الأحزاب الجزائرية تضغط على تبون لسحب المجتمع المدني من الساحة السياسية

24 مايو 2024
خلال لقاء تبون مع رؤساء الأحزاب الممثلة بالمجالس الوطنية والمحلية 21 مايو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خلال لقاء مع الرئيس الجزائري تبون، طالب قادة الأحزاب بفصل نشاط المجتمع المدني عن السياسة، مؤكدين على دور الأحزاب كشركاء رئيسيين في الشؤون السياسية والاقتصادية وضرورة حماية التعددية ومكافحة الفساد.
- منذ 2019، عزز تبون دور المجتمع المدني بتوسيع نشاطه وتضمين الدستور بنودًا لإنشاء مجالس للشباب والمجتمع المدني، مما منح ممثليه فرصة كبيرة في انتخابات 2021 كمستقلين.
- تسود قلق بين الأحزاب من توسع دور المجتمع المدني في السياسة، مع دعوات لمراجعة الأدوار لضمان تكامل أكثر فعالية بين الأحزاب والقوى المدنية، مع التأكيد على أهمية الشراكة المجتمعية.

حث قادة أحزاب سياسية فاعلة في الجزائر الرئيس عبد المجيد تبون، خلال اللقاء الموسع الذي جرى الثلاثاء الماضي، على سحب قوى المجتمع المدني من ساحة العمل السياسي وإبقاء مجال عملها خارج المجال المرتبط بالنشاط السياسي المنوط بالأحزاب، خاصة في الاستحقاقات الانتخابية والسياسية الكبرى.

وبرزت مواقف لافتة خلال اللقاء من قادة الأحزاب الذين مارسوا ضغوطًا على الرئيس تبون بشأن الفصل بين المجال الحيوي لنشاط الأحزاب ونشاط المجتمع المدني، عشية استدعاء الرئيس للهيئة الانتخابية لانتخابات السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، إذ قال رئيس حركة البناء الوطني (من الحزام الحكومي) عبد القادر بن فرينة خلال اللقاء: "نعتقد، بأن التعددية أساس الديمقراطية وأن الأحزاب السياسية هي المظهر الطبيعي لها في الدولة الحديثة ولا يمكن لغيرها من الوسائط المجتمعية لا سيما المجتمع المدني أن تزاحم الأحزاب في هذه المهمة، بل هناك مجال فسيح وواسع للديمقراطية التشاركية المحلية وليس الوطنية كما نص الدستور في تحديد الدور المجتمع المدني".

وفي ذات اللقاء، طالب رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني "بضرورة اعتبار الأحزاب شريكًا سياسيًا أساسيًا في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى، وحماية التعددية السياسية والحزبية من إكراهات أضعاف الأحزاب وتمييع دورها، وترقية التعايش السياسي بين مكونات الساحة السياسية"، وكذا "إفساح دور أكبر للأحزاب في الدفاع عن الحريات الإعلامية والسياسية والنقابية وفي مكافحة الفساد وإضفاء الشفافية"، فيما اعتبر السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش الذي سبق له تحذير السلطة من مغبة تشكيل ما وصفه مجتمعا مدنيا مزيفا وزبائنيا، إن "إرساء حياة سياسية وإعلامية ديمقراطية، من خلال تقوية دور الأحزاب، هو ضمانة لاستقرار سياسي مستدام وضروري لرفع التحديات الهائلة التي تواجهها الجزائر".

رئيس الجزائر "ينحاز" للمجتمع المدني

ومنذ اعتلائه السلطة نهاية عام 2019، قدم الرئيس تبون نفسه مرشحا باسم المجتمع المدني وعمل على توسيع مساحة نشاط الجمعيات والمنظمات المدنية وضمّن الدستور الذي صاغه في نوفمبر/ تشرين 2020 بنودا تخص إنشاء مجلس أعلى للشباب ومرصد وطني للمجتمع المدني، كما يركز رئيس الجزائر بشكل لافت في خطاباته على تأهيل المجتمع المدني لتأطير الساحة الجزائرية، عدا عن فسحه المجال واسعا في الانتخابات النيابية عام 2021، لممثلي المجتمع المدني بوصفهم مستقلين ومراهنته على فوزهم في تلك الانتخابات. وحل المستقلون في المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد بـ85 مقعدا في البرلمان من مجموع 407 مقاعد.

وحذر رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان من محاولات تحييد القوى السياسية، قائلا، إن "ضمور التنظيمات السياسية وتراجع الديناميكية في الطبقة السياسية في الجزائر يخلقان تأثيرًا سلبيًا مزدوجا، من حيث تكاثر الفاعلين الانتهازيين وتثبيط معنويات الأمة وإحباطها"، مشددا على أن "توضيح قواعد اللعبة السياسية واحترامها سيدفعان الفاعلين السياسيين إلى القيام بواجبهم وممارسة حقوقهم ضمن إطار قانوني"، مطالبًا بضرورة اجراء مراجعة تتيح إفساح دور أكبر للأحزاب السياسية في البلاد.

وقال خلال اللقاء الموسع "في هذه المرحلة، لا بد من تقييم دور الأحزاب السياسية وإدماجها في خدمة تنظيم المجتمع. ولذلك فهي تحتاج إلى قنوات مختلفة للتعبير تكون مُكتسبة بموجب القانون.. مع ذلك، فإن أي محاولة لبسط الأحادية من خلال الإكراه ستخلق ردة فعل من عدم الثقة بين المواطنين".

إلقاء الإخفاقات على القوى المدنية

وتفسر هذه المواقف قلقا سياسيا متراكما منذ فترة من قبل الأحزاب الجزائرية بشأن توسع مجال المجتمع المدني للتدخل في قضايا واستحقاقات سياسية، ومنافسة الأحزاب السياسية في مجالات نشاطها الحيوية، على الرغم من أن قانون الجمعيات وقانون النقابات الصادر مؤخرا يحظر أي نشاط سياسي لمثل هذه القوى المدنية، خاصة قبل ثلاثة أشهر ونيف من الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وقال الخبير في القانون الدستوري ورئيس حزب الحكم الراشد لـ"العربي الجديد"، إن "مواقف الأحزاب السياسية بهذا الشأن مبررة لكون المرحلة السابقة شهدت أخطاء وثغرات سمحت بوقوع تداخل بين عمل الجمعيات والأحزاب بصفتها الفاعل الرئيس في العمل السياسي، وأعتقد أن الرئاسة والسلطة السياسية استفاقت من هذه الهفوة، إذ سمعنا من المسؤولين تأكيدات على أن التدخل في العمل السياسي محظور بالنسبة للجمعيات".

لكن الناشط في المجتمع المدني نبيل كتاب يعتبر أن الأحزاب يجب ألا تلقي بإخفاقاتها السياسية على القوى المدنية، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قوى المجتمع المدني تحتفظ بحقها في التعبير عن انشغالات ومواقف في قضايا تخص الخيارات الكبرى للبلاد، قد تكون هذه المسائل تخص الشأن السياسي بالمعنى العام، لكنها ليست ذات صبغة حزبية، كما أن القوى المدنية في حال قرر ناشطوها خوض استحقاقات انتخابية، يصح ذلك لأن الدستور والقانون الانتخابي يتيح لهم ذلك كمستقلين، وبالتالي، واقعيا ليس هناك تعارض بين أدوار المجتمع المدني والقوى السياسية، بل هناك تكامل من حيث الدور والفعالية في تأطير المجتمع والشراكة المجتمعية".

المساهمون