حققت جماعة الحوثيين، الثلاثاء، مكاسب ميدانية جديدة في محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، في اختراق نوعي يهدف إلى تطويق مدينة مأرب النفطية التي يدور حولها القتال منذ مطلع العام الجاري، رغم التحركات الدولية المكثفة الرامية لوقف الحرب.
وأقر مصدر عسكري في القوات الحكومية بسقوط مديريتي بيحان العليا وعين في أيدي جماعة الحوثيين، التي شنت هجوما واسعا من جهة محافظة البيضاء، وسط البلاد، منذ منتصف الأسبوع الماضي.
وأشار المصدر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الهدف الرئيس لجماعة الحوثيين هو الالتفاف على مديرية حريب التابعة لمحافظة مأرب، وجعلها نقطة انطلاق جديدة صوب مدينة مأرب، بعد العجز الحاصل في مديرية صرواح والمديريات الغربية والجنوبية.
وذكر المصدر أن قبائل حريب، وبعد أن شاهدت سقوط مديرية عين في قبضة الحوثيين، تدافعت إلى أطراف المديرية لحمايتها من أي اجتياح حوثي مرتقب، لافتاً إلى أن المقاومة الشعبية وقوات الجيش تمكنت من عمل تحصينات دفاعية كبيرة بعد معارك سقط فيها مسؤول محلي رفيع موال للحكومة الشرعية، هو الشيخ ناصر القحاطي، مدير عام مديرية حريب.
وتبعد مديرية حريب نحو 35 كيلومتراً عن مركز مديرية مأرب، ولا يُعرف ما إذا كانت ستتمكن من الصمود في وجه الهجمات الحوثية، كما حصل في صرواح ومدغل وكذلك في جبل مراد أم لا.
ويبدو أن مناطق شبوة ليست الهدف الرئيسي في الوقت الراهن لجماعة الحوثيين، وأشار مصدر محلي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن عدم وصول المعارك إلى منابع النفط في مديرية عسيلان في شبوة هو ما سيكشف نوايا الحوثيين، وما إذا كانت نواياهم اجتياح كامل محافظة شبوة أو استخدامها منطقة عبور نحو مأرب فقط.
وأعلنت السلطة المحلية لمحافظة شبوة، في بيان رسمي مساء الثلاثاء، أنها دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى منطقة بيحان، التي تتألف من عدة مديريات منها بيحان العليا وعين بيحان، وهاتان باتتا في قبضة الحوثيين، فيما لا تزال مديرية بيحان السفلى في أيدي القوات الحكومية.
وأشار البيان إلى أن قبائل شبوة أعلنت النفير العام لمؤازرة الجيش والمقاومة اللذين يشنان هجوما معاكسا على جماعة الحوثيين في مواقع مختلفة. ولفت البيان إلى أن المعارك، التي دارت صباح الثلاثاء في مديرية عين، أسفرت عن مصرع العشرات من مليشيا الحوثي، وإعطاب 7 دوريات عسكرية تابعة للجماعة.
تواطؤ الانفصاليين
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن المجلس الانتقالي الجنوبي ساهم في التطورات الأخيرة التي حصلت في شبوة، حيث عمل خلال الساعات الماضية على إرباك القوات الحكومية بما يخدم تمدد الحوثيين، ويفسح المجال أمامهم للتوغل بشكل سلس.
وقالت المصادر إن المجلس الانتقالي نفذ، خلال اليومين الماضيين، محاولة تمرد في مديرية عسيلان النفطية بشبوة مع قبائل بلحارث، ما جعل القوات الحكومية تدفع بكتيبتين من الجيش الوطني مزودتين بالدبابات والمدرعات إلى عسيلان لإخماد التمرد.
واحتفى أنصار المجلس الانتقالي بالانتكاسة التي تعرضت لها "الشرعية "في محافظة شبوة، حيث وصفوا ما حصل بأنه مؤامرة قادها حزب الإصلاح، في إشارة إلى محافظ شبوة محمد صالح بن عديو.
وقال القيادي في المجلس الانتقالي أحمد عمر بن فريد، في تغريدة على تويتر ": "لن ينعم الحوثي في متر مربع واحد من أرض الجنوب حيث لا حاضنة له حتى وإن تآمرت معه جماعة الإخوان كما يحدث حالياً".
وزعم بن فريد أن ما حصل في بيحان هو عملية استلام وتسليم بين القوات الحكومية والحوثيين، لكن مصدراً عسكرياً في القوات الحكومية أكد أن المعارك دارت في أطراف بيحان منذ منتصف الأسبوع الماضي.
قوات حوثية تلتقي بقوات تتبع الشرعية في بيحان في حالة ود وسلام وتنسيق واستلام وتسليم!
— أحمد عمر بن فريد (@AhmedBinFareed1) September 21, 2021
مشهد نبعث به على وجه السرعة لدول التحالف العربي نستفسر فيه عن حقيقة ما يحدث ومغزاه؟
ونتساءل
من يقاتل من ؟
ولمصلحة من ما تقوم به الشرعية اليوم في شبوة ؟
اما الجنوب العربي فقسما بالله لن يركع لزيدي pic.twitter.com/pMcb0dXDMh
ونشر الانفصاليون لقطات مصورة تُظهر دوريات حوثية وهي تتجول في مركز مديرية بيحان، وعدم وجود أي علامات تدل على معركة خلال الساعات الماضية.
معارك عنيفة في مأرب
وأشعل الاختراق الميداني للحوثيين في شبوة عدداً من جبهات القتال في محافظة مأرب المجاورة، وخصوصاً في جبهات العبدية وصرواح، فيما شنت مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية 20 غارة جوية على جبهات القتال الممتدة من مأرب إلى محافظة البيضاء.
وأعلن الجيش اليمني، مساء الثلاثاء، أن قواته شنت هجوماً استباقياً على مجاميع حوثية كانت تخطط لتنفيذ محاولة التفاف على مواقع القوات الحكومية في جبهة العبدية، "ما أسفر عن قتلى وجرحى وتدمير واستعادة معدات وآليات قتالية وأسلحة تابعة للحوثيين"، وفقاً لبيان رسمي.
وأشار البيان إلى أن "قوات الجيش مسنودة بالمقاومة الشعبية، نفذت بالتوازي كميناً لمجموعة من العناصر الحوثية في جبهة الخنجر شمالي مدينة الحزم بالجوف، كما استهدفت بقذائف المدفعية، تجمعات للحوثيين في جبهتي المشجح والكسارة، غربي مأرب".
مناقشات مثمرة في مسقط
وعلى وقع التصعيد العسكري في شبوة ومأرب، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مساء الثلاثاء، أن مناقشاته التي أجراها في مسقط خلال اليومين الماضيين "كانت مثمرة بشكل خاص"، نظراً للدور الفعال الذي تلعبه سلطنة عمان في الملف اليمني.
وقال غروندبرغ، في بيان صحافي: "لا يمكن تحقيق السلام المستدام إلا عن طريق تسوية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض السلمي. يجب توجيه كل الجهود نحو إحياء عملية سياسية تسفر عن حلول تلبّي تطلّعات اليمنيين رجالاً ونساءً".
وأشار البيان إلى أن المبعوث الأممي أكد خلال لقائه كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبد السلام، التزامه بالعمل مع الأطراف سعياً نحو تسوية سياسية شاملة للنزاع في اليمن.
في السياق، عاد المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، مجدداً إلى العاصمة السعودية الرياض قادماً من مسقط، وعقد اليوم الثلاثاء مشاورات مع وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، لبحث مستجدات الملف اليمني.