أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، أنه مصمّم على الاستمرار في التعاطي بـ"انفتاح وتعاون وإيجابيّة" مع رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيّون، وتلاقي دعم المجتمع الدولي، وذلك بعد تسريبات عن خلاف جدي بين عون وميقاتي، قد يُترجم اعتذاراً قريباً، واتهام أوساط الأخير رئيس الجمهورية بأنه متمسك بالثلث المعطل وتمسية الوزراء المسيحيين منفرداً.
وأكد بيان صادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، أنّ "عون قدّم ويقدّم لميقاتي كلّ التسهيلات اللازمة من دون التوقّف عند حقيبة أو اسم، طالما تنازل منذ البدء عن الثلث الضامن وغيره، إدراكاً منه لعمل عدّة قوى على منع تأليف الحكومة وتصميمها على أخذ البلد باتجاه الفوضى، تحقيقاً لغاياتها السياسيّة".
وتابع البيان: "حيال ما صدر اليوم من تصريحات وتحليلات تعمّدت تشويه مواقف رئيس الجمهوريّة، ثمّة خشية مبرّرة بأن يكون الهدف ممّا يصدر الدفع بالرئيس المكلّف إلى الاعتذار، وهو ما لا يريده الرئيس عون، أو التمهيد لذلك، بغية إبقاء البلاد من دون حكومة في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يجتازها لبنان".
مكتب الإعلام: يُخشى أن يكون الهدف الدفع بالرئيس المكلّف الى الاعتذار وهو ما لا يريده الرئيس عون، او التمهيد لذلك بغية إبقاء البلاد من دون حكومة في هذه الظروف
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) August 19, 2021
ويأتي البيان بعد "تداول وسائل الإعلام المكتوبة والمرئيّة والمسموعة معلومات مغلوطة حول مسار تشكيل الحكومة الجديدة"، وفق ما جاء فيه، مؤكداً أنّ "رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون التزم طوال اللقاءات التي عقدها مع الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي النقاط التي تمّ الاتفاق عليها منذ اللقاء الأول، والتي كان متفقاً عليها مع الجميع سابقاً كأساس لتشكيل الحكومة، لا سيّما المعايير الواجب اعتمادها في توزيع الحقائب الوزاريّة على الطوائف والكتل بعدالة ومساواة وفق ما تقتضيه مصلحة لبنان واللبنانييّن وما يفرضه الدستور والميثاق".
وشدد على أنه "لم يرد يوماً في حساب الرئيس عون المطالبة بالثلث المعطّل، والرئيس المكلّف يدرك هذا الأمر من واقع وأوراق المحادثات بينهما، وبالتالي فإنّ كلّ ما قيل عن طلب رئيس الجمهوريّة تسعة أو عشرة وزراء عارٍ من الصحة جملةً وتفصيلاً، ولا أساس له، بل اختلقه البعض للتشويش على الاتصالات القائمة بين الرئيسين عون وميقاتي في سبيل تشكيل الحكومة، وذلك تحقيقاً لغايات لدى البعض لمنع ولادتها".
وأكد البيان أن "عون لم يقدّم إلى الرئيس المكلّف أيّ اسم حزبيّ لتوليّ حقيبة وزاريّة أو أكثر، وأن كل الأسماء التي عرضها تتمتّع بالخبرة والكفاءة والاختصاص المناسب للوزارات المرشحّة لها، واستطراداً فإنّ استبدال هذه الأسماء بأسماء أخرى لا مبرّر له، طالما أنّ المواصفات المتفّق عليها متوافرة، إلّا أنّ الرئيس كان إيجابيّاً ولا يزال، وهو يدرك أنّه من حق رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف إعطاء ملاحظات على أيّ اسم يرد منهما أو من أيّ من الكتل المشاركة، وصولاً إلى الاعتراض عليها، وهو والرئيس المكلّف يتعاطيان بانفتاح كامل مع هذا الأمر"، وفق ما جاء في البيان.
ولفت مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية إلى أن "الرئيس المكلّف واجه مطالب من أفرقاء آخرين كانت تتزايد وتتبدّل يوماً بعد يوم، ما انعكس تأخيراً في الاتفاق على إصدار التشكيلة الحكومية، لأن أيّ تعديل في حقيبة كان يستوجب إعادة النظر في حقائب أخرى، وهذا الأمر لا يزال قائماً ومتكرراً، على أمل التمكّن من تذليله بتعاون الرئيسين".
بدوره، أصدر المكتب الإعلامي لميقاتي بياناً أكد فيه أن الأخير "يقدّر لعون مضمون البيان الذي أصدره، ويؤكد استمرار التعاون لتشكيل حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتلاقي دعم المجتمع الدولي".
وإذ عبّر عن تقديره لعون إيجابية الموقف، لفت إلى أنه سيستمرّ في مسعاه لتشكيل الحكومة وفق الأسس المعروفة، كما أنه "ليس في صدد الدخول في أي سجال أو نقاش على الإعلام، متمنياً على الجميع إقران الإيجابيات المعلنة بخطوات عملية لتسهيل مهمته، وتشكيل الحكومة في أسرع وقت".
وكان مطلعون على ملف تشكيل الحكومة اللبنانية أكدوا، في وقت سابق، أن لقاء الثلاثاء الذي جمع عون بميقاتي لم يتسم بالإيجابية، رغم ما أشيع عن تفاؤلٍ كبيرٍ سرّبته أوساط رئاسة الجمهورية قبيل الاجتماع بساعاتٍ. وخرج ميقاتي ليُكرّر الموقف نفسه بعد كل لقاءٍ، "نستكمل مشاوراتنا. النية موجودة لدى الجميع بتأليف الحكومة لأن عدم التشكيل خطيئة كبيرة بحق الوطن، ونحن بحاجة إليها لمواكبة التطورات".
وعلى الرغم من وصف ميقاتي الحوار مع الرئيس عون بـ"الإيجابي"، متمنياً أن تبصرَ الحكومة النور قريباً، فقد ردّ على أسئلة الصحافيين حول عدم وجود أي تشكيلة وزارية في يده كما تجري العادة، بالقول: "الملف ضاع من إيدي"، قبل أن يستدركَ ويؤكد أن جوابه أتى "على سبيل الفكاهة"، ويخرج ورقة من جيبه بدل الملف، مبرراً ذلك بأنّها باتت مختصرة، مؤكداً: "إننا على مسافة أمتارٍ من المسابقة، وإن شاء الله نحلها بطريقةٍ لائقة ومقبولة".
وثمّة تخوّف جدّي من فشل مساعي تشكيل الحكومة، مع عدم حلّ العقد الأساسية، بالإضافة إلى إعلان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، اليوم الخميس، انطلاق أول سفينة من إيران إلى لبنان، محمّلة بأطنان من المحروقات، وسط تفاقم أزمة الوقود، الأمر الذي يشكّل تحدياً للعديد من الأفرقاء، بالإضافة إلى تعزيز المخاوف من عقوبات غربية على لبنان لاستقدامه النفط من إيران.
وكان نصر الله نأى، في خطابه بمناسبة ذكرى عاشوراء، اليوم، بحزبه عن مسؤولية الإخفاق في تأليف الحكومة، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ "الاتهامات بعرقلة إيران تشكيل الحكومة في لبنان باطلة، وهناك دول إقليمية معروفة تتدخل في التشكيل عبر سفاراتها"، غامزاً بذلك في الدرجة الأولى من قناة السفارة الأميركية، التي خصّها بهجومٍ مركّز في كلمته.