تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، قراراً حول الوضع الإنساني في أوكرانيا، تقدمت به كييف وقادت المفاوضات حوله المكسيك وفرنسا. وحصل القرار على تأييد 140 دولة ومعارضة خمس دول وامتناع 38 دولة عن التصويت. ويحتاج القرار في هذا السياق لثلثي الأصوات لتبنيه.
وتُحسب أصوات الدول التي صوتت بنعم أو لا، ولا تحسب أصوات الدول التي امتنعت أو تلك التي لم تصوت أصلاً، حيث توجد 193 دولة عضوة في الجمعية العامة. ولأنّ القرار يتخذ تحت بند "متحدون من أجل السلام" فهو يحتاج لأغلبية الثلثين وليس الأغلبية البسيطة العادية، أي خمسين بالمئة زائد واحد.
Vote outcome: 140 yes | 5 no | 38 abstentions. • The UN General Assembly demands aid access and civilian protection in #Ukraine, criticizing #Russia for creating a "dire" humanitarian situation in the country. pic.twitter.com/ywDBdj7n0u
— The UN Times (@TheUNTimes) March 24, 2022
وهذا هو القرار الثاني الذي تتبناه الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر الحالي حول أوكرانيا. وفي حين ركز القرار الذي تم تبنيه اليوم على المطالبة بوقف الأعمال العدائية وحصار المدن وتقديم المساعدات الإنسانية؛ فإن القرار الأول الذي تم تبنيه في الثاني من الشهر الحالي، ركز على الوضع السياسي، حيث شجب الاجتياح الروسي لأوكرانيا وأكد على وحدة الأراضي الأوكرانية وسلامتها، كما طالب روسيا بالانسحاب الفوري والكامل من الأراضي الأوكرانية. وهي عناصر أعاد القرار الذي تم تبنيه اليوم التأكيد عليها.
أما القرار الذي تبنته الجمعية العامة اليوم فحمل عنوان "العواقب الإنسانية للعدوان على أوكرانيا". ويشير القرار إلى "التزام جميع الدول بموجب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، بأن تمتنع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة".
كما يعيد التأكيد على التزام الجمعية العامة "بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، التي تمتد إلى مياهها الإقليمية". ويسلم القرار بأنّ "الهجوم العسكري الذي شنه الاتحاد الروسي داخل الأراضي الأوكرانية ذات السيادة، والعواقب الإنسانية الناجمة عنه بلغا نطاقاً لم يشهده المجتمع الدولي في أوروبا منذ عقود"، كما أعاد مطالبة روسيا بوقف هجومها والانسحاب من الأراضي الأوكرانية بشكل فوري وكامل.
ويطالب القرار بـ"الوقف الفوري للأعمال العدائية التي يشنها الاتحاد الروسي على أوكرانيا، ولا سيما أي هجمات على المدنيين والأعيان المدنية"، كما يطالب بتوفير الحماية الكاملة للمدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والطبي والصحافيون وغيرهم.
ويشدد القرار على أنّ "محاصرة المدن في أوكرانيا، ولا سيما مدينة ماريوبول، يزيد من تفاقم الحال الإنسانية للسكان المدنيين ويعرقل جهود الإجلاء، ومن ثم يطالب بإنهاء حالات الحصار"، كما يكرر القرار طلب الجمعية العامة من "منسق الإغاثة في حالات الطوارئ أن يقدم تقريراً عن الحال الإنسانية في أوكرانيا وعن الاستجابة الإنسانية". كما يطلب من "الأمين العام أن يوافي الجمعية العامة بإحاطة منتظمة بشأن تنفيذ القرار".
وشهد الاجتماع جدلاً بين ممثلة جنوب أفريقيا وممثل أوكرانيا. وكانت جنوب أفريقيا قد صاغت مشروع قرار آخر خاصاً بها حول الوضع الإنساني وتقديم المساعدات الإنسانية في أوكرانيا يختلف عن المشروع الأوكراني الذي تم تبنيه بعدد من النقاط. وطلبت التصويت عليه كذلك. لكن الجمعية العامة لم تتمكن من التصويت على مشروع قرار جنوب أفريقيا.
