الصين تشدد قبضتها القضائية على انفصاليي تايوان

21 يونيو 2024
لاي في كاوشينغ ـ تايوان، 16 يونيو 2024 (آن وانغ/رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- السلطات التشريعية الصينية أصدرت مبادئ توجيهية تسمح بمحاكمة غيابية للمطالبين بالاستقلال في تايوان، استنادًا إلى قوانين مناهضة الانفصال والقانون الجنائي، في سياق تصاعد التوترات بين بكين وتايبيه ورد فعل على صفقة أسلحة أميركية لتايوان.
- كاي تسانغ، أستاذ القانون السابق، يؤكد أن الصين لا تملك الاختصاص القضائي في تايوان، مشيرًا إلى أن أي أحكام ضد المناهضين لبكين ستكون بمثابة حبر على ورق، مسلطًا الضوء على الفروقات القانونية والسياسية بين تايوان وهونغ كونغ.
- جيانغ براون، الناشط الحقوقي، يرى أن المبادئ التوجيهية الجديدة تعكس رد فعل على الدعم الأميركي لتايبيه وتسلط الضوء على التوترات المتصاعدة في العلاقات الصينية الأميركية، مشيرًا إلى عدم وضوح المبادئ واستحالة تطبيقها على أرض الواقع في تايوان.

أصدرت السلطات التشريعية الصينية، اليوم الجمعة، مجموعة من المبادئ التوجيهية بشأن فرض عقوبات جنائية على المطالبين بالاستقلال في جزيرة تايوان، مما عنى السماح لمحاكم البر الرئيسي بإجراء محاكمات غيابية في حق هؤلاء بالقضايا ذات الصلة. واستندت الوثيقة الصادرة عن محكمة الشعب العليا، والنيابة الشعبية العليا، ووزارات الأمن العام وأمن الدولة والعدل، إلى قانون مناهضة الانفصال، والقانون الجنائي، وقانون الإجراءات الجنائية، المعمول بها في البر الرئيسي. غير أن قواعدها، بحسب ما أوضحت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية "شينخوا"، أكثر تحديداً بشأن الإدانة والحكم في حالة ارتكاب جرائم تتعلق بـ"التحريض والتنظيم أو التآمر أو تنفيذ مخططات الاستقلال القانوني، أو السعي إلى الاستقلال بالقوة أو الاعتماد على الدعم الأجنبي". وقالت إن مثل هذه الجرائم وارتكاب إجراءات ذات الصلة، ستكون بمثابة إرشاد للقضاء في التعامل معها بحزم. ولفتت الوكالة أن المبادئ التوجيهية دخلت حيز التنفيذ فور نشرها اليوم.

الصين في مواجهة انفصاليي تايوان

وفي إحاطة صحافية اليوم الجمعة، في بكين حول المبادئ التوجيهية الجديدة بشأن انفصاليي تايوان قال صن بينغ، المسؤول في وزارة الأمن العام الصينية، إن العقوبة القصوى لجريمة الانفصال هي الإعدام. وجاء التصعيد الصيني بشأن تايوان في أعقاب موافقة الإدارة الأميركية قبل يومين على صفقة أسلحة مع تايبيه بقيمة 360 مليون دولار، شملت إرسال مئات الطائرات من دون طيار إلى الجزيرة ومعدات الصواريخ ومواد الدعم اللوجستي ذات الصلة. وقد أعربت بكين عن غضبها، وقالت إن واشنطن تتجاهل معارضتها المتكررة واحتجاجاتها الجادة، وإن من شأن ذلك تقويض سيادة الصين ومصالحها الأمنية بشدة، والإضرار بخطورة بالعلاقات الصينية الأميركية وبالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، فضلاً عن إرسال إشارة خاطئة إلى انفصاليي تايوان وفق بكين.

كاي تسانغ: لا تملك السلطات الصينية الاختصاص القضائي في جزيرة تايوان

ومنذ وصول لاي تشينغ ـ تي، إلى رئاسة تايوان مطلع العام الحالي، صعّدت بكين لهجتها ضد تايبيه، وأطلقت في مايو/أيار الماضي مناورات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان، طوقت خلالها الجزيرة من جميع الاتجاهات. وجاء ذلك بعد أيام قليلة من خطاب لاي الأول بعد تنصيبه رئيساً للجزيرة في 20 مايو الماضي. وقال لاي إن بكين وتايبيه ليست إحداهما تابعة للأخرى، ما أدى إلى انتقاد السلطات الصينية هذه التصريحات، معتبرة أن خطاب لاي "كان مليئاً بالعداء والاستفزاز والأكاذيب والخداع". ولم تكن الخطوة الصينية الأولى من نوعها قضائياً في حق انفصاليي تايوان؛ فقبل عامين، اتخذت سلطات البر الرئيسي إجراءات قانونية ضد مسؤولين تايوانيين سابقين، بما في ذلك فرض عقوبات على هسياو بي كيم، ممثلة تايوان السابقة لدى الولايات المتحدة وهي الآن نائبة رئيس تايوان.

في تعليقه على المبادئ التوجيهية الجديدة، قال كاي تسانغ، أستاذ القانون السابق في كلية الحقوق بجامعة تونغ هاي (تايوان)، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن المبادئ التوجيهية الجديدة تشبه كثيراً من جهة اتخاذ القرارات، قانون الأمن القومي الذي فرضته السلطات الصين في هونغ كونغ عام 2020، والذي أتاح للمحاكم الصينية تصنيف المعارضين وإصدار العقوبات في حقهم والمطالبة بمثولهم أمام القضاء الصيني. في المقابل، لا تملك السلطات الصينية الاختصاص القضائي في جزيرة تايوان، ومن ثم ستكون أي أحكام في حق المناهضين لبكين مجرد حبر على ورق في سياق القرارات الغيابية المحدودة التأثير. وأوضح كاي أن تايوان ليست مثل هونغ كونغ التي أصبحت منزوعة السيادة، بحسب قوله، منذ تطبيق قانون الأمن القومي وتدخّل بكين في تحديد هوية من يشغل منصب الرئيس التنفيذي للجزيرة، فضلاً عن اختيار ممثلي الشعب في البرلمان.

جيانغ براون: خطورة هذه المبادئ الجديدة تكمن في عدم وضوحها

 

خطورة المبادئ الصينية

من جهته، قال الناشط الحقوقي في هونغ كونغ، جيانغ براون، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن خطورة هذه المبادئ الجديدة تكمن في عدم وضوحها، وليس في إمكانية تطبيقها على أرض الواقع. وأضاف أنه وفقاً لصيغة البنود الواردة في الوثيقة، لا توجد عبارات محددة بشأن الإدانة وكيفية الاستدلال على حدوث انتهاك، ثم إن استخدام مصطلحات فضفاضة من قبيل: التحريض والتنظيم، تتيح للسلطات أن تلقي الأحكام جزافاً ضد كل من تعتقد بأنه يؤمن أو يسعى للاستقلال، ما يعني بذلك أن بكين ستكون قادرة على ملاحقة النيّات والدخول في حديث النفس عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك. لكن براون أكد استحالة خضوع مواطني الجزيرة لمثل هذه الإجراءات نظراً إلى تمتع تايوان بالسيادة الكاملة على أرضها، وقال إنها تنحصر في إطار الرد الرسمي على ما تعتبره بكين استفزازاً أميركياً بسبب استمرار واشنطن في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لتايبيه، وآخرها صفقة السلاح التي وافقت عليها إدارة الرئيس جو بايدن قبل أيام. 

يذكر أن الصين تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وقد أعربت مراراً عن مخاوفها في كل زيارة يقوم بها مسؤولون أميركيون إلى الجزيرة، وتعتبر إمدادات الأسلحة الأميركية والتعاون العسكري مع تايبيه بمثابة جهود لدعم انفصاليي تايوان عسكرياً. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة، لا تعترف بتايوان دولة مستقلة، ولكنها تعارض أي تغيير أحادي الجانب للوضع الراهن عبر المضيق، وتلتزم بتزويد الجزيرة بأسلحة دفاعية.

المساهمون