اشتداد الاشتباكات المسلحة في العاصمة السودانية الخرطوم، سلط الضوء على دور الطيران الحربي في المعارك المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وشارك الطيران الحربي للجيش في المعارك الدائرة ضد قوات الدعم السريع، بقوة وكثافة منذ منتصف إبريل/ نيسان الماضي.
ومنذ اندلاع الاشتباكات، يتبادل الجيش و"الدعم السريع" اتهامات ببدء القتال وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية لها.
ومع دخولها شهرها الرابع، خلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج البلاد، بحسب الأمم المتحدة.
تباين التقديرات
ساهم الطيران الحربي للجيش في الحد من قوة واندفاع "الدعم السريع" ذات الكثافة العددية، وسريعة الانتشار، بحسب مراقبين.
ويعد سلاح الجو أكثر قوات الجيش فعالية في الحد من تمدد قوات الدعم السريع، التي تتميز بقدرتها على سرعة التحرك، من خلال سيارات الدفع الرباعي.
كما أن سلاح الجو حقق هدفه سابقا في أول أيام الاشتباكات بتدمير معسكرات "الدعم السريع" في الخرطوم وقد أفقدها ذلك قدرتها على القيادة الواحدة.
لكن مراقبين آخرين يرون أن نجاح سلاح الجو في تدمير معسكرات "الدعم السريع" في بداية المعركة حفزها على ابتكار وسائل جديدة سمحت لها بالحركة غير المركزية والانتشار في أحياء العاصمة.
ووفقا لموقع "غلوبال فاير باور" الدولي، يملك الجيش السوداني 191 طائرة حربية، منها 45 مقاتلة من طرازات روسية مختلفة، و37 مروحية، و25 طائرة شحن.
اتهامات متبادلة
ونفذ الجيش مئات الطلعات الجوية قصف خلالها مقار ومعسكرات وتجمعات قوات الدعم السريع في مناطق متفرقة بالخرطوم منذ اندلاع القتال.
وتفتقد قوات الدعم السريع الطيران الحربي، لكنها تملك طائرات مسيرة، قال الجيش إنه أسقط 4 منها مؤخرا.
ونفى الجيش اتهامات بقصف طيرانه مدنيين في 7 يوليو/ تموز الجاري بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، محملا "الدعم السريع" مسؤولية ذلك، لأنه لم يقم بطلعات عسكرية في المنطقة التي تعرضت للقصف.
وقالت "الدعم السريع" في بيانات سابقة إن "القصف العشوائي بالطيران والمدافع الثقيلة على المناطق المأهولة بالسكان، تسبب في مقتل وإصابة المئات من المواطنين، بما يمثل انتهاكا خطيرا لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".
وكان الجيش يرد في بياناته بأن قوات الدعم السريع "درجت على قصف المناطق السكنية بالمدفعية والصواريخ، بالتزامن مع تحليق طائراتنا، محاولة إلصاق تهمة استهداف القوات المسلحة للمواطنين زورا وبهتانا".
وذكر مصدر عسكري في الجيش السوداني لوكالة "الأناضول"، أن "الطيران الحربي ينفذ طلعاته بدقة عالية، وجميع طياريه يتميزون بمهارة".
وصرح المصدر بأن "الحديث عن قصف مدنيين غير صحيح، لأن الطلعات الجوية تتم بعد رصد دقيق، والقصف يكون لأهداف محددة (تجمعات الدعم السريع، وخطوط الإمداد والدعم اللوجستي)".
وأضاف: "لا يمكن نسب تقدم القوات المسلحة في المعارك بالخرطوم لسلاح الطيران فقط، لأن العمل الميداني يتم بتنسيق عالٍ بين كل قوات الجيش".
وأشار إلى أن "هذا التنسيق العالي للجيش، تقابله عشوائية من قوات الدعم السريع، حيث لا توجد قيادة موحدة"، موضحا أن "الجيش سيحسم المعركة قريبا، وها هو يحقق انتصارات على الأرض في كل المحاور".
حظر الطيران
مؤخرا، غضبت الخرطوم من أحاديث حظر الطيران التي تم تداولها في قمة اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" المعنية بالسودان، والتي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 10 يوليو الجاري.
واستنكرت وزارة الخارجية السودانية تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، عقب القمة، بشأن فرض حظر طيران في البلاد.
وقالت الخارجية السودانية، في بيان صدر بتاريخ 11 يوليو الجاري: "نستنكر دعوته (أبي أحمد) لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة، خلافا لمواقفه وتفاهماته المباشرة القائمة مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان".
وأضافت الخارجية: "تعتبر حكومة السودان هذه التصريحات مساسا بسيادة الدولة السودانية، وهو أمر مرفوض".
وفي 10 يوليو، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي إلى "إجراءات فورية في السودان تشمل فرض منطقة حظر طيران ونزع المدفعية الثقيلة".
ومع استمرار الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، سيكون الطيران الحربي حاضرا ضمن المشهد في مقبل الأيام بالحالتين؛ مواصلته التحليق والقصف، أو في حال تجدد دعوات الحظر الجوي.
(الأناضول)