالتالي احترام الحريات الديمقراطية"، وعبّر عن القلق من "مواصلة وتكثيف الاعتقالات للمناضلين والنشطاء يومياً في كل أنحاء الوطن، ممّا يخلق مناخ رعب وغموض، وكذلك بسبب تواجد مئات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في السجون، وبأنّ عدد ضحايا التعسف القضائي تجاوز 7000 حالة بين حبس احتياطي تعسفي، رقابة قضائية، تهم وأحكام خيالية".
وفي نفس السياق، اتهم حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، السلطات بـ"التعسف ونشر الخوف والرعب، حيث لم تقبل بأي رأي مخالف، ولم ترضَ بأي صوت معارض. مناضلون سياسيون أو ناشطون في جمعيات، ونشطاء سلميون وصحافيون، أو مواطنون عاديون، لم ينجُ أحد من آلة تلفيق التهم خارج إطار القانون. كما قد حوّلت العدالة إلى جهاز مهمته تزكية ومباركة رغبات حكّام اليوم"، مشيراً إلى أن "حوالي 300 مواطن، من بينهم نساء ومحامون وصحافيون وقادة أحزاب سياسية وجمعيات وطلبة، يقبعون حالياً في السجون بسبب آرائهم. ومنذ فبراير/شباط 2019، تم توقيف أكثر من سبعة آلاف شخص، وحوكم 2500 منهم ووُضع 790 رهن الحبس المؤقت".
ولفت التجمع في بيان نشره بمناسبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى أنّ تجريم التعبير عن مجرد رأي أو نشاط سياسي سلمي، أصبح قاعدة قانونية بعد إقرار المادة 87 مكرر من قانون العقوبات في يونيو/حزيران الماضي، "حيث صار بموجبها العمل السياسي السلمي الهادف إلى الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم عملاً إرهابياً".
ووصف الحزب هذا الوضع بـ"الانتكاسة"، وطالب بوضع حدّ لحملة الاعتقالات والحبس المؤقت والمتابعات القضائية في حق المواطنين بسبب آرائهم أو أنشطتهم السياسية السلمية، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين.
وفي نفس السياق، قال المتحدث باسم "جبهة القوى الاشتراكية" وليد زنابي، في تصريح لـ"العربي الجديد" في المناسبة العالمية التي تتزامن مع السنة الثانية لتولي الرئيس عبد المجيد تبون للحكم، إنّ "الجزائر تشهد تضييقاً غير مسبوق للحريات وعودة محسوسة للممارسات البائسة من تزوير وشراء ذمم وتدخل فاضح للجهاز الإداري، وكل هذا لن يصب في إطار مسار إعادة الثقة، ولن يلعب لصالح ضمان الحدّ الأدنى من نزاهة العملية الانتخابية".
وأشار إلى أنّ "الأولوية يفترض أن تكون لإرساء قواعد الممارسة السياسية الأخلاقية لإعادة تكييف الطبقة السياسية، وتنظيم وتأطير المجتمع، وما يتماشى مع مشروع جزائري يضمن التماسك الاجتماعي، ويدفع المخاطر التي تتهدد السيادة والوحدة الترابية للجزائر، وإطلاق حوار شامل يجمع كل القوى الحية، يفضي بدوره هو الآخر إلى خارطة طريق تتضمن إصلاحات سياسية حقيقية وعميقة، تمهد لتغيير نظام الحكم الذي كان ولا يزال غير معبر لتطلعات الجزائريات والجزائريين".