- لجنة أهالي المعتقلين و"محامون من أجل العدالة" استنكروا الاعتقالات معتبرينها انتهاكًا للحقوق المدنية والسياسية، وتأكيدًا على أنها تخدم الاحتلال الإسرائيلي وتضر بالمجتمع الفلسطيني.
- محادثات المصالحة بين فتح وحماس في بكين تشهد تقدمًا، في محاولة لتوحيد الصف الفلسطيني وسط تداعيات الاعتقالات السياسية والضغوط الأمنية، مما يبرز الحاجة الملحة للمصالحة.
في حملة تعد الأكبر منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شنت أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية، وخاصة جهاز المخابرات العامة، حملة اعتقالات ضد الناشطين السياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحافيين في الضفة الغربية المحتلة. وجاءت الاعتقالات بعد يومين فقط من تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المنتدى الاقتصادي الذي عقد في الرياض وتعهده بـ"العمل للحفاظ على أمن إسرائيل"، ومشاركة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ في الاجتماع الأمني السداسي الذي ناقش اليوم التالي للحرب على غزة.
وعقد الاجتماعان في العاصمة السعودية، وقد أثارت تلك التصريحات والمشاركة استياءً فلسطينياً واسعاً، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة. ووفق إحصائيات أولية، زاد عدد الفلسطينيين الذين جرى اعتقالهم خلال الأيام الثلاثة الماضية عن 60 معتقلاً، منهم 22 معتقلاً يوم أمس الخميس وحده، وجلهم من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي وممن سبق أن تعرضوا للاعتقال على يد السلطة الفلسطينية.
ومن أبرز هؤلاء المعتقلين، القيادي في حركة حماس والأسير المحرر الشيخ علي خريوش (55 عاماً)، الذي نُقل إلى المستشفى جراء تدهور وضعه الصحي، إضافة إلى الناشط السياسي والأسير المحرر أسيد الخراز (40 عاماً) وكلاهما من مدينة طوباس شمالي الضفة الغربية.
ومن المعتقلين أيضا، سامي جبارين من مدينة سلفيت شمالي الضفة، وهو شقيق رئيس حركة حماس في الضفة الغربية زاهر جبارين، والمهندس في بلدية نابلس بهاء تفاحة (45 عاماً)، والأسيران المحرران مجدي القطب وعلاء الدين شبيري من المدينة ذاتها.
كما اعتقلت أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية همام الحاج، نجل الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي القيادي في حماس عبد الباسط الحاج، وابن عمه حسان جمال الحاج، من قرية جلقموس جنوب شرق جنين، بعد الاعتداء وإطلاق النار عليهما.
"حملة مسعورة" لأجهزة السلطة الفلسطينية
وفي بيان وصل إلى "العربي الجديد"، استنكرت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، بشدة، ما أسمتها "حملة الاعتقالات المسعورة التي تشنها أجهزة أمن السلطة، والمتصاعدة بشكل لافت منذ أيام، بحق المقاومين والنشطاء والطلبة والأسرى المحررين في عدة مناطق بالضفة الغربية، في الوقت الذي لا تزال تزج بمئات المواطنين في سجونها بذرائع واهية وتهمٍ ملفقة". وقالت اللجنة إن "إصرار أجهزة السلطة على ضرب حاضنة المقاومة والنسيج المجتمعي الفلسطيني وتهديد السلم الأهلي، من خلال مواصلة الاعتقالات والملاحقات السياسية، وضرب عرض الحائط بكل النداءات التي تدعو إلى وقف هذه الاعتقالات المهينة لتضحيات شعبنا الثائر، هي سياسة تتماهى بشكل تام مع الاحتلال وعدوانه المتصاعد".
من جهته، أكد منسق مجموعة "محامون من أجل العدالة" المحامي مهند كراجة أن هناك تزايداً ملحوظاً للاعتقالات السياسية، طاولت المعارضين السياسيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن من بينهم 4 صحافيين اعتُقلوا في إبريل/ نيسان المنصرم في الضفة الغربية. وقال كراجة لـ"العربي الجديد": "خلال الأيام الأخيرة، تزايدت حدة الاعتقالات للناشطين. نحن أمام أكبر حملة اعتقالات منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. حيث تشير الإحصائيات إلى اعتقال ما لا يقل عن 60 مواطناً من مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، وجلهم من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي".
وتابع كراجة: "للأسف، تتزامن هذه الحملة مع حملات الاعتقالات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي. الشعب الفلسطيني في الضفة يعيش حالة غير مسبوقة، حيث تتسابق سلطتان على ملاحقة وقمع النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان". وبحسب كراجة، "فإن هذه الاعتقالات تعني أن السلطة الفلسطينية تدير ظهرها لكل الاتفاقيات التي وقعتها ونشرتها في الجريدة الرسمية، وتتعهد بموجبها بحماية الحريات المدنية والسياسية، وخاصة العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يمنع هذه الملاحقة ويجرمها".
وقال كراجة: "نتحدث عن نهج خطير بدا واضحا لدى السلطة، وهو إعدام النشطاء السياسيين، فقد قتل 8 منهم، من بينهم مقاومون، برصاص الأجهزة الأمنية خارج إطار القانون". وبات عدد من قتلتهم الأجهزة الأمنية في ظروف مختلفة، إما على خلفية عملهم المقاوم أو خلال احتجاجات نصرة لغزة، ثمانية فلسطينيين، وذلك منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
"العض على الجراح"
بدوره، قال قيادي في حركة حماس طلب عدم كشف اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "السلطة الفلسطينية قد اتخذت قرارها بشأن هذه الملاحقات والاعتقالات رغم العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، ضاربة عرض الحائط بكل الاعتبارات الوطنية والمجتمعية"، مضيفاً: "لا نعلم لمصلحة من تقوم السلطة بهذه الأفعال المرفوضة وطنيا ومجتمعيا! المستفيد الوحيد هو الاحتلال الإسرائيلي وأعداء الشعب الفلسطيني، لذا عليها أن تعود إلى لغة العقل والمنطق".
وتساءل القيادي: "هل هي رسالة لمن اجتمعوا في العاصمة الصينية بكين من حركتي فتح وحماس؟ مع العلم أن ممثل فتح قد أكد على ضرورة إنجاز ملفات المصالحة وإنهاء الانقسام، فكيف يتساوى هذا مع ما تنفذه الأجهزة الأمنية الفلسطينية على الأرض؟". وأكد أن "حماس، ورغم استيائها من تلك الأفعال الخارجة عن الإجماع الوطني، فقرارها هو العض على الجراح وتفويت الفرصة على المتربصين بالشعب الفلسطيني ومقاومته".
وأعلنت الصين، الثلاثاء، أن حركتي فتح حماس أجرتا محادثات بهدف المصالحة الفلسطينية في بكين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان للصحافيين: "بناء على دعوة من الصين، قام ممثلو حركتي فتح وحماس بزيارة بكين أخيراً لإجراء مناقشات متعمقة وصريحة للدفع باتجاه المصالحة الفلسطينية". وقال لين إن "الجانبين أكدا أن لديهما كامل الإرادة السياسية لتحقيق المصالحة من خلال الحوار والتشاور. وناقشا العديد من القضايا المحددة وأحرزا تقدماً".