سمحت السلطات الجزائرية لحزب جبهة التحرير الوطني، أكبر الأحزاب الموالية للسلطة، بعقد مؤتمره العام نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد فترة من المماطلة، ما يسمح بتسوية الأوضاع الداخلية للحزب.
ويُنتظر من المؤتمر إنهاء مشكلة شرعية قيادة الحزب، الذي يحوز على أكبر كتلة في البرلمان، فيما يعتبر مراقبون أن ذلك مرتبط بالتمهيد لاستغلال الحزب لصالح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال الأمين العام للحزب، أبو الفضل بعجي، في مؤتمر صحافي، مساء أمس الأحد، "حصلنا على رخصة من سلطات ولاية الجزائر الخميس الماضي، وهذا سيسمح لنا ببدء الترتيبات الفنية والسياسية للمؤتمر الذي سيُعقد بين 29 إلى 31 أكتوبر"، مشيراً إلى أنه تم اختيار تاريخ انعقد المؤتمر عشية الاحتفال بعيد ثورة التحرير.
وأكد بعجي أن هذه الترتيبات ستسمح ببدء اجتماعات اللجان السياسية والمؤتمرات الولائية لاختيار المندوبين الذين يمثلون الولايات إلى المؤتمر، ومن شأن ذلك أن يسمح بتسوية الأوضاع الداخلية للحزب، الذي عاش فترة تململ داخلي وتمردات مستمرة منذ عام 2003، كما شهد نزيفاً حاداً خلال فترة الحراك الشعبي عام 2019.
ويعيش الحزب الحاكم على سلسلة من حالات التمرد والانقلابات الداخلية، اذ توالى على قيادته أكثر من أربعة أمناء عامين، منذ أكتوبر 2003 حين انقلبت مجموعة من القيادات المدعومة من الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، على الأمين العام للحزب حينها، علي بن فليس، والمنافس الأبرز لبوتفليقة في انتخابات الرئاسة 2004.
وشهد الحزب سلسلة انقسامات داخلية مستمرة منذ المؤتمر العام في 2008 الذي حمل رئيس الحكومة الأسبق، عبد العزيز بلخادم، إلى قيادة الحزب، قبل أن ينجح منشقون في الانقلاب عليه وتزكية عمار سعداني كأمين عام للحزب.
وغادر سعداني منصبه بأمر من الرئيس بوتفليقة في مارس/آذار 2017، وخلفه جمال ولد عباس، وزير التضامن والموجود حالياً في السجن في قضايا فساد، وخلف ولد عباس في منصب الأمين العام، محمد جميعي، الذي سُجن أيضاً في 2020، ليتم تعيين أبو الفضل بعجي على رأس قيادة الحزب مؤقتاً.
ونجح البعجي، برغم المشكلات الداخلية والضغط الذي عاشه الحزب في فترة الحراك الشعبي، في قيادة الحزب نحو الفوز بالانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/حزيران 2021، حيث يحوز الحزب على أكبر كتلة نيابيةبـ 98 نائباً من أصل 465، كما فاز بالانتخابات المحلية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة، وهي نتائج كانت مفاجئة.
وتشير بعض القراءات السياسية من قبل مراقبين لتطورات الأحداث في الجزائر إلى أن ترخيص السلطات لحزب جبهة التحرير الوطني بتنظيم مؤتمره يدخل في إطار سعيها لتسوية الوضع الداخلي لأكبر أحزاب السلطة، تمهيداً للحصول على تعبئة قواعد الحزب في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل لصالح دعم تبون لولاية ثانية.