الخروقات الأمنية في عدن.. مخطط لخلط أوراق الحكومة اليمنية والتحالف

18 مارس 2021
بدأت رقعة الانفلات الأمني تتسع بشكل لافت (Getty)
+ الخط -

عاشت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن سلسلة من الخروقات الأمنية الكبيرة خلال الساعات الماضية. ومنذ اقتحام متظاهرين عسكريين ومدنيين للقصر الرئاسي، الثلاثاء الماضي، بدأت رقعة الانفلات الأمني تتسع بشكل لافت وسط مؤشرات عن مخطط مشبوه لخلط أوراق الحكومة المعترف بها والتحالف السعودي الداعم لها.  

ومنذ ساعات الخميس الأولى، شهدت عدن إحباط هجمات بالطائرات المسيرة على مقر الحكومة في قصر معاشيق، ومحاولة اغتيال أحد وزرائها المحسوبين على المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، فيما كانت محافظة أبين القريبة مسرحا لهجوم انتحاري دامي أسفر عن 12 قتيلا، بينهم مدنيون.  

وقال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن مدينة عدن شهدت، مساء الخميس، استنفارا أمنيا واسعا لقوات المجلس الانتقالي، بالتزامن مع مداهمات لعدد من المنازل في مديرية خور مكسر التي تعرض فيها وزير الخدمة المدنية عبدالناصر الوالي في وقت سابق لمحاولة اغتيال بعبوتين ناسفتين. 

وأكدت المصادر أن حواجز التفتيش في غالبية مدن عدن تشهد إجراءات مشددة، بناء على دعوة من المجلس الانتقالي لقواته برفع الجاهزية الأمنية العالية في كافة المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرته.  

وبعد أيام من اتهامه بخدمة المشروع الحوثي بعد اقتحام أنصاره لقصر معاشيق الرئاسي، وصدور الدعوة السعودية له بالحضور العاجل إلى الرياض مع الحكومة اليمنية لمناقشة باقي بنود اتفاق الرياض الهش، بدأ المجلس الانتقالي بالترويج لنظرية المؤامرة، حيث اعتبر الهجوم الذي استهدف أحد وزرائه في عدن ومقتل 8 من جنوده في أبين، بأنه يأتي ضمن "خطة جديدة وخطيرة هدفها إلغاء دوره". 

ويرفض المجلس الانتقالي تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، ودائما ما يتهم قوات ألوية الحماية الرئاسية، التي ينص اتفاق الرياض على دخولها من أبين إلى عدن، بالإرهاب، ويقدّم نفسه للتحالف السعودي الإماراتي بأنه الشريك المثالي لمحاربة الإرهاب.  

واستغل المجلس الانتقالي الأحداث الأخيرة لإيصال عدة رسائل للتحالف السعودي، حيث دعاهم لتقديم الدعم اللازم لقواته في مواصلة ما أسماها بـ"الحرب المشتركة ضد الإرهاب وجماعاته وتطهير عدن من خلاياه الإرهابية".  

وحاول "الانتقالي" إلصاق تهمة الإرهاب بمحافظة شبوة البعيدة عن سيطرته، وقال في بيان رسمي "إن الاختلالات الأمنية وعمليات الاستهداف الممنهجة لم تكن مشهودة بذات القدر والإمكانيات إبان إحكام النخبة الشبوانية سيطرتها على شبوة". 

ورغم رفضه الانسحاب من عدن وتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض، طالب المجلس الانتقالي بشكل صريح بـ"عودة النخبة الشبوانية التي تم دحرها من شبوة في أغسطس 2019، إلى المحافظة لتستأنف مهاماه في مواجهة الإرهاب".

تشير تصريحات الحكومة والمستشار المخلافي، بشكل ضمني، إلى أن المستفيد من الاضطرابات الأمنية يهدف إلى عرقلة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وهو المجلس الانتقالي الجنوبي 

وقوبلت العمليات الإرهابية في عدن وأبين بإدانة حكومية، ووفقا لوكالة "سبأ" الخاضعة للشرعية، فقد وجّه رئيس الوزراء، معين عبدالملك، الأجهزة الأمنية بإجراء "تحقيقات عاجلة" للكشف عن ملابسات اغتيال الوزير عبدالناصر الوالي.  

