هاجمت جماعة الحوثيين مواقع لقوات "محور سبأ" و"العمالقة" في مديرية حريب جنوب شرقي مأرب، شرق اليمن، اليوم الثلاثاء، في استمرار لهجماتها التي تشنها في هذه المديرية منذ أسابيع، بغية السيطرة على مواقع حاكمة استعداداً لعمليات عسكرية مقبلة.
وقالت مصادر عسكرية ومحلية لـ"العربي الجديد" إن القوات التابعة للحوثيين هاجمت في الساعات الأولى من صباح، الثلاثاء، مواقع لقوات محور سبأ والعمالقة، المدعومتين من التحالف بقيادة السعودية، في جبهات غربي مديرية حريب.
وأضافت أن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على جبل "البوّارة" الاستراتيجي في مديرية حريب، يقع في ميسرة جبهة القتال المطلة على المديرية من جهة الغرب، ويسيطر على عدد من المناطق السكنية، وشنوا قصفاً بالأسلحة المتوسطة على منطقة "شَرَق" الآهلة بالسكان.
وقالت المصادر المحلية إن عشرات الأسر بدأت بالنزوح من المنطقة عقب القصف الذي تعرضت له صباح الثلاثاء، واتجهت إلى مناطق بالقرب من مركز المديرية.
وقالت المصادر إن قوات العمالقة ومحور سبأ، دفعتا بتعزيزات وتمكنتا من وقف زحف الحوثيين وصد الهجوم الذي استمر عدة ساعات، فيما شنت المدفعية التابعة لها قصفاً استهدف تعزيزات الحوثيين على الطرقات المؤدية إلى منطقة التماس. وما يزال الجبل الاستراتيجي تحت سيطرة الحوثيين، وأشارت المصادر إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين خلال المواجهات، دون تفاصيل دقيقة عن عددهم.
وقالت المصادر المحلية إن هجمات الحوثيين تزامنت مع انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات الأرضية بشكل كامل عن مديرية حريب ومناطق غربي محافظة شبوة المجاورة.
وأرجع مصدر في مكتب الاتصالات بمأرب تحدث لـ"العربي الجديد" انقطاع الانترنت إلى تأثير السيول التي شهدتها المديرية خلال الأيام الماضية، وتسببت في قطع كابل الألياف الضوئية، وقال إن الفرق الهندسية مازالت تحاول الوصول إلى موقع الكابل المتضرر لإصلاحه.
مفتاح أمان
وهاجم الحوثيون هذه المنطقة، الواقعة إلى الجنوبي الشرقي من مركز محافظة مأرب الغنية بالنفط والتي تعتبر من أهم معاقل الحكومة المعترف بها شمال اليمن، عدة مرات منذ مطلع مارس/آذار الحالي، وسيطروا على عدد من المرتفعات الجبلية المهمة خلال الهجمات، أبرزها مرتفعات تطل على مناطق (ملعاء، ووَضْو، وشَرَق).
ومن شأن تقدم الحوثيين في هذه المنطقة أن يجعل مركز مديرية حريب، وهي مفتاح الأمان لمديريات غرب شبوة النفطية (عين، بيحان، وعسيلان) والمناطق الصحراوية المفتوحة والشاسعة جنوب شرقي مارب والممتدة إلى منطقة حقول النفط في صافر "شرق"، في مرمى الحوثيين.
وقال المصدر العسكري، الذي طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح، إن "مليشيا الحوثي بدأت منذ أسابيع عملية عسكرية للسيطرة على المواقع الحاكمة والمسيطرة غرب حريب، تسهل لها التحرك في أي هجوم قادم" في حال فشل المساعي الدولية الرامية لتجديد الهدنة التي انتهت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضاف "أخشى أن حريب آيلة للسقوط إذا استمر الوضع بهذه الحال، وهذا أمر خطير سيجعل مديريات غرب شبوة والمناطق الصحراوية في حريب مفتوحة أمام الحوثيين، وهذا أمر خطير في ظل توقف الطيران والحالة الهشة التي لم نعرف أهي هدنة أم حرب".
وسبق للحوثيين السيطرة على مديريات غرب شبوة الثلاث (عين، بيحان، وعسيلان) وأطراف مديرية حريب بمأرب مرتين خلال سنوات الحرب، الأولى إثر هجوم شنته مع قوات حليفها آنذاك الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح أواخر مارس/آذار 2015، واستعادتها قوات الحكومة في عملية مباغتة أواخر ديسمبر من العام 2017.
وفي سبتمبر/أيلول 2021 عاد الحوثيون إلى تلك المديريات عبر محافظة البيضاء، وسط اليمن، وسيطروا على مديرية الجوبة بمأرب في وقت وجيز، ومع نهاية العام ومطلع العام الماضي تقدمت قوات العمالقة بإسناد جوي مكثف من التحالف، عبر مديريات شبوة التي استعادتها في عملية معاكسة خلال أيام، لتستعيد حريب مرة أخرى وتتمركز في أطرافها.
وما تزال مديرية الجوبة تحت سيطرة الحوثيين وهي المنطلق لعملياتهم العسكرية نحو حريب وكذلك باتجاه الجبهات الجنوبية لمدينة مأرب مركز المحافظة.
وتعد مأرب أبرز نقاط الاشتعال في حروب السنوات الماضية بين قوات الحكومة المعترف بها والمدعومة من التحالف العربي من جهة، وبين جماعة الحوثيين المدعومين من إيران من جهة أخرى، ونجحت هدنة شهدها اليمن العام الماضي من أبريل/نيسان إلى أكتوبر/تشرين الأول برعاية الأمم المتحدة، في خفض العمليات القتالية فيها، فيما فشلت الأطراف في الوصول إلى اتفاق لتجديدها، نتيجة اشتراطات للحوثيين وُصفت بغير المعقولة.
ومنذ انتهاء الهدنة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي استمر وضع يشبه هدنة غير معلنة، تخللتها هجمات شنها الحوثيون على مرافئ تصدير النفط الحيوية لاقتصاد الحكومة المعترف بها، وأخرى في جبهات "مأرب وتعز ولحج والجوف"، إضافة إلى قصف متبادل من طرفي الصراع في تلك الجبهات وجبهات جنوب محافظة الحديدة غرب البلاد.
مقتل ثلاثة أطفال في تعز
في غضون ذلك، قال مصدر طبي لـ"العربي الجديد" إن ثلاثة أطفال من أسرة واحدة أصيبوا بشظايا قذيفة مدفعية أطلقتها جماعة الحوثيين، الثلاثاء، على أحياء سكنية غربي مدينة تعز جنوبي غرب اليمن.
واستهدف قصف مدفعي حوثي أحياء مدينة النور بمديرية المظفر غربي المدينة، بحسب المصدر، ونجم عن سقوط إحداها إصابة الطفلة "أمة الرحمن صالح علي"، 13 عاماً، بجروح خطيرة، فيما أصيب أخواها "خليفة صالح علي"، 7 سنوات، و"إيمان صالح علي"، 12 عاماً، بجروح متوسطة ونقلوا جميعاً إلى المستشفى.
وتأتي هذه الحادثة بعد يوم واحد من مقتل الطفل "أحمد خالد سفيان" وإصابة ابن عمه "علي عبد اللطيف سفيان" برصاص قناص تابع للحوثيين في قرية الشقب بمديرية صبر الموادم، بحسب المصدر ذاته والذي يعمل في مستشفى الثورة، المشفى الرئيس في المدينة المحاصرة.