شكّل الهجوم الذي نفذه تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، غربي محافظة شمال سيناء، في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، صدمة خصوصاً بعدما كان الجيش المصري قد فرض سيطرته على غالبية المناطق التي كان ينتشر فيها التنظيم شرقي المحافظة، ولا سيما في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وصولاً إلى بئر العبد، بالإضافة إلى مناطق وسط سيناء.
وباتت حركة التنظيم الإرهابي نادرة في هذه المناطق، كما أن الهجوم الدموي حصل بعد أشهر طويلة من الهدوء. ولا تكمن الصدمة في التوقيت فحسب، بل أيضاً في مكان الهجوم، وهو في منطقة جلبانة، التي تبعد 15 كيلومتراً عن قناة السويس، الممر الملاحي المهم للدولة المصرية اقتصادياً وأمنياً.
تفاصيل هجوم جلبانة
وفي التفاصيل، كشفت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" ما جرى في منطقة بئر أبو عروق، في منطقة جلبانة، التابعة لمدينة القنطرة، إحدى مدن محافظة الإسماعيلية. وأشارت إلى أن مجموعة مسلحة من تنظيم "ولاية سيناء" اختطفت ستة أفراد من سكان المنطقة، ونقلتهم إلى الظهير الصحراوي. ما دفع الأهالي للاستنجاد بقوات الجيش، بعد ورود أنباء عن أن الاختطاف تمّ بادّعاء عمل المختطفين لمصلحة قوات الأمن المصرية.
ودفع هذا الأمر بقوة عسكرية مصرية لتمشيط المنطقة الصحراوية المحاذية للقرية، وهناك نصب التنظيم كميناً عسكرياً للقوة المصرية، شمل تفجير عبوة ناسفة في جيب هامر تابعة لقوات الجيش، ما أدى لمقتل كل من كان فيه من ضباط وجنود.
تنظيم "ولاية سيناء" وصل إلى أطراف قناة السويس
وأضافت المصادر أن مسلحي "ولاية سيناء" عادوا للظهور مجدداً بعد وقوع الهجوم، وتجولوا في المنطقة بكاملها، وصوروا بكاميراتهم مكان وقوع التفجير، وآثار الهجوم، وبقايا الجيب العسكري، ومقتنيات الجنود التي كانت بحوزتهم وقت الانفجار.
وأشارت المصادر إلى أنه الهجوم الأول الذي تتعرض له المنطقة في تاريخ "الحرب على الإرهاب في سيناء" منذ عام 2011، ما أصاب كل سكان منطقة جلبانة بالقلق والذعر من وصول التنظيم إلى منطقتهم.
وتُنذر المخاطر بموجة مفتوحة من الهجمات والهجمات المضادة لقوات الجيش، التي عززت وجودها في المنطقة في أعقاب الهجوم، لملاحقة عناصر التنظيم. وكان خمسة عسكريين مصريين قد قتلوا في هجوم 25 يناير وهم، محمد عاطف خضر، وإسلام محمد راشد، ومحمد ثروت، وطارق وليد طارق عبد الحفيظ، وحسنين وليد حجاج.
وحول التطورات الجديدة، قال أحد الشيوخ القبليين في جلبانة لـ"العربي الجديد"، إن ما جرى في المنطقة يدق ناقوس الخطر، لما يحمله الهجوم من رسائل واضحة لقوات الأمن المصرية، بأن تنظيم "ولاية سيناء" وصل إلى أطراف قناة السويس، بعد سنوات من الحرب.
ولفت إلى أنه فيما لم تسجل في المنطقة أية حوادث منذ عام 2013، كانت مناطق شرق سيناء تشتعل نتيجة هجمات التنظيم. وكشف أنه وصلت رسائل من قوات الجيش لشيوخ المنطقة بأنه لن يتم السماح بوجود التنظيم في المنطقة مهما كلف الأمر ذلك، وسيتم البدء بعملية عسكرية لملاحقة مجموعات "ولاية سيناء" في الظهير الصحراوي المحاذي لجلبانة.
ملامح عملية عسكرية للجيش المصري
وأوضح الشيخ القبلي أن ملامح العملية العسكرية بدأت بالظهور من خلال تعزيز قوات الجيش لانتشارها في محيط جلبانة والظهير الصحراوي، وسط تحليق مكثف لطائرات حربية بدون طيار في سماء المنطقة، إلا أن عناصر التنظيم ما زالوا يظهرون للعيان بين فترة وأخرى، لشراء المستلزمات الخاصة بهم وغيرها.
وأشار إلى أن حالة من القلق تسود بين المواطنين من إمكانية تعرضهم للأذى على يد التنظيم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في ظل قدرة عناصر "ولاية سيناء" على اختطاف مواطنين من داخل منازلهم، وعجز الأمن المصري على حمايتهم.
تنظيم "ولاية سيناء" وصل إلى أطراف قناة السويس
ودعا الشيخ القبلي إلى تجنيب المواطنين مخاطر الصراع بين الطرفين، ومحاولة إبعاد الهجمات العسكرية قدر المستطاع عن المناطق السكنية خلال الأيام المقبلة.
ويشار إلى أن مناطق القنطرة شرق وقراها تعيش حالة من الإهمال الحكومي منذ سنوات طويلة، خصوصاً على صعيد المياه الصالحة للشرب، والكهرباء، والاتصالات، بالإضافة إلى البنى التحتية بما يشمل الطرقات وغيرها.
ويعتمد سكان تلك المناطق على الزراعة والعمل خارج المحافظة لتوفير قوت يومهم، إلا أن عددا منهم اتجه للعمل في التهريب عبر قناة السويس، في ظل عدم توافر فرص عمل للمواطنين، ما فتح الباب واسعاً أمام انتشار تنظيم "ولاية سيناء" في الفترة الأخيرة.