استمع إلى الملخص
- جماعة الحوثيين استولت على أرباح بـ240 ألف دولار من الشركتين الدوائيتين في 2022، مستخدمة الحارس القضائي لتحقيق مكاسب مالية وتأثير سلبي على الاقتصاد والصحة في اليمن.
- وظيفة الحارس القضائي تعكس تدخل الحوثيين في السلطة القضائية، مما يقوض مبدأ الفصل بين السلطات ويؤدي إلى تقويض النظام القانوني والعدالة في اليمن.
يشكل ما يُعرف بالحارس القضائي للحوثيين في اليمن، أداة تستخدمها الجماعة منذ عام 2017، للسيطرة والسطو على عقارات وأملاك معارضين لها، في مناطق سيطرتها في اليمن. آخر فصول ما أقدم عليه الحارس القضائي للحوثيين في اليمن، قبل أيام، مع شركتين دوائيتين، يسلّط الضوء على ممارساته وممارسات الجماعة من خلفه، لاسيما في ما يتعلّق بكيفية جنيها الأموال عبر نهب ممتلكات اليمنيين.
الحارس القضائي للحوثيين
وأقدمت جماعة الحوثيين في اليمن، عبر ما يسمى الحارس القضائي، وهو القيادي الحوثي صالح دبيش، يوم الأحد الماضي، على اقتحام "الشركة الدوائية الحديثة" و"الشركة العالمية لصناعة الأدوية"، كبريات شركات صناعة الأدوية في اليمن، واعتقال عدد من مديري الشركتين من دون مسوغ قانوني، حيث اقتحمت فرعي الشركة في كل من محافظتي ذمار وعمران وهدّدت مدير فرع إب، وهي كلّها محافظات شمالية واقعة تحت الحوثيين.
سخّرت الجماعة عبر الحارس القضائي الكثير من المؤسسات والشركات لمصلحتها، كما قامت بتوزيع بعضها على قيادات في الجماعة
واستولت الجماعة على أرباح المساهمين في الشركتين، والذين وردت أسماؤهم في "قائمة الحوثيين" طوال السنوات السبع الماضية. ووصلت هذه الأرباح خلال عام 2022 فقط إلى 240 ألف دولار، بنسبة 13% من إجمالي أرباح الشركة، إلا أن هذا لم يكن كافياً للحوثيين، وقرروا أخيراً الاستيلاء الكامل على الشركتين بمبرر إضافة أسماء جديدة لقائمتهم المزعومة.
مصدر في الشركة طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، قال لـ"العربي الجديد"، إنه يوجد في الشركة العديد من المساهمين، وهناك أربعة مساهمين طالبت جماعة الحوثيين بأرباحهم، وظلت الشركة تدفع أرباح المساهمين خلال سبع سنوات حتى لا تصطدم مع الحوثيين ويستمر عمل الشركة. ولكن لم يكتفِ الحارس القضائي للحوثيين القيادي الحوثي صالح دبيش، بذلك، بل قام بإضافة أسماء مساهمين آخرين من ضمنهم المرحوم الدكتور طارق سنان أبو لحوم. ولما أوضحت إدارة الشركة أن هؤلاء ليست عليهم أي أحكام وأنه ليس هناك أي مبرر لمصادرة حقوقهم، قام الحارس القضائي للحوثيين باختطاف المهندس عبد الخالق الغولي من منزله وسجنه في مكان مجهول.
وأضاف المصدر أنه يوم الأحد الماضي تمّ التهجم بأطقم مسلحة على إدارة الشركة، واعتقال عدد من المديرين، من ضمنهم مديرة المشتريات في الشركة فاطمة عيشان، دون مراعاة للأخلاق والأعراف والتقاليد اليمنية. وتنتظر الشركة الدوائية بحسب المصدر، الإفراج عن المعتقلين، ورفع يد الحارس القضائي للحوثيين القيادي صالح دبيش وعجرفته عن الشركة، حيث لا يوجد أي مسوغ قانوني لما يقوم به، مع العلم أن الأرباح التي تسلمها الحوثيون خلال عام 2022 فقط بلغت 240 ألف دولار.
سلطة موازية
واستحدثت جماعة الحوثيين في العام 2017، بقرار من محكمة أمن الدولة التابعة لها، وظيفة الحارس القضائي للحوثيين وعيّنت شخصاً فيها، واعتبرتها سلطة موازية لنهب أموال المعارضين. إذ ينهب الحارس القضائي للحوثيين الممتلكات ويصرفها، وبعد ذلك، تشرعن المحكمة الحوثية هذا الإجراء.
نجيب الصبري: مليشيا الحوثيين تحاول شرعنة السطو غير القانوني بأحكام ملفقة
وعيّنت الجماعة القيادي فيها صالح مسفر الشاعر، حارساً قضائياً، وهذا الشخص أدرجه مجلس الأمن الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ضمن لائحة العقوبات، بسبب المشاركة وقيادة الحملات العسكرية للحوثيين التي تهدّد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، كما أدرجته وزارة الخزانة الأميركية في قائمة العقوبات، إذ أفادت في بيان لها بأنه أشرف على مصادرة الحوثيين لممتلكات تقدّر بأكثر من 100 مليون دولار، مستخدماً مجموعة متنوعة من الأساليب غير المشروعة.
ومنذ تعيين الحارس القضائي للحوثيين، عمدت الجماعة إلى نهب منازل وعقارات وأراضٍ عامة وخاصة والاستيلاء عليها، وكذلك مدارس وجامعات ومعاهد خاصة، وجمعيات ومؤسسات خيرية، ومراكز صحية ومستشفيات، وشركات أدوية، وقامت بتسخيرها لمصلحتها، كما قامت بتوزيع بعضها على قيادات في الجماعة.
ومن أبرز المؤسسات التي طاولها النهب عبر الحارس القضائي للحوثيين في اليمن، شركة سبأفون للهاتف النقال، ومستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومستشفى "سيبلاس للتجميل وأطفال الأنابيب"، ومستشفى "الأمومة والطفولة" و"مستشفى مغربي للعيون".
وقال تقرير صادر عن مركز صنعاء للدراسات مطلع العام 2022، إن الجماعة "صادرت أموال وممتلكات 1223 شخصا من المناهضين لها، وعهدت لنظام الحارس القضائي للحوثيين بإدارتها. وكشف التقرير أنه "خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019، صادر الحارس القضائي ملكية 37 شركة تابعة لشخصيات مناهضة للحوثيين مقيمة في الخارج، منها أموال وأصول لا تقل قيمتها عن 50 مليار ريال (83 مليون دولار أميركي بسعر الصرف حينها).
وذكر التقرير أنّ نظام الحارس القضائي "أداة سلطة موازية استخدمها الحوثيون لنهب أموال الآخرين، ويعكس عمله تدخلاً صريحاً في سلطات وصلاحيات السلطة القضائية، وتقويضاً لمبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
المحامي نجيب الصبري، قال لـ"العربي الجديد"، إنه "لا قانونية للحارس القضائي الذي عينته مليشيا الحوثي، فالمعروف قانوناً أن الحارس القضائي يتم تعيينه وفقاً للطرق القانونية لقضية ما، ووظيفته هي التحفظ على أحد ممتلكات المدين وإدارتها، وذلك بهدف تنفيذ الحكم القضائي، بينما قامت مليشيا الحوثي بتعيين شخص يقوم بنهب الممتلكات ومصادرتها، ومن ثم يتم استصدار أحكام قضائية من قضاة موالين للمليشيا لشرعنة الإجراءات، وهي إجراءات باطلة قانوناً" وفق تأكيده.
وأوضح المحامي نجيب الصبري أن "القانون اليمني ينص على أن الحارس القضائي ليس شخصاً محدداً بعينه كما عينت مليشيا الحوثيين، بل يختلف في كل قضية وفقاً لطبيعتها، إما باتفاق أطراف النزاع في قضية معينة، أو تعيّن المحكمة حارساً قضائياً يدير شركة أو عقاراً متنازعاً عليه حتى لا تفلس إلى حين حلّ النزاع". وأكد المحامي أنّ "مليشيا الحوثيين تحاول شرعنة السطو غير القانوني بأحكام ملفقة من قضاة المحاكم الجزائية المتخصصة في صنعاء، والتي أصدر مجلس القضاء الأعلى في عدن قراراً بإلغائها، وبالتالي فإنّ ما يصدر عن هذه المحاكم غير قانوني ولا يعتد به".