سلطت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير لها اليوم الأحد، الضوء على حظوظ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ليكون مرشحاً عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية 2024، مشيرة إلى أنه رغم كون ترامب لم يحضر المناظرة التمهيدية للحزب الأربعاء الماضي، ورغم المشاكل القانونية التي تلاحقه، يبقى المرشح الحتمي الذي لا مفرّ منه، والذي يتمتع بحظوظ كبيرة في السباق.
وتساءلت الصحيفة: هل لا يمكن إيقاف ترامب؟ لافتة إلى أن مقامرة ترامب بتخطي المناظرة التمهيدية للحزب الجمهوري الأربعاء قد أثمرت، حيث خرج ليس سالماً فحسب، بل مع تأكيد هيمنته، إذ رفع جميع المرشحين الثمانية، باستثناء اثنين، أيديهم، ليقولوا إنهم سيدعمونه كمرشح الحزب، حتى لو أُدين في إحدى القضايا، من بين عشرات التهم الجنائية التي يواجهها.
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أنه وبعد أقل من 24 ساعة، وبينما كان المنافسون يستعدون لإجراء المناظرة، عاد ترامب من أتلانتا بصورة جنائية قد تفيد الحزب الجمهوري بجمع التبرعات، وكذلك قد يستغلها منافسه الديمقراطي، تزامناً مع عودة مفاجئة إلى منصة إكس، المعروفة سابقاً باسم "تويتر".
ويرى جوردان برينغيلسون، وهو ناشط جمهوري في ولاية كارولينا الجنوبية ومحايد في السباق، إنّ "ترامب يتمتع بقدرة خاصة على التعامل مع أكثر الأمور سلبية والاستفادة منها"، مضيفاً: "في كل مرة يلكمونه، يصبح أقوى".
ويتبقى أكثر من أربعة أشهر حتى أول مسابقة للترشيح في ولاية أيوا، ولا يزال من الممكن أن يقع ترامب تحت وطأة مشاكله. وتستمر استطلاعات الرأي في إظهار تقدم كبير للرئيس السابق، لكنها تشير أيضًا إلى استعداد الناخبين للنظر في البدائل.
وقالت جانيتا ماكنولتي، رئيسة مقاطعة الحزب الجمهوري في ولاية أيوا، التي حضرت المناظرة في ميلووكي: "أي شيء يمكن أن يحدث". لكنها خلصت إلى أنّ أحداً لم يلحق الضرر بترامب، الذي ظهر في تلك الليلة في مقابلة شوهدت على نطاق واسع مع المذيع تاكر كارلسون، وقالت إن الملاحقات الجنائية لم تؤد إلا إلى تحفيز القاعدة الشعبية.
لوائح الاتهام تغذي ارتفاع حظوظ ترامب
وتستعيد الصحيفة كيف استفاد ترامب من الملاحقات القانونية، وتقول إنه في أواخر العام الماضي، بدا أنّ نجم ترامب بدأ يخفت، وشعبيته تنخفض، حيث كان أداء الحزب الجمهوري ضعيفاً في انتخابات الكونغرس النصفية، وخسر المرشحون المدعومون من الرئيس السابق الذين رددوا ادعاءاته حول تزوير الانتخابات الرئاسية عام 2020.
وأضافت أنّ عملية جمع التبرعات الخاصة به كانت محدودة، وكان ترامب يتطلع بقلق إلى حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، الذي فاز بإعادة انتخابه بأغلبية ساحقة واكتسب تأييداً محلياً لمعارضته قيود فيروس كورونا.
وتذكّر الصحيفة بكيفية تحول المشهد بعد ذلك لصالح ترامب في الربيع. ففي إبريل/ نيسان، جرى الكشف عن أول لائحة اتهام ضده، في قضية بنيويورك تتعلق بدفع أموال مقابل الصمت، (قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز)، وهرع الجمهوريون للالتفاف حوله، وتلت ذلك ثلاث لوائح اتهام أخرى، ما أجبر المرشحين على تكرار ادعاءات ترامب بأنّ الاتهامات لها دوافع سياسية.
وتلفت "وول ستريت جورنال" إلى أنه رغم وجود اختلافات سياسية، وخاصة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية وقضية الإجهاض، فإنّ المنافسين الجمهوريين يدعمون إلى حد كبير أجندة ترامب، بما في ذلك ما يتعلّق بملفات الهجرة والاقتصاد.
وتنقل الصحيفة عن الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري سكوت جينينغز قوله: "لم يحدث له أي شيء خلال الأسبوع الماضي يقلل احتمالات حصوله (ترامب) على ترشيح الحزب، وهو ما لا يزال أمراً مرجحاً بأغلبية ساحقة، لكنه غير مؤكد".
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب يبقى الأوفر حظاً من بين المرشحين الآخرين، على غرار رون ديسانتيس، الذي وقع في أخطاء أدت إلى تقليل حظوظه، وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي، التي أدت أداءً جيدًا أيضًا في استطلاعات الرأي المجراة بعد المناظرة، لكنها تظل متخلفة كثيرًا عن ترامب.
