أبدت الحكومة الجزائرية تمسّكاً لافتاً بنص المادة 87 مكرر من نص قانون العقوبات، التي تكيف بعض القضايا والأنشطة على أنها "فعل إرهابي"، على الرغم من مطالبات داخلية وخارجية بتعديل نصها وإلغاء أحكامها التي يجري تطبيقها قضائياً على عدد من الناشطين.
وقال وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي، الذي ترأس وفد بلاده خلال تقديم الجزائر، الجمعة، لتقريرها الدوري الشامل الرابع بمجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف السويسرية، بشأن الجدل الذي تثيره قوى سياسية وهيئات حقوقية محلية ودولية بخصوص المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، "نحن نرى في الجزائر أن هذه المادة تتوافق كلياً مع قرارات مجلس الأمن، وليس هناك أي تناقض مع لوائح مجلس الأمن والمقررات الأممية، على الأقل في مسألتين، هما الوسيلة المستعملة في الفعل الإرهابي، والهدف من الفعل الإرهابي"، مضيفاً أنه ليس هناك إجماع دولي على صيغة مفهوم موحد حول الإرهاب أو اشتراط أن يرتبط بالقتل ليصبح كذلك، مشيراً إلى أن المقررات الأممية تركت حرية التقدير للدول في ذلك.
وأوضح طبي أن "هذه المادة الموجودة في قانون العقوبات، تجرم أفعالاً معينة نعتبرها أفعالاً إرهابية، النيابة العامة تحرك القضية بناء على أدلة، لكن هناك القضاء الذي يتمتع باستقلالية تامة من خلال المجلس الأعلى للقضاء، فالقاضي يدين أو يبرئ، كما يمكنه تكيف الحكم الجنائي أو أن يحكم بالبراءة، كما حدث في العديد من الحالات وفقاً للمحاكمة العادلة والحق في الدفاع".
وكان الوزير الجزائري يرد على مطالبات رفعتها مندوبة الولايات المتحدة في المجلس، للجزائر "بمراجعة نص المادة 87 مكرر في قانون العقوبات الذي يتضمن تعريفات واسعة للارهاب ولإطلاق سراح الصحافيين والناشطين ووقف التضييق، تحرير حق التجمع والتنظم للمواطنين، وإلغاء الصيغ القانونية التي تنسف حرية التعبير للجزائريين"، كما طالبت مندوبة سويسرا السلطات الجزائرية بإلغاء النصوص والأحكام التي تجرم التعبير عن الرأي والصحافة والإعلام الإلكتروني، وفقاً للعهد الأممي لحقوق الإنسان.
وتم إقرار المادة 87 مكرر في قانون العقوبات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 ، والتي تعتبر فعلاً إرهابياً "السعي بأي وسيلة الوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بالطرق غير الدستورية أو التحريض على ذلك"، وخولت إنشاء قائمة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية التي ترتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة، وأتاحت الفرصة للنيابة العامة لتوجيه تهم الإرهاب لعدد من الناشطين في الحراك الشعبي، حيث أدين بعضهم على أساسها، فيما اعتبرتها عدة أحزاب وتنظيمات حقوقية مادة غير دستورية، وطالبت بإلغائها.
وحول سؤال عما إذا كانت لدى السلطات الجزائرية نية للإلغاء الكامل لتنفيذ عقوبة الإعدام، قال وزير العدل الجزائري إنّ بلاده "تلتزم منذ سبتمبر/ أيلول 1993 بعدم تنفيذ أي حكم للإعدام، أي منذ ثلاثين سنة، كما أنه تم الإبقاء على حكم الإعدام في قانون العقوبات في بعض الجرائم الخطرة، بينما تم استبدالها بعقوبات أخرى في بعض التهم".
وهذه هي المرة الرابعة التي يتم فيها فحص سجل الجزائر في مجال حقوق الإنسان، بعد استعراضات سابقة تمت في سنوات 2008 و2012 و2017. ويعد فحص سجل حقوق الإنسان والتقييم من قبل النظراء نظام مساءلة أممياً أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس/ آذار 2006 حول وضعية حقوق الإنسان والإجراءات المتخذة من طرف الدول لحمايتها.