"شاهد ماشفش حاجة"... الداخلية المصرية تستند لأقوال شاهدين لم يحضرا الواقعة بقضية سناء سيف
في تطور لم يعد مستغرباً من النظام المصري الحالي، أثبت فريق الدفاع عن الناشطة السياسية البارزة، سناء سيف، أنّ وزارة الداخلية المصرية استعانت باثنين من أمناء الشرطة للشهادة لصالح ضابط الشرطة المتهم بالاعتداء عليها، بينما لم يكونا في موقع الحادثة، بحسب أدلة من أوراق رسمية.
والناشطة سناء سيف متهمة بـ"نشر أخبار كاذبة" و"إهانة رجل شرطة أثناء تأدية وظيفته"، وهو المقدم محمد النشار، وسبه عن طريق النشر بألفاظ تتضمن خدشاً للشرف والاعتبار، و"التحريض على جرائم إرهابية" و"إساءة استخدام مواقع التواصل"، في القضية رقم 12499 لسنة 2020 جنح التجمع الأول.
وعن تفاصيل شهادة أميني الشرطة المفبركة، وعبر حسابه الخاص على موقع "فيسبوك"، كتب المحامي المصري خالد علي، اليوم الثلاثاء: "أميني الشرطة اللذين توجها إلى النيابة وشهدا مع رئيسهم الضابط ضد سناء سيف، طلبنا في المحكمة سماع شهادتهما، وحضرا للمحكمة، وطبعاً فيه تناقض رهيب في أقوالهما بينهم بين بعض، وبين أقوالهما في النيابة وأقوالهما في المحكمة، فشكيت في أنهما كانا حاضرين الواقعة وأنهما في الحقيقة (شاهد ماشفش حاجة)، فسألتهما عن نظام وردياتهما، فأجابا، وبعدها سألتهما كيف يثبتان الورديات، قالا في دفتر الورديات، فطلبت من المحكمة ضم هذا الدفتر، يومها القاضي قال لي: أنا عارف إنك ستطلبه".
وأضاف "اليوم كانت المفاجأة، حيث تم ضم الدفاتر وتبين منها أن أميني الشرطة (شاهدا الضابط) اللذين شهدا على سناء لم يكونا بالوردية يوم الواقعة المدعاة، وشهدا على وقائع لا يعرفان عنها شيئا".
يُشار إلى أنه تم تجديد حبس سناء على ذمة القضية، وتم تحديد الجلسة القادمة في 12 يناير/كانون الثاني 2021، حيث تدخل سناء سيف العام الجديد محبوسة في السجن منذ أن اختطفتها قوات الأمن المصرية من أمام مكتب النائب العام المصري، في 23 يونيو/حزيران الماضي، على خلفية مطالبتها هي وأسرتها بحقها في التواصل مع شقيقها الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح والاطمئنان عليه، إعمالاً لنص المادة 38 من قانون تنظيم السجون.
وسبق اختطاف واعتقال سيف التعدي البدني على عائلة عبد الفتاح على مرأى ومسمع من ضباط وزارة الداخلية الذين شجعوا المعتدين على ما يقومون به أمام سجن طرة، جنوبي القاهرة، حيث يسجن علاء عبد الفتاح، ورفضوا حماية الأسرة المعتدى عليها.
إلى جانب ذلك، فإن النائب العام، الذي اختطفت سناء سيف من أمام مبنى مكتبه، سبق ورفض أن يقابلها وأمها وأختها لاستلام شكواهن مما تعرضن له من اعتداءات، وما زالت النيابة العامة برئاسته تماطل في التحقيق في أي من هذه الشكاوى.
ففي 22 يونيو/حزيران الماضي، تهجمت مجموعة من النساء على أسرة علاء عبد الفتاح بالسحل والضرب، وقمن بسرقة جميع متعلقات النساء الثلاث على مرأى ومسمع ضباط تأمين السجن، الذين رفضوا لجوء ليلى سويف وابنتيها منى وسناء لسور السجن، وفي نفس اليوم، تقدم محامو الأسرة بشكوى بالتلغراف إلى النائب العام، وأخرى إلى وزير الداخلية، ضد المقدم محمد النشار، ولم يتم النظر في أي من هاتين الشكويين.
وفي اليوم التالي، 23 يونيو/ حزيران، توجهت ليلى سويف مع محاميها إلى سجن شديد الحراسة 2 مرة أخرى، للتقدم بشكوى لمأمور السجن لتمكين علاء من حقه في المكالمات الهاتفية والمراسلات، كما توجهت الأسرة إلى مكتب النائب العام لتقديم بلاغ بشأن واقعة التعدي، ورفض النائب العام حمادة الصاوي مقابلة أي فرد من المحامين أو الأسرة، وبعد ساعات؛ اختُطفت سناء سيف من أمام مقر النائب العام على يد عدد من الأشخاص في زي مدني، وفي وقت متأخر من نفس اليوم؛ ظهرت سناء سيف أمام نيابة أمن الدولة.
وقد شابت تلك المحاكمة، "الكيدية" حسب محامين حقوقيين، العديد من الانتهاكات، فوفق أقوال سناء في المحضر "زوّر مأمورو الضبط محضر الضبط الرسمي، وذلك بتأكيدهم أنه تم ضبطها بأحد الأكمنة بمحيط مدينة الرحاب، البوابة الأولى، دائرة قسم شرطة التجمع الأول"، بينما أكدت سناء، في أقوالها أن واقعة القبض عليها تمت من أمام مكتب النائب العام بالرحاب، أثناء توجهها للتبليغ على واقعة ضربها، على خلاف ما سطره محضر الضبط.
وتطرقت النيابة في تحقيقاتها مع سناء، لأمور تخص حياتها الشخصية، ولا تمت للاتهامات بصلة، بل تخص نشأتها، وعملها، وأسرتها، وهو الأمر الذي صنفه فريق المحاكمات العادلة، مجموعة محاميين حقوقيين مصريين، ضمن "الحياد عن التحقيق في مسار الاتهام وخوض في حياة سناء الخاصة".
كما أهملت النيابة كذلك فتح تحقيق في ما ذكرته سناء بشأن وجود إصابات في جميع أنحاء جسدها، وخاصة القدمين ومنطقة الظهر، والاكتفاء بتسجيل سبب الإصابة فقط، وهو تعرضها للضرب والسحل من قبل أربع سيدات لا تعلم هويتهن بتاريخ 22/6/2020، الساعة الخامسة صباحاً، أمام بوابة منطقة سجون طرة.
ولم تُطلع النيابة سناء على محضر التحريات وإذن الضبط والتحقيقات. وطلب دفاعها تمكينه من الاطلاع على تلك الأوراق، مع الاحتفاظ بحقه في إبداء كافة الدفوع الإجرائية والموضوعية، كذلك دفع الدفاع ببطلان التحقيق؛ لأنه لم يتضمن استجواب المتهمة على نحو حقيقي يكفل لها العلم بحقيقة التهم، والاستماع إليها، ومناقشتها تفصيلاً في التهم المسندة إليها.
وبعدها تم تجديد حبس سناء ورقيًا من دون مناظرتها، وذلك بجلسات تجديد أمر حبسها 5/7/2020، 19/7/2020، 28/7/2020، 17/8/2020، ولم تحضر "سناء" أياً منها، وقد تعللت النيابة بهذا لتعذر حضورها كإجراءٍ احترازي خشية من انتشار وباء كورونا.