ووجهت الحكومة أصابع الاتهام إلى "بعض الأطراف التي تسعى إلى عرقلة التوافق واستكمال تنفيذ اتفاق الرياض بشتى الطرق والأساليب"، دون الإشارة إلى هوية تلك الأطراف، كما أكدت أن كافة المحاولات لاستهدافها وأعضائها "لن تثنيها عن القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها في هذه الظروف الصعبة، والعمل من أجل خدمة المواطنين، ولن تستسلم لكل العراقيل الموضوعة أمامها". 

كما نددت الحكومة بالهجوم الإرهابي في محافظة أبين، واعتبرته "تذكيرا بأهمية مضاعفة الجهود لمكافحة التنظيمات الإرهابية بالتعاون مع شركاء اليمن في مكافحة الإرهاب".

وتبدو الحكومة الشرعية متخوفة بشكل أكبر من المخطط الذي يدور في عدن، وهو ما أفصح عنه المستشار الرئاسي عبدالملك المخلافي، الذي اعتبرها "محاولات لإشعال الفتنة في العاصمة المؤقتة".

ودعا المخلافي، في تغريدة على "تويتر"، الحكومة إلى "تشكيل لجنة تحقيق" في كل الأحداث الأمنية التي شهدتها عدن خلال اليومين الماضيين، وفي مقدمتها اقتحام قصر معاشيق ومحاولة اغتيال وزير الخدمة، وكل الأحداث الأمنية في عدن، وإعلان النتيجة، وشدد على "عدم الاستهانة بالاختراق الأمني وما يُراد من ورائه". 

وتشير تصريحات الحكومة والمستشار المخلافي، بشكل ضمني، إلى أن المستفيد من الاضطرابات الأمنية يهدف إلى عرقلة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وهو المجلس الانتقالي الجنوبي، الطرف الثاني في الاتفاق الذي تم توقيعه في 5 نوفمبر 2019. 

وكانت مصادر حكومية قد وصفت اقتحام قصر معاشيق بأنه "هجوم مسلح يهدف إلى تضييق الخناق على الحكومة وإجبارها على ترك عدن، فضلا عن تشويش المعركة المصيرية التي تخوضها القوات الحكومية والتحالف السعودي ضد الحوثيين في مأرب وعدد من الجبهات.  

تنديد أممي بالتصعيد في مأرب

إلى ذلك، ندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، بالتصعيد في المعارك الدائرة في مأرب باليمن، ودعا الحوثيين لإنهاء هجومهم على آخر معقل للحكومة في الشمال، وحث الحكومة على السماح بدخول الوقود إلى ميناء الحُديدة.

كما ندد المجلس، في بيان، بالهجمات عبر الحدود على السعودية، وقال إن التصعيد في مأرب "يهدد الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية سياسية في وقت تزداد فيه وحدة المجتمع الدولي (على هدف) إنهاء الصراع".

وأكد مجلس الأمن الدولي، الذي اطلع على إفادة حول الوضع في اليمن يوم الثلاثاء، على "ضرورة وقف التصعيد من كل الأطراف، بما في ذلك وقف التصعيد الحوثي في مأرب فورا".

وعبر مجلس الأمن اليوم الخميس عن "قلقه بسبب الوضع الاقتصادي والإنساني المتردي، والتأكيد على أهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، علاوة على دخول سفن الوقود إلى ميناء الحُديدة".

وشهدت الأطراف الغربية لمحافظة مأرب النفطية، اليوم، معارك عنيفة بعد هجمات حوثية مكثفة على مواقع القوات الحكومية في جبهة هيلان بمديرية صرواح.  

وأعلنت القوات الحكومية، في بيان صحافي، أنها نفذت كمينين لمجاميع حوثية حاولت التسلل إلى مواقعها في جبهة هيلان، ما أسفر عن مقتل 30 عنصرا حوثيا على الأقل واغتنام كميات من الأسلحة الخفيفة والذخائر.  

وتعرضت مواقع الحوثيين في مديريتي صرواح ومدغل، غرب مأرب، لـ11 غارة جوية من التحالف السعودي الإماراتي، وفقا لوسائل إعلام حوثية، وهو ما جعلها تعاود هجماتها على الأراضي السعودية.  

وأعلن المتحدث العسكري للحوثيين، مساء الخميس، تنفيذ عملية هجومية على مطار أبها الدولي، وذلك بواسطة طائرة مسيرة نوع "قاصف 2K"، وزعم أن العملية ضربت هدفا عسكريا مهما، وفقا لتغريدة نشرها على "تويتر".

دلالات