السودان: منازل سكان الفاشر باتت أنقاضاً إثر هجوم لقوات الدعم السريع

22 سبتمبر 2024
جانب من الاشتباكات في مدينة الفاشر، 21 سبتمبر 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **الوضع الإنساني في الفاشر:** سكان الفاشر يعانون من صعوبة التحرك بسبب هجوم قوات الدعم السريع، مما أدى إلى كارثة إنسانية. الأمم المتحدة تناقش النزاع المستمر منذ 17 شهراً، الذي أوقع عشرات الآلاف من الضحايا وسبب أزمة نزوح كبيرة. المنظمات الأممية تطالب بوقف القصف وتوفير المساعدات.

- **التصعيد العسكري والدعوات الدولية:** الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني أدت إلى سقوط قتلى وجرحى. الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأميركي دعوا إلى وقف الهجوم واستئناف المفاوضات.

- **الأزمة الإنسانية والمخاوف من الإبادة الجماعية:** الوضع الإنساني كارثي، مع حاجة مئات الآلاف للمساعدات. مخيمات النازحين ضاقت بالنازحين بسبب الحصار والقصف. الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يحذران من دوامة عنف قد تؤدي إلى إبادة جماعية.

يحاول سكان مدينة الفاشر السودانية بصعوبة التحرك بين أنقاض منازلهم، اليوم الأحد، بعد أن بدأت قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة منذ شهور، ما وصفته الأمم المتحدة بـ"هجوم شامل" عليها. ومن المقرر أن تناقش الجمعية العمومية للأمم المتحدة، اليوم، النزاع المستمر منذ 17 شهراً في السودان والذي أوقع عشرات الآلاف من الضحايا وسبَّب أكبر أزمة نزوح في العالم.

وأمس السبت، ذكر بيان لشبكة أطباء السودان (غير حكومية) أنّ "استمرار الاشتباكات بالفاشر وارتفاع وتيرة الهجمات على المدينة المأهولة بالسكان سيسبّب كارثة إنسانية محتمة". وطالب بـ"وقف القصف العشوائي وفك الحصار عن المدينة التي تحتضن أكثر من مليون مواطن أغلبهم من النازحين". كما طالب البيان المنظمات الأممية "بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية خاصة الأدوية والوجبات الغذائية للأطفال والضغط لوقف التصعيد".

ودعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، الثلاثاء الفائت، طرفي النزاع في السودان إلى استئناف المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ إبريل/نيسان 2023. ولكن على الأرض تجدد القصف في الفاشر وطاول منازل المدنيين. وقال التيجاني عثمان الذي يقطن في جنوب المدينة: "غالبية منازل حينا دمرت تماماً". وأضاف: "بات الحي شبه خال من السكان"، بعد شهور من الحصار والاشتباكات ونقص الغذاء.

وأدت الاشتباكات العنيفة التي دارت، أمس السبت، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني إلى سقوط 14 قتيلاً مدنياً و40 جريحاً، بحسب ما قال مصدر طبي لوكالة فرانس برس طالباً عدم الكشف عن هويته خشية تعرضه للأذى. وتدارك: "غير أن هذه الحصيلة أبعد ما تكون من الرقم الفعلي"، موضحاً أنّ "الناس عادة يدفنون موتاهم حيث هم موجودون بدلاً من المخاطرة بعبور منطقة اشتباكات في الطريق إلى المستشفى".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد دعا، أمس السبت، قوات الدعم السريع إلى وقف الهجوم على مدينة الفاشر. جاء ذلك في بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك. وأعرب غوتيريس، عن "انزعاجه الشديد إزاء التقارير التي تفيد بشن قوات الدعم السريع هجوماً شاملاً على الفاشر".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى "التصرف بمسؤولية وإصدار أمر فوري بوقف هجوم قواته". وشدد على أنّ "وقف إطلاق النار لا يعد أمراً ضرورياً فحسب، بل إنه ضرورة ملحة، سواء في الفاشر أو في جميع مناطق الصراع الأخرى في السودان. وذكر البيان الأممي أنه "من غير المعقول أن تتجاهل الأطراف المتحاربة مراراً وتكراراً الدعوات إلى وقف الأعمال العدائية".

وأضاف أنّ "أي تصعيد آخر من شأنه أن يهدد أيضاً بنشر الصراع على أسس عرقية في جميع أنحاء دارفور". وتابع البيان: "الوضع الإنساني في هذه المنطقة كارثي بالفعل، حيث يحتاج مئات آلاف الناس إلى المساعدات". وشدد على أن "أطراف الصراع عليها التزامات واضحة بموجب القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين، ويجب عدم توجيه الهجمات ضدهم أو ضد البنية التحتية المدنية، وتوخي الحذر المستمر لتجنيب تعريضهم للخطر".

وأشار غوتيريس، إلى أن مبعوثه الخاص "رمطان لعمامرة يواصل جهوده الرامية إلى تعزيز السلام وأنه على استعداد لدعم الجهود الحقيقية الرامية إلى وقف هذا العنف والمضي قدماً نحو السلام". ولفت إلى أن "المنظمات الإنسانية تقف على أهبة الاستعداد لزيادة المساعدات بسرعة في الفاشر وغيرها من المناطق المحتاجة في مختلف أنحاء السودان".

من جانبه، قال الحيش السوداني، في بيان، أمس السبت، إن قواته والقوات المشتركة للحركات المسلحة في دارفور (الموقعة على اتفاق السلام في جوبا 2020 ) "يسطرون بطولات جديدة ومستمرة ويدحرون الدعم السريع في الفاشر ويقتلون اثنين من قادتها إضافة إلى المئات من عناصرها، وتدمير مركبات وعتاد حربي". 

ومنذ مايو/ أيار الفائت، تفرض قوات الدعم السريع حصاراً على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، المدينة الكبيرة الوحيدة في هذا الإقليم الشاسع غرب البلاد التي لا تخضع لسيطرتها. وأوقعت المعارك مئات القتلى داخل المدينة وفق منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية. كما أدت إلى نزوح مئات الآلاف في الأسابيع الأخيرة وإلى مجاعة في مخيم زمزم للنازحين القريب من الفاشر.

تحذير من دوامة عنف في الفاشر يمكن أن تطيح كلَّ شيء

تحوط بالفاشر العديد من مخيمات النازحين، من بينها زمزم وأبوشوك اللذان ضاقا بمئات الآلاف من هؤلاء منذ بدء الحرب بسبب حصار قوات الدعم السريع وقصفها. واستناداً بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولايات المتحدة بأنّ المدنيين كانوا يهربون "سيراً على الطريق من الفاشر إلى زمزم".

واستغل سكان بقوا في المدينة، مثل محمد صفي الدين، فرصة الهدوء الحذر، صباح اليوم الأحد، لجلب طعام لأسرهم. وقال صفي الدين: "الوضع الغذائي صعب، نعتمد على مراكز الطبخ" التي يديرها متطوعون وانتشرت في مختلف أنحاء البلاد وتعد خط الدفاع الأخير في مواجهة المجاعة في مناطق مثل الفاشر.

ويواجه طرفا النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، اتهامات بارتكاب جرائم حرب بينها استهداف المدنيين والقصف العشوائي للمناطق السكنية. وتواجه قوات الدعم السريع خصوصاً اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي. وأسفر هجومها على الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور العام الماضي، عن سقوط 15 ألف قتيل معظمهم من قبيلة المساليت غير العربية، وفق خبراء الأمم المتحدة. وسبق أن سقط 300 ألف قتيل، وفق الأمم المتحدة، في حرب اندلعت عام 2003 في إقليم دارفور وارتكبت خلالها مليشيا الجنجويد، التي انبثقت منها قوات الدعم السريع، جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزب بوريل، اليوم الأحد: "لا يمكننا أن نكون شهوداً على إبادة جماعية جديدة" في هذا الإقليم. والجمعة الفائت، حذرت مستشارة الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، أليس ويريمو نديويتو، من أنّ "هجوم قوات الدعم السريع الذي شنته على أربعة محاور على الأقل أطلق دوامة من العنف يمكن أن تطيح كلَّ شيء في طريقها".

(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون