عمدت الفضائيات المصرية الرسمية والمملوكة لأجهزة نظام عبد الفتاح السيسي والموالية له إلى بث نقل مباشر من ميادين وشوارع العديد من المناطق الخالية التي لم تشهد حراكاً شعبياً، اليوم الجمعة، ضد النظام، في محاولة للتعتيم على خروج آلاف المواطنين في أنحاء متفرقة من الجيزة والمنيا وأسيوط ودمياط والمنوفية في مسيرات أكبر وأوسع من مظاهرات الأحد والاثنين الماضيين، تطالب بإسقاط حكم السيسي، على خلفية سوء الأوضاع الاقتصادية والتعسف الحكومي المستمر في ملف التصالح في مخالفات البناء.
وأفادت مصادر "العربي الجديد"، مساء اليوم الجمعة، بمقتل ثلاثة شبان برصاص قوات الأمن، بعدما انتشرت أنباء عن ذلك، على مجموعات التواصل الخاصة بأهالي مركز العياط.
وأفادت مصادر "العربي الجديد"، بأنّ ثلاثة شباب لقوا حتفهم اليوم برصاص الداخلية في مواجهات تمت بقرية البليدة بالعياط الجيزة. والقتلى هم: سامي وجدي سيد بشير (25 سنة)، ورضا محمد حامد ابو أمام (22 سنة)، ومحمد ناصر حمدي (13 سنة)، فضلاً عن إصابه آخرين.
سامى وجدي بشير أحد قتلى التظاهرات
كما أكد مصدر بوزارة الصحة، إصابة حوالي 17 شخصاً بجروح برصاصات مطاطية بقرى الكداية والرقة القبلية والعطف والشوبك الشرقي والبليدة بالجيزة.
وبينما زادت حدة المظاهرات في قرى مراكز أطفيح والعياط والصف ذات الطابع الريفي بالجيزة، بعد صلاة الجمعة، أصدر محافظ الجيزة بياناً في محاولة لتهدئة الأوضاع واحتواء غضب الأهالي، بإعلانه عمل الحكومة على توريد إنتاج مصانع الطوب بالصف وأطفيح بصفة دورية لاستخدامها فى المشروعات الحكومية الجاري تنفيذها لحين الانتهاء من المعايير المنظمة لأعمال البناء والتشييد خلال الفترة المقبلة واستعادة عجلة الإنتاج والتوريد بصورتها الطبيعية.
ويعتبر قرار وقف البناء الذي اتخذه السيسي هذا العام وسوف يستمر حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من الأسباب الرئيسية للغضب الشعبي المتصاعد في تلك المناطق، التي تضم أكثر من ستمائة وخمسين مصنعاً لإنتاج الطوب، بما يمثل 65% من الإنتاج المحلي، والتي توقفت النسبة العظمى منها عن العمل بسبب وقف الإنشاءات، وعدم اعتماد مشروعات الجيش والحكومة على إنتاج تلك المصانع.
ولم يؤثر إعلان القرار على حدة المظاهرات المستمرة حتى مساء اليوم في العديد من قرى الجيزة، رغم اقتحامها من قبل قوات الأمن وتشديد الحصار عليها.
وألقت الشرطة المصرية القبض على العشرات من المواطنين في قرى الكداية والديسمي والشوبك الشرقي والبرمبل بمحافظة الجيزة، بعد خروجهم، اليوم، في مسيرات شارك فيها المئات من المواطنين ضد نظام السيسي، كما تم تسجيل حالات اعتقال أخرى بمدن لم تشهد أي مظاهرات بسبب كتابات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لمصادر أهلية، ما زالت شوارع بعض القرى بمحافظات الجيزة والمنيا ودمياط مكتظة بالمواطنين الغاضبين، الذين يصرّون على إكمال المظاهرات حتى نهاية اليوم، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وسياسة الدولة المتعسفة في ملف التصالح في مخالفات البناء، والتهديد بهدم آلاف المنازل التي تزعم السلطات أنها مخالفة.
وفي قرية الكداية، التي شهدت حتى الآن خلال خمسة أيام مظاهرات متعددة ضد النظام، لم يمنع الحصار الأمني الأهالي من التجمع بعد صلاة الجمعة بقليل، والسير في مظاهرات وترديد هتافات مناوئة للسيسي، ومنددة بحملة الاعتقالات التي طاولت العشرات من شبان القرية خلال الأيام الماضية، وحبسهم على ذمة التحقيقات في القضية 880 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
واستبقت أجهزة النظام أحداث اليوم، الجمعة، واستجابة المواطنين في المناطق الفقيرة والريفية لدعوات التظاهر، بإعلان مد فترة تقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء إلى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في تنازل جديد يضاف إلى ثلاثة تراجعات سابقة للحكومة بتخفيض نسب من مبالغ التصالح بجميع المحافظات، وبتوحيد سعر التصالح للمتر في المناطق الريفية بالحد الأدنى المقرر في القانون، وهو خمسون جنيهاً للمتر الواحد، وحسم 25% من قيمة التصالح إذا طلب المواطن إتمامه دون تقسيط.
وفي خطوة دعائية تهدف لتهدئة الرأي العام أعلن حزب "مستقبل وطن"، التابع للمخابرات العامة والأمن الوطني، ورأس القائمة الموحدة بمجلسي النواب والشيوخ، اليوم الجمعة، أنه سيتحمل نفقات التصالح في 27000 حالة مخالفة لقواعد البناء لمحدودي الدخل في جميع المحافظات، كما أعلنت المبادرة الحكومية "حياة كريمة" تخصيص مائة وخمسين مليون جنيه للإنفاق على حالات التصالح للفقراء في مختلف المناطق.
ومن معلومات جمعت من مصادر حقوقية مختلفة، رصد "العربي الجديد" أن الأعداد التي عرضت حتى مساء اليوم، الجمعة، على ذمة القضية 880 لسنة 2020 على نيابة أمن الدولة العليا تجاوزت ثلاثمائة وخمسين شخصاً، صدرت قرارات جماعية بحبسهم على ذمة التحقيقات، بينما ما زالت هناك أعداد غير معروفة تماما، تقول المصادر إنها تزيد على مائتين، لمعتقلين في أماكن مختلفة، أبرزها معسكرات الأمن المركزي بالمحافظات.
وقالت المصادر الحقوقية إنّ معظم المعتقلين الذين صدرت ضدهم قرارات بالحبس لم يحالوا إلى السجون المركزية حتى الآن، وما زالوا معتقلين في أقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزي، كما أحيل العشرات منهم إلى مقار الأمن الوطني بالمحافظات قبل عرضهم على النيابة.
وذكرت المصادر أنّ التحقيقات أثبتت أنّ الأغلبية العظمى من المعتقلين ليست لها أي انتماءات سياسية أو حزبية، وأن عددا كبيرا منهم خرج فقط اعتراضاً على سوء الأوضاع الاقتصادية وملف مخالفات البناء، وأن النيابة حتى الآن وعلى الرغم من ذلك لم تقرر إخلاء سبيل أي شخص بتعليمات أمنية.