Trump’s election momentum is building even as his legal problems mount https://t.co/Dl2SFv4HE1
— The Wall Street Journal (@WSJ) August 27, 2023
ومن الأسماء التي لفتت إليها الصحيفة، رجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية فيفيك راماسوامي، الذي دافع بحماس عن ترامب، ووصفه بأنه "أفضل رئيس في القرن الحادي والعشرين"، ونال لاحقًا إشادة الرئيس السابق لقيامه بذلك. لكن راماسوامي أيضاً لا يزال أمامه طريق طويل للحاق به، وليس من الواضح لماذا يتخلى عنه أنصار ترامب ويتحولون إلى تأييد شخص يقلده.
وستنظر قاضية المحكمة الجزئية الأميركية تانيا شوتكان، في واشنطن، يوم الاثنين، في موعد تحديد محاكمة ترامب بتهم فيدرالية بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 في جورجيا للبقاء في السلطة. وطلب المستشار الخاص جاك سميث تحديد موعد للبدء في 2 يناير/ كانون الثاني 2024، أي قبل أسبوعين تقريبًا من الإدلاء بالأصوات في المؤتمرات الحزبية الأولى في ولاية أيوا.
ويريد محامو ترامب تأجيل المحاكمة إلى إبريل/ نيسان 2026، مشيرين إلى الحجم الكبير للأدلة التي سيتعين عليهم فحصها.
وستنظر شوتكان في توقيت القضية، المتزامنة مع ثلاث محاكمات أخرى لترامب، والتي من المرجح أن تبدأ في غضون أشهر، ما يجبر ترامب على التوفيق بين فعاليات الحملة الانتخابية والمثول أمام المحكمة.
مساعد: حملة بايدن الانتخابية لن تركز على مشاكل ترامب القانونية
في المقابل، يتعامل الرئيس جو بايدن وزملاؤه الديمقراطيون مع ترامب باعتباره المرشح "الحتمي" للحزب الجمهوري، ويأمل العديد من الديمقراطيين سرًا أن يحصل ذلك، لأنهم يرون أنه ضعيف، وفق الصحيفة.
وقال أحد كبار مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن في حملته لانتخابات الرئاسة عام 2024، اليوم الأحد، إن الحملة لن تركز على القضايا المرفوعة على المرشح الجمهوري المحتمل دونالد ترامب، الذي وجهت له أربع لوائح اتهام تتضمن تهما جنائية.
وصرّح سيدريك ريتشموند، الرئيس المشارك في حملة بايدن الانتخابية، في مقابلة مع برنامج تلفزيوني تبثه شبكة "إيه بي سي"، بأن حملة بايدن "لن تركز على المشكلات القانونية التي تواجه دونالد ترامب".
ويتقدم ترامب في معظم استطلاعات الرأي بنحو 40 نقطة على منافسيه لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي الذي هزمه في 2020.
ولم ينطق بايدن ببنت شفة حتى الآن مع توجيه 91 تهمة جنائية لترامب هذا العام، تتعلق بدفع أموال مقابل إسكات نجمة إباحية والاحتفاظ بوثائق سرية بالمخالفة للقانون ومحاولة تغيير نتائج انتخابات عام 2020.
وأفاد مساعدون لترامب بأنه سيقضي هذا الأسبوع في جمع التبرعات وإجراء مقابلات إعلامية. وهو يخطط لزيارة ولايات أيوا ونيوهامبشاير وكارولينا الجنوبية في سبتمبر/ أيلول المقبل، ربما عدة مرات، حيث يتطلع إلى توسيع تفوقه. ومن المرجح أن يغيب عن المناظرة المقبلة للحزب الجمهوري المقررة في أواخر سبتمبر.
وفي هذا السياق، قال رئيس الحزب الجمهوري في ولاية أيوا جيف كوفمان إنه يتوقع أن يحضر ترامب المناقشات المستقبلية التي أقرتها اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، خاصة إذا عُقدت في ولاية أيوا قبل وقت قصير من المؤتمرات الحزبية في 15 يناير، كما هو معتاد. ومضى قائلاً: "إنه يعلم أنه لا يستطيع أن يعتبر ولاية أيوا أمرًا مفروغًا منه".
وتشير الصحيفة إلى أنّ ملحمة ترامب القانونية المتواصلة تعني أنّ معركة مرشحي الحزب الجمهوري لانتحابات الرئاسة ستظل بمثابة استفتاء عليه، وهو نبأ سار بالنسبة له، لا سيما أنّه يتصدر باعتباره المرشح الأوفر حظاً.
ورأى ناثان غونزاليس، محلل الانتخابات غير الحزبي، أنه "طالما أنّ الأغلبية في الميدان تدافع عن ترامب، على الأقل في ما يتعلق ببعض التزاماته، فمن الصعب رؤية كيف سيُطاح به".