أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، من العاصمة الإيرانية طهران، أنه لن يسمح باستخدام أراضي العراق لتهديد أمن إيران، مشيراً إلى الاتفاق مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة.
ووصل السوداني، صباح اليوم الثلاثاء، إلى طهران برفقة وفد وزاري وأمني كبير، في زيارة رسمية تعتبر ثالث محطاته منذ تسلمه رئاسة الحكومة العراقية الجديدة الشهر الماضي، بعد زيارته إلى الأردن والكويت الأسبوع الماضي.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أنّ مراسم استقبال رسمية جرت لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني في قصر سعد آباد بالعاصمة الإيرانية طهران.
وقال السوداني، في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيسي في طهران، ونقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، إنّ "زيارتي إلى طهران جاءت بناءً على دعوة رسمية لبحث العلاقات الثنائية"، مبيّناً "أننا سنبحث العلاقات في جميع المجالات والأوضاع بالمنطقة".
وأضاف أنّ "العراق لا ينسى دعم طهران له منذ العام 2003 والحرب ضد عصابات داعش الإرهابية"، مشيراً إلى أنّ "الزيارات واللقاءات ضرورية للدفع بتفعيل الأنشطة في جميع المجالات".
وتابع أنّ "الملف الاقتصادي يحظى بأهمية كبيرة لدى الحكومة"، لافتاً إلى "أننا اتفقنا مع الرئيس الإيراني على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة".
وثمّن السوداني "موقف إيران بدعم العراق في إمدادات الغاز"، موضحاً أنه "تم بحث العلاقة والتعاون في المجال الأمني وأمن البلدين لا يتجزأ".
وذكر أنّ "الحكومة ملتزمة بتنفيذ الدستور وعدم السماح باستخدام الأراضي العراقية للإخلال بالأمن في إيران"، مشيراً إلى "أننا نعتمد في علاقاتنا الخارجية مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية".
بدوره، أعرب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن ترحيبه بزيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والوفد المرافق له، مؤكداً أنّ "علاقة العراق بالجمهورية الإسلامية قوية ومتجذرة وتاريخية".
وقال رئيسي خلال المؤتمر إنّ "مكانة العراق مهمة لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، والاستقرار من مسؤولية حكومات دولها"، معتبراً أنّ "حضور القوات الأجنبية في المنطقة يزيد من مخاطر الأمن فيها"، في إشارة إلى القوات الأميركية الموجودة في العراق.
وتابع قائلاً إنّ "الأمن والاستقرار بالمنطقة يحظى باهتمام مشترك من طهران وبغداد، ومن هذا المنطلق فإنّ محاربة الجماعات الإرهابية والجرائم المنظمة ومكافحة المخدرات تأتي ضمن الاتفاقيات المشتركة بين البلدين".
ولفت إلى أنّ "زيارة السوداني إلى طهران تعدُّ نقطة تحول في العلاقات الثنائية وستساعد في حلّ المشاكل العالقة بين البلدين"، مشيراً إلى أنّ "الحوارات التي ستجرى خلال هذه الزيارة ستعزز العلاقات بين البلدين".
وقال إنّ "المجال الاقتصادي والتجاري يشكّل أحد محاور محادثات اليوم، كما أنّ القضايا المالية والمصرفية وتصدير الكهرباء والغاز هي من محاور التفاوض، ولا شك في أن هذه الزیارة والمحادثات بين الوفدين الإيراني والعراقي يمكن أن تساعد بشكل كبير في حل القضايا بينهما".
وأشاد رئيسي بـ"دور العراق في استضافة الزوار الإيرانيين خلال الزيارة الأربعينية".
ويرافق السوداني كل من وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير النفط حيان عبد الغني، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ومدير مكتب رئيس الوزراء، والمستشار الاقتصادي، ومدير المصرف العراقي للتجارة (حكومي)، إلى جانب مسؤولين أمنيين ومستشارين حكوميين.
وسيلتقي السوداني المسؤولين الإيرانيين، من بينهم المرشد الأعلى علي خامنئي.
وكان مسؤول في أمانة مجلس الوزراء العراقي في العاصمة بغداد قد أبلغ "العربي الجديد"، في وقت سابق، بأن الزيارة تستغرق يوما واحدا فقط، وتشمل عدة اجتماعات، أبرزها مع المرشد الأعلى علي خامنئي، فيما سيتم بحث جملة من الملفات بين البلدين من خلال اجتماعات يعقدها الوفد المرافق للسوداني في زيارته إلى طهران.
وأضاف المسؤول طالباً عدم ذكر اسمه، أن "الزيارة متفق سلفا على ملفاتها، وتتصدرها قضية القصف الإيراني على أراضي إقليم كردستان، وإطلاع الجانب الإيراني على الإجراءات التي تم اعتمادها داخل العراق للتعامل مع ملف الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة، وملفات المياه والطاقة المتعلقة باستيراد الغاز والكهرباء، إلى جانب سعي العراق إلى إكمال دور الوساطة بين طهران والرياض".
ويرى الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي أنّ "الإيرانيين يتعاملون مع حكومة السوداني الجديدة بإيجابية، لذا من المرجح نجاح مهمة الوفد الحكومي العراقي هذا اليوم، بوصف هذه الحكومة منبثقة من تحالف الإطار التنسيقي الحليف لطهران".
ويضيف، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "أي خطوة إيرانية تجاه العراق في ما يتعلق بالمياه عبر قطع طهران روافد عديدة عن نهر دجلة، أو العمل العسكري الذي تلوح به في الشمال، سيحرج الإطار التنسيقي ويعزز موقف مقتدى الصدر وتياره رغم اعتزاله السياسة والتزامه الصمت منذ ما يزيد عن الشهرين".
لكنه في الوقت نفسه اعتبر أن "زيادة الضغط الداخلي في إيران قد تدفع السلطات إلى محاولة إيجاد متنفس لإشغال الشارع، وهذه المرة تبدو الجماعات الكردية المعارضة الموجودة في إقليم كردستان ورقة سهلة أمامها ويمكن تسويقها إعلامياً"، وفقاً لتقديره.
في السياق، نقل تلفزيون "رووداو"، المقرب من حكومة إقليم كردستان العراق، عن ناظم الدباغ، ممثل حكومة إقليم كردستان في إيران، قوله إن زيارة السوداني لإيران تتمحور حول نقطتين، إحداهما هي علاقات إيران والعراق ومحمد شياع السوداني نفسه، والأخرى مرتبطة بإيران.