أقرت الحكومة المغربية أجندة الانتخابات التي سيتم خلالها تجديد كافة المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان.
وصادقت الحكومة، خلال اجتماع مجلسها اليوم الأربعاء، على مشروعي مرسومين يحددان تاريخ انتخاب أعضاء الغرف الفلاحية وغرف التجارة والصناعة والخدمات وغرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحري في 6 أغسطس/ آب المقبل، وعلى مشروع مرسوم يحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات) في 21 سبتمبر/ أيلول القادم.
كما صادق مجلس الحكومة على مشاريع مراسيم تحدد تاريخ انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات (المجالس البلدية) ومجالس الجهات ومجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) يوم 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، في حين حدد موعد 5 أكتوبر/ تشرين الأول القادم موعدا لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان).
ويأتي إقرار الحكومة لمواعيد الانتخابات القادمة، في ظل سياق سياسي أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخص على وجه الخصوص تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي يجري التحضير له حالياً، وكذلك نظام الجهوية الموسعة. كما تأتي الانتخابات المنتظرة في سياق سياسي دقيق وصعب يتسم بفقدان المواطن الثقة في العملية السياسية والانتخابية، وفي ظل مطالب بإيجاد عقد سياسي جديد وميثاق جديد لحفظ السلم الاجتماعي.
وبينما تشير بعض التحليلات إلى أن انتخابات 2021 ستكون محطة بلا رهانات سياسية كبرى، إذ لا تأتي في سياق إصلاحات، أو تحول ديمقراطي، إلا أن الواقع السياسي لمغرب ما بعد كورونا يجعل تلك الاستحقاقات تحت تحديات ضاغطة تضاف إلى أخرى رافقت العملية الانتخابية في المحطات السابقة.
وتمثل نسبة المشاركة في رابع انتخابات تُجرى في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس، تحدياً صعباً للدولة وللأحزاب بمختلف تلويناتها، على اعتبار أن أي عزوف عن التوجه إلى صناديق الاقتراع سيعيد إلى الأذهان سيناريو انتخابات 2007 من تدني نسبة المشاركة إلى 37 في المائة، بل سيوجه ضربة موجعة إلى المسار الإصلاحي الذي انتهجه المغرب منذ الربيع العربي.
وفي موازاة تحدي العزوف عن المشاركة، يبرز تحدٍ ثانٍ في وجه الدولة والأحزاب السياسية حول كيفية رفع منسوب ثقة المواطنين في الأحزاب وهيئات الوساطة وفي الانتخابات كآلية ديمقراطية، ولا سيما في ظل وجود أزمة ثقة.
كما تواجه الانتخابات القادمة تحدي إيجاد نخب جديدة ذات كفاءة قادرة على تطبيق النموذج التنموي الجديد، الذي يجري إعداده منذ أشهر من قبل لجنة عيّنها الملك محمد السادس. وتأتي صعوبة هذا التحدي من كون تحققه يرتبط بمدى قدرة الأحزاب على تجديد النخب السياسية الحالية وحسم الصراع مع النخبة التقليدية التي تمسك، منذ سنوات، بكل الخيوط داخل الهيئات الحزبية، وهي النخبة التي ستسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى الحفاظ على مواقعها ومصالحها في مواجهة أي طموح في التجديد والتغيير.
وعلى الرغم من أن الانتخابات المقبلة، تعتبر ثالث انتخابات في ظل دستور يوليو/ تموز 2011، فإن أهميتها تكمن عموماً في أنها تشكل إحدى الآليات السياسية التي يستند إليها النظام لتكريس النموذج السياسي المغربي، الذي يقوم على الإصلاح في إطار الاستمرارية.