أحدث قرار مجلس الوزراء إنهاء المراسيم الصادرة للقياديين بدرجة وزير "زلزالاً" كبيراً في أروقة الإدارات الحكومية في الكويت وفي الأوساط السياسية، في ما وصف بأنه التغيير الأكبر للحكومة منذ تبوؤ الشيخ نواف الأحمد الصباح مقاليد الحكم في أواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي خلفاً لأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح.
ولم يتوقع السياسيون الكويتيون وأعضاء البرلمان أن تكون الحكومة جادة بالعمل بالمرسوم الذي صدر في أول شهر يناير/كانون الثاني الماضي، لكن الحكومة فاجأت القياديين بطلبها تقديم استقالاتهم ووضعها تحت تصرف رئيس الحكومة قبل عزلهم وفقاً للمرسوم.
ورغم أن مجلس الوزراء الكويتي أعلن في بيانه، عقب صدور المرسوم المفاجئ، أن "هذا القرار يأتي حرصاً على توحيد الإطار الزمني المحدد للوظائف القيادية، واستناداً إلى توصية من مجلس الخدمة المدنية، لمن تجاوزت مدة تعيينهم بهذه الدرجة 4 سنوات، مع استمرار من لم يتجاوزوها الفترة المتبقية منها".
إلا أن السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة لهذا القرار، وفق ما أكدت مصادر حكومية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد"، هو رغبتها في تجديد الدماء داخل المؤسسات والهيئات الحكومية، وتعيين طبقة سياسية موالية لها، إضافة إلى استخدام المناصب الشاغرة، والتي وصل عددها إلى 80، في مساومة العديد من النواب المترددين في الوقوف مع المعارضة، وخصوصاً من القبليين والإسلاميين المستقلين الذين انتخبتهم دوائرهم الانتخابية من أجل تمرير المعاملات والخدمات.
وكان رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح قد اجتمع مع كتلة الـ16 في مجلس الأمة ووعدهم بتمرير القوانين التي يتبنونها في مجلس الأمة مقابل عدم استجواب رئيس الحكومة، وتشكيل لجنة تعاون نيابية حكومية للاتفاق على القوانين والأولويات، ليقطع الطريق بذلك على رغبة المعارضة المتشددة بقيادة النائب بدر الداهوم والنائب محمد براك المطير الذين يحاولون إسقاط رئيس الحكومة وإبعاده بسبب رفضه تمرير قانون "العفو الشامل".
يعد النائب الأول لوزير الخارجية الكويتي خالد الجارلله أحد أبرز المشمولين بالمرسوم، مما دفعه للاستقالة
وبلغ عدد المناصب القيادية بدرجة وزير التي استقال شاغلوها حتى الآن 60 منصباً يتركز أغلبها في الهيئات الحكومية المستقلة مثل الجهاز المركزي، لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية "البدون"والديوان الأميري ووزارة الخارجية، إضافة إلى 20 منصبا كانت شاغرة بسبب عدم تعيين قياديين فيها، مما يجعل مجموع المناصب 80.
ويعد النائب الأول لوزير الخارجية الكويتي خالد الجارلله أحد أبرز المشمولين بالمرسوم، مما دفعه للاستقالة، حيث ساهم الجارلله طوال سنوات عمله في رسم سياسة الكويت الخارجية القائمة على تصفير المشاكل مع دول الجوار، وتحويل الكويت إلى عاصمة للوساطات في الخلافات الإقليمية.
كما استقال صالح الفضالة، رئيس الجهاز المركزي الخاص بـ"البدون" بسبب شمول المرسوم له.
وتوسعت الحكومات السابقة في الكويت بمنح العديد من موظفي الدولة البارزين والدبلوماسيين وأعضاء مجلس الأمة السابقين مناصب قيادية برتبة وزير، وذلك ضمن حملتها لمواجهة المعارضة التي اختارت النزول للشارع عام 2012 احتجاجاً على مرسوم الصوت الواحد الانتخابي، والذي أدى لتقليص فرص المعارضة في الفوز في مجلسين برلمانيين هما عاما 2013 و2016 قبل أن تعود المعارضة بقوة في الانتخابات التي أجريت في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2020.