الجزائر: لجنة خاصة لتقصي ملفات "إسلاميين" قضوا ثلاثة عقود في السجون.. أمل في عفو رئاسي
كلفت الرئاسة الجزائرية لجنة خاصة لتقصي ملف ما يعرف "بسجناء التسعينيات"، وإحصائهم في السجون التي يتواجدون فيها منذ أكثر من عقدين ونصف، لصياغة تقرير يرفع بشأنهم إلى الرئيس، عبد المجيد تبون، الذي يعتزم إقرار عفو بشأنهم.
وأعلنت "تنسيقية عائلات المساجين السياسيين" أن رئاسة الجمهورية أوفدت لجنة إلى سجن عين وسارة، 220 كيلومترا جنوبي العاصمة الجزائرية، وسجن سيدي بلعباس، غربي البلاد، "التقت بكل سجناء التسعينيات في كلا السجنين المذكورين، ثلاثة أيام قبل حلول شهر رمضان"، حيث أبلغت المساجين أنها تقوم بجمع القوائم لكل سجناء فترة التسعينيات، وأنه سيتم حال الانتهاء من جمع كل القوائم، تقديمها إلى مكتب الرئيس الجزائري.
وذكرت التنسيقية في بلاغ لها أن أعضاء اللجنة أبلغوا المساجين، الذين يقضي بعضهم أكثر من 29 سنة في السجن لأسباب سياسية تخص انتماءهم للجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة منذ مارس/آذار 1992)، أنه "سيكون هناك عفو شامل" بشأنهم، دون تحديد تاريخ أو أجل زمني للإعلان عنه. ويُعتقد أن يكون توجه الرئيس تبون للعفو عن هؤلاء المساجين، ضمن تعهدات كان أعلنها في 20 أغسطس/آب الماضي، خلال استقباله في الرئاسة لشخصيات سياسية وقادة أحزاب من مبادرة قوى الإصلاح، كان بينها القيادي في جبهة الإنقاذ علي جدي (توفي بعد ذلك)، ونقلت عنه هذه الشخصيات تعهدات بمعالجة ملف مساجين التسعينيات "بما يحقق ترقية المصالحة الوطنية ويطيب الخواطر ويجبر الكسر".
وأبدت "تنسيقية عائلات المساجين السياسيين" التي تضم عائلاتهم وناشطين حقوقيين وتتابع الملف منذ سنوات، تفاؤلها بإمكانية أن تؤدي هذه الخطوة إلى الإفراج عن المساجين وعودتهم إلى عائلاتهم، على الرغم من وجود لجنة رسمية مماثلة قامت بفحص ملف هؤلاء المساجين عام 2006، بعد إقرار قانون المصالحة الوطنية وتدابير السلم في سبتمبر/ أيلول عام 2005، و كانت التنسيقية نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل، الاثنين الماضي، للمطالبة بفتح الملف وإنقاذ المساجين من غياهب السجون.
وقال المتحدث باسم التنسيقية، مصطفى غزال، خلال تلك الوقفة: "نطلب من الشعب الجزائري وأنصار قضيتنا العادلة مساندتنا ودعمنا في هذه القضية، للعمل على إطلاق سراح كل المساجين، لا يمكن أن تبقى هذه القضية حبيسة الجدران والمكاتب"، مضيفاً أنه "لا يعقل أن يبقى سجين لمدة 30 عاماً في السجن بتهم لا إثبات عليها، بعضهم حوكموا بالنوايا من قبل محاكم غير دستورية، وأغلبهم مرضى ويعيشون مأساة هم وعائلاتهم يموتون في السجون".
وفي 29 مارس/آذار الماضي ، أُعلن عن وفاة السجين السياسي، بن رزق الله عبد القادر، في سجن غيلزان، بعدما قضى 29 سنة وراء القضبان، حيث كان يعاني من أمراض مزمنة خاصة الربو، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن عن وفاة السجين السياسي، محمد عبدلي، في سجن تازولت بباتنة، حيث كان يعاني من أمراض عدة بينها ضيق التنفس، وتوفي عن عمر يناهر 58 عاماً، قضى منها 28 سنة في الاعتقال، بعد ادانتهما من قبل المحاكم الخاصة في التسعينيات.
ومنذ بدء الحراك الشعبي، صارت صور هؤلاء المساجين ترفع في المظاهرات، وكذا لافتات تتبنى قضيتهم وتطالب بالافراج عنهم، وتحصي تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين أكثر من 160 سجيناً سياسياً، تقول إنهم كانوا ضحايا للتعسف الأمني والقضائي خلال الأزمة الأمنية بداية التسعينيات، وأغلب هؤلاء المساجين من كوادر ومناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ومحكوم عليهم بأحكام بين الإعدام والسجن المؤبد، عن تهم الإنتماء إلى مجموعات مسلحة والسعي لقلب نظام الحكم والتمرد على الأوامر العسكرية بالنسبة لبعض العسكريين المتعاطفين مع جبهة الإنقاذ (محظورة منذ مارس/آذار 1992)، من قبل محاكم خاصة غير دستورية أُنشئت في ظل حالة الطوارئ التي أقرها الجيش بعد توقيف المسار الانتخابي في يناير/كانون الثاني 1992، ولم تكن تتوفر فيها بحسب المنظمات الحقوقية ظروف المحاكمات العادلة، ولم يجر تطبيق قانون المصالحة الوطنية الصادر باستفتاء شعبي في سبتمبر/ أيلول 2005، والذي يتضمن العفو عن المساجين في قضايا الإرهاب على هؤلاء، بالرغم من أنهم ليسوا من الفئات التي يستثنيها هذا القانون من العفو (المتورطين في جرائم تفجيرات في أماكن عمومية واغتصاب وارتكاب مجازر خلال الأزمة الأمنية)، باعتبار أن الجزائر لم تكن حين اعتقالهم بداية التسعينيات قد عرفت هذا النوع من الأحداث.