أكدت الشرطة السريلانكية أن المكتب الرئاسي المحاصر في البلاد سيعاد فتحه الإثنين، بعد أيام من فض التظاهرة المناهضة للحكومة عبر حملة عسكرية أثارت إدانات دولية.
واستولى متظاهرون غاضبون من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة على المبنى الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، في وقت سابق من هذا الشهر.
واضطر الرئيس السابق غوتابايا راجاباكسا للفرار عندما اقتحم عشرات آلاف المحتجين مقرّه الرسمي بعد تظاهرات استمرّت أشهراً في كل أنحاء البلاد، مطالبين باستقالته بسبب الأزمة الاقتصادية، وتمكن من السفر إلى سنغافورة، ليرسل من هناك نص استقالته.
واقتحم عناصر الوحدات الأمنية والعسكرية المقر الرئاسي بعد منتصف ليل الجمعة السبت مسلّحين بهراوات وأسلحة بناء على أوامر من خليفة رجاباكسا، رانيل ويكريميسينغه.
وجرح 48 شخصاً على الأقل واعتقل تسعة في العملية، إذ فككت قوات الأمن الخيم التي أقامها المتظاهرون أمام القصر الرئاسي في وقت سابق.
وصرح مسؤول في الشرطة الأحد بأن "المكتب جاهز لإعادة فتحه ابتداء من الإثنين"، مضيفاً أن خبراء الطب الشرعي زاروا المقر لجمع أدلة عن الأضرار التي سببها المحتجون. وأضاف أن "حصار المقر الذي بدأ في التاسع من مايو/ أيار رُفع الآن".
ودانت الحكومات الغربية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ويكريميسينغه لاستخدامه العنف ضد المتظاهرين العزل، الذين كانوا قد أعلنوا عزمهم على إخلاء الموقع في وقت لاحق الجمعة.
وأعلن المتحدث باسم الشرطة نهال تلدوا أنّ المتظاهرين أحرار في مواصلة تظاهراتهم في موقع مخصص قرب مكتب الرئاسة. وقال تلدوا الأحد: "يمكنهم البقاء في موقع الاحتجاج الرسمي. وقد تفتح الحكومة حتى أماكن قليلة أخرى للمتظاهرين في المدينة".
جاءت العملية العسكرية لتطهير المقر الرئاسي ومحيطه القريب بعد أقل من 24 ساعة من أداء ويكريميسينغه اليمين الدستورية، وقبل تشكيل حكومة جديدة بقليل. وانتخب المشرعون ويكريميسينغه الأربعاء ليحل مكان راجاباكسا.
ويكريميسينغه يؤكد عدم المساس بالحق في التجمع والتظاهر السلمي
في وقت لاحق، قال مكتب الرئيس السريلانكي الجديد رانيل ويكريميسينغه، في بيان اليوم الأحد، إن الرئيس أبلغ دبلوماسيين هذا الأسبوع بأن التظاهرات السلمية ضد حكومته سيسمح لها بالاستمرار، بما في ذلك في العاصمة كولومبو.
وقال مكتب الرئيس في بيان واصفاً اجتماعاً مع مبعوثين مقيمين في كولومبو: "أكد الرئيس رانيل ويكريميسينغه مجدداً التزام سريلانكا بالإبقاء على الحق في التجمع السلمي الخالي من العنف".
وأضاف أن الرئيس "أطلع الدبلوماسيين أيضاً على الإجراءات التي اتخذت لضمان السماح للتظاهرات التي لا تتسم بالعنف بالاستمرار داخل المدينة من دون أن تهدد الممتلكات أو الأرواح".
منظمة حقوقية تسعى لاعتقال راجاباكسا في سنغافورة
إلى ذلك، قدمت منظمة حقوقية، وثقت ما قالت إنها انتهاكات وقعت في سريلانكا، شكوى جنائية إلى النائب العام في سنغافورة سعياً لاعتقال رئيس سريلانكا السابق غوتابايا راجاباكسا، بسبب دوره في حرب أهلية دامت عقوداً هناك.
وقالت منظمة "المشروع الدولي للحقيقة والعدالة" (آي.تي.جيه.بي) إن راجاباكسا ارتكب انتهاكات جسيمة لمعاهدة جنيف خلال الحرب الأهلية في 2009 عندما كان وزيراً للدفاع.
وتقول المنظمة، ومقرها جنوب أفريقيا، إنه استناداً إلى الولاية القضائية العالمية، فإن تلك الانتهاكات تستدعي الملاحقة القضائية في سنغافورة التي فر إليها بعد إضرابات في بلاده دامت أشهراً بسبب الأزمة الاقتصادية.
وقالت ألكساندرا ليلي كاثر، وهي من فريق المحامين الذي صاغ الشكوى، لوكالة "رويترز"، من برلين: "الشكوى الجنائية التي قُدّمت (لا تستند فحسب) إلى معلومات يمكن التحقق منها بشأن الجرائم التي ارتكبت، بل أيضاً إلى أدلة ذات صلة بالشخص المعني بالأمر، الذي يوجد الآن في سنغافورة".
ولم يتسن الوصول إلى راجاباكسا للحصول على تعليق عبر المفوضية العليا لسريلانكا في سنغافورة. وهو نفى من قبل كل الاتهامات الموجهة إليه بالمسؤولية عن انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الحرب.
ولم يرد متحدث باسم النائب العام في سنغافورة على طلب للحصول على تعليق. وقالت وزارة الخارجية في سنغافورة إن راجاباكسا دخل البلاد في زيارة خاصة، ولم يطلب حق اللجوء ولم يمنح هذا الحق أيضاً.
(فرانس برس، رويترز)