فبموجب المادة 91 من إجراءات التصويت المتعلقة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي حال "قدم اقتراحان أو أكثر حول مسألة واحدة؛ فإنه يتم التصويت على الاقتراحات (مسودات القرارات) حسب ترتيب تقديمها. وبعد التصويت على أي مسودة، فللجمعية العامة أن تقرر ما إذا كانت ستصوت على الاقتراح التالي في الترتيب".
ولأن أوكرانيا وزعت مسودتها قبل جنوب أفريقيا فإنّ التصويت على مشروعها سبق التصويت على مشروع جنوب أفريقيا. وصوتت خمسون دولة لصالح التصويت على مشروع جنوب أفريقيا في حين صوتت 67 ضد عرض المشروع للتصويت، وامتنعت 36 دولة عن التصويت، مما عنى أنّ أغلبية الدول اعترضت على عرض مشروع قرار جنوب أفريقيا للتصويت.
وتحدثت مندوبة جنوب أفريقيا عن تعاطف بلادها والكثير من الدول مع أوكرانيا وشعبها. وعللت توزيع بلادها لمشروع قرار إضافي والطلب بالتصويت عليه لأسباب عدة. ومن بينها "أهدافنا في الجمعية يجب أن تتمثل بالتوصل إلى نتيجة بناءة تفضي إلى سلم مستدامٍ وتعالج كذلك المعاناة الإنسانية". ثم أضافت: "إن مشروع القرار (الذي تقدمت به أوكرانيا وتبنته الجمعية) لا يعالج هذه النواحي. جنوب أفريقيا تؤيد عدداً من البنود بما فيها الوقف الفوري للأعمال العدائية، وإعادة التأكيد على سلامة الأراضي وسيادة أوكرانيا وكذلك إنشاء ممرات آمنة. كما نؤيد الدعوة لتقديم الحماية الكاملة للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني والطبي".
ولفتت الانتباه إلى أنه "يحتوي على عناصر تجعل من الصعب أن يستجيب لشواغل الجمعية العامة، حيث يتعين على كافة أطراف النزاع أن يكونوا جزءاً من أي نتيجة نتبناها، ولا بد من تقديم نص يركز بشكل واضح على المعاناة الإنسانية للمجموعات المتضررة. الاعتبارات السياسية التي قد تجعل دولة ما لا توافق على النص يجب معالجتها في مكان آخر. يجب أن يركز القرار الإنساني الحيادي على الاستجابة إلى الاحتياجات الإنسانية".
ومن اللافت أن مشروع جنوب أفريقيا، والذي لم يتم التصويت عليه، لا يذكر روسيا بالاسم، واكتفى بالإشارة إلى "الصراع في أوكرانيا". كما نصت المسودة على ضرورة وقف الأعمال العدائية كخطوة أولى للتباحث، إضافة إلى الإشارة إلى العمليات الإنسانية وتقديم المساعدات وحماية العاملين في المجال الإنساني، دون الإشارة إلى حصار المدن بما في ذلك حصار ماريوبول.
وفي سياق متصل صوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار روسي في مجلس الأمن ليل الأربعاء، يتعلق كذلك بتقديم المساعدات الإنسانية دون أن يذكر روسيا بالاسم أيضاً. وصوتت روسيا والصين فقط لصالح القرار في حين امتنعت بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن عن التصويت (13 دولة من أصل 15 دولة عضواً في المجلس). ولم تحتج أي من الدول دائمة العضوية الأخرى (فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا) إلى استخدام حق النقض (الفيتو) لأن القرار لم يحصل على الحد الأدنى من الأصوات لتبنيه، أي تسعة أصوات.