أعلنت لجنة تقصي الحقائق العراقية، اليوم الجمعة، عن تفاصيل جديدة بشأن التحقيق بملف ضحايا التظاهرات، مؤكدة استدعاءها عشرات الضباط وعناصر الأمن وإخضاعهم للتحقيق، مقدمة وعوداً بسرعة حسم الملف، في خطوة جاءت بالتزامن مع عملية اعتقال القيادي بـ"الحشد الشعبي" قاسم مصالح، والذي يواجه تهمة اغتيال ناشطين في ساحات التظاهر من بين تهم أخرى غيرها.
وتواجه حكومة مصطفى الكاظمي، اتهامات بعدم القدرة على متابعة ملف قتلى التظاهرات والناشطين، خاصة أن مليشيات متنفذة بالدولة ومرتبطة بإيران متهمة بتنفيذها.
المتحدث باسم اللجنة، محمد الجنابي، قال، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "اللجنة وبإشراف وتوجيه رئيس الوزراء ومستشاره للجنة تقصي الحقائق الخاصة بالتحقيق في قتل المتظاهرين والكشف عن الجناة وتعويض المتضررين من عوائل الضحايا، استدعت شهوداً واطلعت على الأدلة الجنائية والأوراق القضائية".
وبين أن "اللجنة استدعت أكثر من 7000 وثيقة قضائية من المحاكم المختصة، وتم الاطلاع عليها من قبل القضاة الذين تم اختيارهم من قبل رئيس الوزراء بمهنية وحيادية عاليتين، لضمان الوصول إلى نتائج حيادية ورفع الضبابية عن هذا الملف الشائك".
ونقل عن لجنة تقصى الحقائق تأكيدها أن الجرائم كانت بشعة وأن الكشف عن الجناة مسألة وقت"، مشيرا إلى أن "العملية قضائية وقانونية وتحتاج إلى كشف الأوراق والأدلة الجنائية وكشف الدلالة والاطلاع على سجلات الطب العدلي والاستماع إلى الشهود وذوي الضحايا، فضلاً عن استدعاء المتهمين، لضمان صدور قرار قضائي صحيح يحال إلى المحاكم المختصة، دون وجود أي ثغرة قانونية أو خطأ أو اتهام أحد جزافاً".
وأوضح أن "اللجنة استدعت أيضاً عوائل الشهداء من المحافظات، وسجلت شهاداتهم وقامت بإحالتهم إلى المؤسسات الرسمية كمؤسسة الشهداء وضحايا الإرهاب لتعويضهم وشمولهم ضمن القوانين السارية في الدولة".
وبخصوص منتسبي الأجهزة الأمنية، أوضح أن "اللجنة استدعت 22 ضابطاً من رتبة نقيب إلى لواء، ونحو 90 منتسباً من وزارتي الداخلية والدفاع"، مبيناً أن "قسماً من الضباط والمنتسبين متهمون بقضايا قتل والقسم الآخر من المتضررين والضحايا".
وأكد "السعي لكشف حقائق الأمور وفرز الأوراق بصورة صحيحة، من خلال الاستماع إلى الشهود، لضمان مجازاة المتضررين ومعاقبة المسيئين".
وبشأن موعد الكشف عن الجناة وصدور قرارات قضائية بحقهم، قال إن "اللجنة استدعت القضايا التي رفعت من قبل ذوي الضحايا للمحاكم المختصة وأخذت مجراها القانوني، ليتم الاطلاع عليها مرة أخرى من قبل القضاة المختصين، وإعادة التحقيق حتى يتم إصدار القرارات القضائية الصحيحة".
وبين أن "مسألة الكشف عن الجناة والمجرمين هي مسألة وقت، واللجنة مستمرة في عملها منذ تشكيلها حتى الآن، وحشدت كل الوزارات والمؤسسات المعنية من وزارات الداخلية والدفاع والعدل والصحة، ومجلس القضاء الأعلى، وأجهزة الأمن الوطني والمخابرات ومكافحة الارهاب، لكشف الحقائق للرأي العام والدولي أيضاً".
ويأمل ناشطون عراقيون بأن يكون هناك خطوات حكومية لحسم الملف، وعدم الاكتفاء بالوعود كما كان في السابق، وقال الناشط، علي الناصري، لـ"العربي الجديد"، إن "القبض على قاسم مصلح يعد خطوة أولى تحسب للحكومة، للكشف عن قتلة المتظاهرين".
وأعرب عن أمله أن "تستفيد الجهات القضائية من التحقيق معه لكشف الجهات المتورطة بعمليات القتل".
وأضاف أن "عملية الاعتقال أعادت ثقتنا بالحكومة، والتي يتحتم عليها متابعة الملف كجزء من مسؤولياتها"، مشيراً إلى أننا "ننتظر نتائج عملية في الملف، وإدانات قضائية للجهات التي أجرمت وقتلت مئات من أبناء الشعب".
وشهدت التظاهرات العراقية، التي بدأت شرارتها في أكتوبر/تشرين الأول 2019 مقتل ما لا يقل عن 800 متظاهر وأكثر من 27 ألف جريح، في أطول وأعنف موجة احتجاج شهدتها البلاد، طالبت بمحاسبة الفاسدين، وقوبلت بقمع مباشر من قبل عناصر الأمن بالرصاص الحي، ومن مليشيات مسلحة رافضة للتظاهرات، فضلاً عن عمليات اغتيال لاحقت المتظاهرين إلى منازلهم.