أفرجت السلطات الجزائرية، اليوم الجمعة، عن عدد من الناشطين ومعتقلي الرأي، بعد قرار الرئيس عبد المجيد تبون إصدار عفو رئاسي بمناسبة الذكرى الثانية للحراك، شمل ما يقارب 60 ناشطا صدرت في حق بعضهم أحكام نهائية، وما زال البعض الآخر قيد التحريات والطعون، لكن عددا من الحقوقين يعتبر أن هذه الخطوة، على أهميتها، تضع السلطات أمام امتحان صدق النوايا ومحل اختبار جدي لضمان عدم تكرار إفراجات الثاني من يناير/كانون الثاني 2020 التي تلتها اعتقالات جديدة.
وأعلنت لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي الإفراج، صباح اليوم، عن 11 معتقلا من بين 30 متوقع خروجهم من السجون اليوم، وأفرج عن معتقلي الرأي بلال بادي وتهامي عبد المالك من سجن عين صالح، وسفيان سليماني من سجن وادي سوف جنوبي الجزائر، وأفرج عن الناشط محمد نايلي من سجن تبسة، ولحسن بن شيخ من سجن برج بوعريريج، ومحمد عثماني من سجن المسيلة شرقي الجزائر، كما أفرج عن كل من الناشطين علال قادري وقويدر بشارف من سجن سعيدة، وعلي مقراني من سجن الشلف، وعصام السايح من سجن تلمسان غربي الجزائر، وأفرج عن الناشط محمد الأمين بن مختار من سجن الحراش في العاصمة الجزائرية.
وقبل بدء عملية الإفراج، تنقلت عائلات المعتقلين وعشرات النشطاء والصحافيين والمصورين، منذ الصباح الباكر، إلى السجون التي يقبع فيها المعتقلون، كسجني الحراش والقليعة في العاصمة الجزائرية، ترقبا للإفراج عنهم بعد إتمام الإجراءات الإدارية المتعلقة باستفادتهم من قرار العفو الرئاسي. ونشرت اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي، التي تضم مجموعة من المحامين والحقوقيين، قائمة محينة، ضمت أسماء المعتقلين المتابعين في قضايا الرأي والتظاهر، بلغ عددهم 68 معتقلا موزعين على 27 ولاية.
وكان الرئيس تبون قد أعلن الليلة الماضية، في خطاب وجهه إلى الأمة هو الأول من نوعه منذ تسلمه السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2019، توقيعه عفوا رئاسيا عمّا يقارب 60 موقوفا من نشطاء الحراك الشعبي، استجابة لدعوات سياسية طالبت بتدابير تهدئة، بينهم 30 ناشطا تقرر إخلاء سبيلهم فورا، بينما ينتظر استكمال التحريات وصدور الأحكام النهائية على الـ30 المتبقين، وبينهم الصحافي خالد درارني، حيث لا يسمح القانون الجزائري بتطبيق عفو رئاسي على من لم تصدر بحقهم أحكام نهائية.
وقال الناشط الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي لـ"العربي الجديد"، قبالة سجن القليعة في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية: "نتمنى أن يكون قرار العفو خطوة أولية حقيقية نحو فتح باب الحريات التي أغلقتها السلطة السياسية منذ سنوات، وزادت قمعا وفتكا بالمناضلين منذ يونيو 2019 في قضايا الراية الأمازيغية وعلى أساس منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، وغلقا للمجال الإعلامي والسياسي"، ثم أضاف: "إذا كان هذا العفو سيمهد لأرضية جديدة تفتح مجال الحريات وتكرس الحقوق المدنية والسياسية؛ فهذا شيء نقول إنه لبنة أولى، أما إذا كان هذا العفو سيعيدنا إلى ما حدث في الثاني من يناير 2020، عندما تم الإفراج عن 72 معتقلا، لكن بعدها بأسبوع عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وعادت السلطة إلى اعتقال المواطنين في المظاهرات".
وأكد بادي أنه "إضافة إلى العفو، نطالب السلطة بأن تقر بأنها أخطأت وعليها أن ترد الاعتبار لهؤلاء المعتقلين، لأن من صدر في حقهم قرار عفو لم يقوموا في الحقيقة سوى بممارسه حقهم، على السلطة أن تتشجع، والأهم من هذا كله أن نمر إلى مرحلة جديدة لا تقمع فيها الحريات ولا الأصوات المعارضة، وأن ننفتح سياسيا وإعلاميا ونمر إلى دولة ديمقراطية".
وتأخذ مخاوف وتحفظات المحامي عبد الغني بادي مشروعيتها من الواقع السياسي، حيث جرت، اليوم الجمعة، سلسلة اعتقالات لعدد من الناشطين في عدة ولايات عند محاولتهم التجمع لتنظيم وقفات الجمعة 106 للحراك الشعبي، إذ اعتقلت الشرطة ناشطين في مدن المسيلة والشلف وتلمسان وسكيكدة، كما اعتقلت الشرطة ناشطين بمجرد خروجهم من المسجد باتجاه ساحة البلدية في مدينة ورقلة، بينهم الكاتب نذير بوخطة، واقتيدوا إلى مراكز الأمن، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم.