قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، إنه "كان متخوفاً من حدوث عمليات (إرهابية) في شبه جزيرة سيناء ضد إسرائيل خلال أحداث 2011"، مضيفاً أنه أبلغ عن تلك المخاوف إلى وزير الدفاع الراحل حسين طنطاوي، "بسبب سيطرة المسلحين على شمال سيناء، وإمكانية قيامهم بعمليات على الحدود ضد إسرائيل".
وأضاف السيسي، في كلمته بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة، أن "حدوث مثل تلك العمليات كان سيتسبب في أزمة مع الإسرائيليين"، معترفاً بـ"تواصله مع الجانب الإسرائيلي أثناء الأحداث (ثورة 25 يناير 2011)، من أجل إدخال قوات من الجيش المصري إلى مناطق في شمال سيناء للسيطرة عليها، وكان الرد إيجابياً بعد تقديم إخطار بعدد القوات، والتنسيق المستمر بشأنها مع إسرائيل".
وتابع أن "الدولة المصرية لم تلجأ لاستخدام الحشد الإعلامي لصالح حربها ضد الإرهاب في سيناء، ولم تستخدم ذلك غطاءً لأي شيء يحدث داخلها"، محذراً المصريين من "تكرار ما حدث في عام 2011 (التظاهر السلمي ضد رئيس الجمهورية)، بهدف منع الوقوع في فخ تخريب وتدمير الدولة من الداخل".
وادعى السيسي أن "الحرب على الإرهاب كلفت الدولة نحو مليار جنيه شهرياً لمدة 90 شهراً على الأقل"، مضيفاً أنه "مع توليه المسؤولية، كان أمامه خياران، الأول أن يوقف كل الأعمال التي تشهدها الدولة حالياً، ويحشد إعلامياً بشكل ضخم لملف الحرب على الإرهاب، والثاني أن يترك الجنود يحاربون الجماعات المسلحة في سيناء، وتحارب البلاد هنا في معركة ثانية من أجل التنمية والاستقرار".
وزاد قائلاً: "ما حدث في مصر خلال عامي 2012 و2013 كان يهدد بدخولها في حرب أهلية، لكن الله قدر أن ينجينا منها. وتكرار التحذير من تخريب الدولة ليس تنظيراً، لأن واقع بعض الدول خير دليل على أن الدمار الداخلي لأي بلد يصعب تجاوزه، إلا بعد مرور سنوات طويلة".
وعن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ توليه الحكم، قال السيسي: "من الظلم تقييم أداء الدولة من خلال الأزمة الاقتصادية الحالية، أو القياس عليها، لأن الأوضاع في عام 2012 كانت أسوأ من ذلك. والجماعات المسلحة في سيناء استغلت انشغال المصريين بأحداث 2011، ووجودهم في الميدان (وسط القاهرة)، وسيطرت على شمال سيناء بغية كسر وجود الدولة فيها".
وأضاف: "الحرب على الإرهاب لم تكن بسيطة في سيناء، ولو عرضنا بعض الأفلام المتاحة في الإنترنت فسترون حجم الخسائر والدمار والخراب. لو أذيع فيلم واحد منها، فجميع المصريين لن يعرفوا النوم هذه الليلة، والدولة مرت بظروف صعبة للغاية في أعوام 2011 و2012 و2013، وأصعب بكثير من الظروف الحالية".
السيسي: الحرب على الإرهاب كلفت الدولة نحو مليار جنيه شهرياً لمدة 90 شهراً على الأقل
وأكمل السيسي: "يجب أن نظل منتبهين، وأن نرفع دائماً شعار: خلي السلاح صاحي (يدك دائما على الزناد). لم أتحدث بهذه الطريقة من قبل علناً، وحين كنت أقول ارفعوا السلاح، كان المسؤولون عن الإعلام يحذفونها، إذا كانت الكلمة مسجلة"، متابعاً "لا يوجد إرهاب يستطيع هدم دولة على قلب رجل واحد، وأوعوا (احذروا) يا مصريين تتسببوا في خراب بلادكم مرة أخرى كما حدث في 2011"، في إشارة إلى ثورة 25 يناير السلمية، التي أطاحت حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.
واستطرد قائلاً: "سأظل أكرر هذا الحديث لكم، الذي يجب أن يعلموه للتلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات، لأن ما حدث في 2011 لم يكن وليد اللحظة، وعكس فكراً لتدمير الدولة. أريد من المصريين أن يكونوا أكثر صلابة، لأن بناء دولة بحجم مصر، واستعادة مكانتها، ليسا بالأمر السهل، باعتبار أن التحديات كثيرة، ولن تنتهي".
وأردف السيسي: "مصر يعيش فيها أكثر من 105 ملايين شخص، بالإضافة إلى نحو 6 ملايين من الضيوف (الأجانب)"، مضيفاً: "المعركة تحتاج إلى جهد وتضحية، وسنقيم احتفالاً كبيراً بسيناء في وقت قريب، يتضمن معرضاً لصور كل مجرم حارب الدولة بالاسم كاملاً، فضلاً عن الأسلحة والذخائر وأجهزة الاتصال، وكل ما يتعلق بأدوات الحرب خلال السنوات الماضية".
ورأى أن "الناس تعتقد أن أدوات الحرب هي الدبابات والطائرات، ولكنها تصلح للحروب التقليدية. والحرب التي نواجهها أكثر شراسة، لأن العدو فيها ليس تقليدياً حتى تراه، وتستطيع التعامل معه، وإنما مختفياً بين جموع المصريين، ينتظر الفرصة ليهاجم بخسة ثم يتوارى".
كما خاطب السيسي المصريين قائلاً: "هناك من يموت ويستشهد من أجل أن تعيش في سلام، ومن المهم أن تشعروا بأن الثمن والتقدير من جانبنا يجب أن يكونا كبيرين. وتوجد مقدرات وتكلفة تدفعها الدولة بخلاف الأرواح، وكشاهد عيان أقول لكم إن كل ما حدث كان مخططاً له، وبترتيب وإجراءات، حتى تعيش مصر ما عاشته في السنوات العشر الأخيرة".
وعن الوضع الأمني في سيناء قبل الثورة، قال السيسي: "كنت نائب مدير المخابرات (الحربية) في عام 2009، ونجري لقاءات لمناقشة الوضع الأمني في سيناء، بحضور مدير المخابرات (آنذاك) اللواء مراد موافي، ورئيس جهاز أمن الدولة سابقاً اللواء حسن عبد الرحمن. وتأكدنا من تشكيل بنية أساسية ضخمة في شمال سيناء، تتمثل في مخازن أسلحة وذخائر ومفرقعات، وأيضاً بنية بشرية ضخمة للسيطرة على هذه المنطقة من البلاد".
وأضاف: "هؤلاء (المسلحون) كانت لهم عروضاً وأفلاماً في عامي 2008 و2009 تظهرهم وكأنهم خارج الدولة، وهذه الكتلة تشكلت قبل عام 2005، وكانت تحتاج إلى جهد وعمل عسكري كبيرين من الجيش والشرطة، ولكن واجهنا صعوبات بسبب تحديد مناطق تمركزها في المنطقة (أ) بسيناء، بموجب اتفاقية السلام مع إسرائيل".