دعت لجنة الطوارئ العليا للحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، اليوم الأحد، إلى أن يكون يوم الجمعة المقبل يوم غضب نصرةً للأسرى ولأهالي القدس المحتلة، بالتزامن مع دخول خطواتهم النضالية في سجون الاحتلال الإسرائيلي أسبوعها الثاني، لمواجهة ما أسموها حربا يشنها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عليهم.
وأعادت اللجنة، في بيان تلاه رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس خلال مؤتمر صحافي في رام الله، التأكيد على أن الخطوات الحالية المتمثلة بالعصيان داخل السجون ستتوج بإضراب مفتوح عن الطعام في الأول من شهر رمضان القادم، ضمن ما أطلقوا عليه معركة "بركان الحرية أو الشهادة".
وأكدت اللجنة أن "عنوان المعركة سيكون السقف الذي يوازي حجم التحدي وحجم العدوان، ولتؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة والانتصار".
وقالت اللجنة: "إن معركتنا انطلقت ولن تتوقف إلا بحريتنا، فعلى الجميع أن يقف أمام مسؤوليته التاريخية لتحرير أسرانا الأبطال، الذين طال عليهم الأمد وتغول عليهم السجان، فأراد أن يحاربنا في أبسط حقوقنا، وسنرد عليه بمطالبتنا بحريتنا التامة".
وأضافت اللجنة أن "بن غفير يحارب الأسرى في أبسط حقوقهم من خبز وماء، ليدلل بذلك على مستوى الحقارة التي وصل إليها هو وكل من يقف خلفه من المتطرفين الصهاينة".
وردا على سؤال لـ"العربي الجديد" حول خط سير إجراءات الأسرى التصعيدية والعصيان داخل السجون وصولا إلى الإضراب، قال فارس: "صار واضحا أن الخطة النضالية التي اعتمدتها الحركة الأسيرة تتمثل في محطتين، الأولى العصيان والتمرد على بعض الإجراءات في السجون، والثانية الإضراب".
وأضاف فارس أن "أي إجراء عقابي من إدارة سجون الاحتلال سيرد عليه الأسرى"، مؤكدا أن "تلك الإدارة عادة ما تفرض عقوبات مقابل خطوات الأسرى، كأن يتوقفوا عن الالتزام بإجراءات الإدارة الحياتية اليومية، سواء أكانت الأمنية أم الإدارية، وهو ما يعني أن الأسرى سيضيفون خطوات أخرى، وذلك سيفتح الباب على كل الاحتمالات، بما في ذلك المواجهة العنيفة، كأن يبادر السجانون إلى محاولة إملاء إرادتهم على الأسرى".
وقال فارس: "إن الأسرى قد يعتصمون في الممرات، وقد يمتنعون عن الوقوف للعدد، في مقابل أي من العقوبات، وصولا إلى الإضراب في الثاني والعشرين من شهر مارس/ آذار المقبل في حال عدم الاستجابة لمطالبهم".
وحول وجود حوارات مع إدارة سجون الاحتلال، قال فارس: "إن لقاءات استطلاعية جرت أكثر من كونها حوارا بينها وبين ممثلي الأسرى، وحملت في بدايتها رسائل تهديد تجاه الأسرى، وحاولت خلالها الإدارة الظهور بأنها غير عابئة بخطوات الأسرى، ولكن في أحيان أخرى، جاء فيها تعبير عن عدم القناعة بطبيعة إجراءات الاحتلال المتخذة، وإظهار أن الإدارة مجبرة على تنفيذها، وأن المستوى السياسي هو من يقرر، لكنه أكد أن مثل هذه اللقاءات لا تسمى حوارات، لأنها لا تعبر عن الوزير المسؤول مسؤولية مباشرة ويتخذ القرار".
ووصف فارس خطوات الأسرى بالمعركة الفاصلة التي ستكون لها تداعيات، داعيا الحركة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وكل الأطر المنظمة في فلسطين لإعداد خططها وبرامجها العملية، للتصدي للعدوان الموجه ضد الأسرى كجزء من العدوان الشامل على الفلسطينيين.
ودعا فارس إلى تحويل هذه الأزمة التي يحاول الاحتلال خلقها إلى فرصة لتعميق أزماته، وأضاف: "إذا أراد بن غفير إشعال نار داخل السجون كما يعتقد، فيجب أن يشعل الشعب الفلسطيني ألف بؤرة نار، في كل مكان، لتكون أزمة الاحتلال في كل أرجاء الوطن، لأن هؤلاء الفاشيين (في إشارة إلى أحزاب اليمين المتطرف الإسرائيلية) إذا لم يتلقوا ردا موازيا ووازنا، فحقدهم وكراهيتهم ليسا محدودين".
بدوره، دعا مجلس الوزراء الفلسطيني على لسان الناطق باسمه إبراهيم ملحم، خلال المؤتمر الصحافي، الأطراف السامية في اتفاقيات جنيف الأربعة لعقد اجتماع عاجل لحماية الأسرى، واحترام المواثيق الدولية، ووقف سياسة الاعتقال الإداري، وإلزام إسرائيل بعدم حرمان ذوي الأسرى من زيارتهم، والتوقف عن احتجاز جثامين الشهداء، وتطبيق المعايير الدولية على الأسرى.
وطالب ملحم الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد جلسة خاصة واستصدار قرار يحمّل فيه إسرائيل المسؤولية القانونية والجنائية عن سياسة الإهمال الطبي، والقتل العمد، للأسرى في المعتقلات الإسرائيلية، والعمل على الإفراج عن الأسرى المرضى والنساء والأطفال، داعيا كذلك لأوسع تحرك عربي ودولي يليق بعذاباتهم.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، خلال المؤتمر، إن هناك قرارات هامة اتخذت لها علاقة بتفعيل كل أشكال التضامن والوقوف إلى جانب الأسرى في كل المحافظات الفلسطينية، وفي الأراضي المحتلة عام 1948، ومخيمات اللجوء، والعديد من العواصم في العالم.
وأضاف أبو يوسف أن الجهود تتواصل والاتصالات مع المخيمات في الشتات، وكذلك توجيه السفارات الفلسطينية في العالم لتنظيم الفعاليات.
ودعت مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان سحر فرنسيس، في كلمة لها خلال المؤتمر، إلى التركيز في الخطاب الإعلامي الفلسطيني على التطور الذي حصل العام الماضي، من تبنٍّ دولي لخطاب الفصل العنصري، ونظام الاستعمار، لتفعيل المحاسبة للاحتلال، كما حصل مؤخراً من فك توأمة بلدية برشلونة الإسبانية مع بلدية تل أبيب، في ظل غياب الإرادة لدى منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، كمحكمة الجنايات الدولية، في فرض المساءلة.
وأكدت فرنسيس أن "أهم الجرائم الواضحة التي لا تحتاج إلى أدلة هي سياسة الاعتقال الإداري، حيث يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 900 معتقل إداري من دون محاكمة وضمانات للمحاكمة العادلة"، متسائلة: "لماذا لا يحرك المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية التحقيق في الاعتقال الإداري؟".
وكان الأسرى أعلنوا عن البدء بخطوات العصيان داخل السجون في 14 فبراير/ شباط الجاري، بعد إجراءات إسرائيلية ارتبطت باسم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، تمثلت، بحسب البيان الأول للجنة الطوارئ العليا، بـ"التغول على الأسيرات والأشبال (الأطفال) في سجن الدامون، ووقف إدخال الخبز إلى السجون، والمساس بحقهم في الاستحمام، ضمن سلسلة من إجراءات التغول على الأسرى وحقوقهم".