طلبت وزارة العدل الجزائرية من البرلمان، اليوم السبت، إسقاط وسحب الصفة النيابية من نائب يمثل الجالية الجزائرية (المنطقة الثانية التي تمثل جنوب فرنسا)، بسبب خدمته السابقة في لفيف أجنبي (مرتزقة) يتبع للجيش الفرنسي، فيما قدّمت طلبات جديدة لرفع الحصانة عن تسعة نواب آخرين، تمهيداً لملاحقتهم قضائياً بتهم فساد.
وأصدر رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) تعليمة تنصّ على منع النائب بخضرة محمد، الذي يمثل الجالية في جنوب فرنسا، من دخول مبنى البرلمان، بعد حصول السلطات على ملف ووثائق تثبت انضمام النائب الذي فاز بالمقعد النيابي ضمن قائمة "الجبهة الوطنية الجزائرية" في الانتخابات الأخيرة إلى اللفيف الأجنبي (مجموعة مرتزقة) التابع للجيش الفرنسي، كممرض في وحدات الجيش الفرنسي بين عامي 2002 و2005، وقد حصل بموجبه على الجنسية الفرنسية، وأدى مهمات في الخارج، وخصوصاً في تشاد.
ويمنع القانون الجزائري التحاق الرعايا الجزائريين بتنظيمات مسلّحة في الخارج، سواء كانت نظامية أو غير نظامية، ويوجه في الغالب تهم الانضمام إلى مجموعة مسلّحة لمن يقدمون على ذلك، وتصبح الحساسية أكبر بالنسبة لهذه القضايا عندما يتعلق الأمر بمجموعات مسلحة تديرها فرنسا، لاعتبارات سياسية وتاريخية، بخلاف أداء الخدمة الوطنية التي تسمح الاتفاقيات بين الجزائر وفرنسا، للجزائريين المقيمين في فرنسا بموجبها، إمكانية أدائها في الجيش الفرنسي.
ويفرض القانون على لجنة الشؤون القانونية للبرلمان إبلاغ النائب بطلب سحب الصفة النيابية وإسقاط عضويته في البرلمان، وتخييره بين التنازل الطوعي، أو عرض القرار على الجلسة العامة، لكن النائب وافق على تسليم شارته، وإسقاط عضويته طوعياً، وقرر المغادرة إلى فرنسا.
وتعيد هذه القضية طرح تساؤلات حول الإخفاق الاستباقي للسلطات والأجهزة الأمنية والسلطة المستقلة للانتخابات في تدقيق ملفات عدد من النواب في البرلمان قبل ترشحهم، وفشلها في معالجة دقيقة لملفاتهم، بينما كانت قد سارعت إلى إقصاء ناشطين من الترشح لمجرد تعبيرهم عن مواقف سياسية والمشاركة النشطة في الحراك الشعبي.
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر نيابية لـ"العربي الجديد" أنّ السلطات القضائية أرسلت قبل أسبوع إلى مكتبي مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني عدداً من إخطارات تخصّ طلبات رفع الحصانة عن تسعة نواب من الغرفتين، أغلبهم ينتمون إلى حزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، تمهيداً لملاحقتهم في قضايا فساد.
وأكدت المصادر أنّ اللجنة القانونية للبرلمان وافقت على قرار رفع الحصانة عن أربعة منهم، بانتظار دراسة ملفات باقي النواب المعنيين.
وفي الدستور الجديد الذي تم التصويت عليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، حصرت المادة 129 من الدستور الحصانة النيابية في الأعمال المرتبطة بممارسة المهام النيابية فقط، فيما تسقط الحصانة عن باقي القضايا غير المرتبطة بالمهام البرلمانية.
وفي نفس السياق، تم إخطار 65 نائباً في البرلمان بوجود حالات تنافي بين العهدة النيابية ومهام أخرى، ومنحت لجنة الشؤون القانونية للبرلمان النواب مهلة شهر لإنهاء حالات التنافي مع العهدة النيابية، حيث يمنع الدستور الجمع بين وظيفة النائب وأي وظيفة أو إدارة مصالح أخرى، عدا التعليم العالي وممارسة الطب.