استمع إلى الملخص
- **الهوس الإسرائيلي بالتفوق العرقي وفرض الأبارتهايد كان موجودًا قبل السابع من أكتوبر، مع استمرار التطهير العرقي ضد الفلسطينيين.**
- **المقاومة الفلسطينية ليست استثناءً في تاريخ الشعوب المستعمرة، رغم الانزعاج من المقاومة، سواء كانت سلمية أو مسلحة، فإن الاحتلال يسعى دائمًا لإخضاع الفلسطينيين.**
التدقيق في مواقف ساسة ومشرعي وإعلام الاحتلال الإسرائيلي يكشف توافقهم على منع قيام دولة فلسطينية مستقلة. وما يسمى بـ"اليسار الإسرائيلي" و"حركة السلام" باتا من الماضي. وكذا تبدو المواقف المعارضة عاجزة أمام هستيريا إنكار وجود شعب فلسطيني. فإبادته وتهجيره ليسا مجرد حالة "تطرف"، بل في صلب العقيدة الصهيونية، معتبرين ملايين الفلسطينيين على أرضهم، بمن فيهم عرب الـ48، مجرد سكان من بقايا "احتلال عربي لأرض إسرائيل"، يجب ترحيلهم.
نعم ثمة من يرفض هذا الكيان على أنقاض الحقوق الفلسطينية. وبعضهم أرّخ لمذابح النكبة، أمثال إيلان بابي. لكن من دون أن نخدع أنفسنا، فإن الهوس الإسرائيلي بنظرية التفوق (العرقي) وفرض الأبارتهايد، وبعنجهية قوة الإبادة لإحداث تطهير عرقي، كان يجري حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وما ينتجه الواقع بحق أهل الأرض تحت الاحتلال لا يحتاج إلى تجميل وتنظير خارج السياق، ولا إلى مخادعة الناس عن أن الواقع كان وسيكون أجمل لو لم يُقاوم الاستعمار.
أمام ذلك، بدأ البعض أخيراً، والغبار لا يزال يغطي وجوه أطفال غزة، يخبرنا بانزعاج وتوتر عن خوفه على فلسطين من مقاومتها، وعدم منح الاحتلال ذريعة لتنفيذ مشاريعه، متناسين أنه سواء قاوم الفلسطيني سلمياً في بلعين ونعلين ضد حرق زيتونه وممتلكاته، أو بسلاح منظم أو فردي، فالأمر سيان عند احتلال إحلالي يسعى إلى كي الوعي الفلسطيني وإخضاعه بالأسرلة وتهويد الأرض.
فلسطين ليست استثناءً لدى الشعوب التي عانت من الاستعمار، قصير وطويل الأجل، فامتشقت حريتها لتقاوم وتطرد محتليها، وليس من دون أثمان باهظة بالأرواح والممتلكات. طبعاً هذا الانزعاج من المقاومة ليس جديداً، فحتى في ذروة كفاح الثورة الفلسطينية المسلحة منذ 1965 بقيادة ياسر عرفات وجورج حبش ونايف حواتمة، مع الآخرين من الشهداء والأحياء، كان ثمة منزعجون "سلميون جداً". ثم جرّب الفلسطينيون مسار التفاوض لعقود. ويكفي النظر إلى ثلاثين سنة ماضية ليكتشف الذين يقارنون بين "الاحتلال العثماني" والاستعمار في فلسطين بعض الحقائق. بل إن بعضهم، غير المتضامن أصلاً مع فلسطين، يظن أنه لولا قضيتها ومقاومتها لكان أنهى الاستبداد في بلده، وصار ينعم بالديمقراطية والازدهار والرفاهية.
القصة بسيطة ولا تحتاج الشد العصبي في قراءة الواقع والتاريخ كما هما؛ قبول الاحتلال إنهاء استعماره، والذهاب نحو دولة فلسطينية مستقلة. بل يمكن لهؤلاء الخائفين على فلسطين مناقشة متضامنين أجانب، من واشنطن إلى لندن وبرلين، ليطّلعوا على دوافع مساندتهم حرية فلسطين، علهم يستفيدون قليلاً.