حذر العاهل الأردني عبد الله الثاني من "تجاوز الخطوط الحمراء" في القدس، من قبل متطرفين من الجهات كافة لإذكاء الصراع والعنف، مؤكداً المقدرة على التعامل مع هذا الأمر، ومشيراً إلى أنّ استغلال القدس لأغراض سياسية يمكن أن يخرج الأمور عن السيطرة بسرعة كبيرة.
وفي مقابلة مع "سي أن أن" الأميركية، نشرتها وسائل إعلامية أردنية، أكد الملك الأردني أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات، قائلاً: "نحن الأوصياء على المقدسات المسيحية كما الإسلامية في القدس".
وعن عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة، قال ملك الأردن: "للإسرائيليين الحق باختيار من يقودهم". وأضاف: "أعتقد أننا جميعاً ناضجون، وحين ننظر إلى الصورة بشكل أوسع، فنحن جميعاً على استعداد للمضيّ قدماً. نحن سنعمل مع الجميع طالما أننا سنتمكن من جمع جميع الأطراف معاً".
وعن وجود بوادر انتفاضةٍ ثالثة، قال العاهل الأردني: "لا بد أن نشعر بالقلق حيال قيام انتفاضة جديدة، وإن حصل ذلك، فإنه قد يؤدي إلى انهيار كامل، وهذا أمر لن يكون في صالح الإسرائيليين ولا الفلسطينيين".
In an exclusive interview, @KingAbdullahII says Jordan is willing to work with "anybody and everybody" in Israel to bring peace, but won't allow his “red lines” over Jerusalem to be crossed. He told me why he's keen to preserve and develop Christian holy sites in the Kingdom. pic.twitter.com/Y8i3jnR6gL
— Becky Anderson (@BeckyCNN) December 28, 2022
وتابع: "أعتقد أنّ الجميع في المنطقة قلقون للغاية، ومنهم موجودون في إسرائيل ويتفقون معنا على ضرورة الحيلولة دون حصول ذلك. هذا موضوع حساس وقابل للاشتعال، وإذا ما حصل ذلك، فلن نستطيع تخطيه في المستقبل القريب".
تناقص أعداد المسيحيين
وأضاف: "لطالما قلنا إنّ القدس يجب أن تكون مدينة تجمعنا، من منطلق حب الله وحب الجار. ولكن وللأسف، يتم استغلال القدس من المتطرفين من كل الجهات لإذكاء الصراع والعنف. نحن الأوصياء على المقدسات المسيحية كما الإسلامية في القدس. ما يقلقني وجود تحديات تواجه الكنائس؛ بسبب السياسات المفروضة على الأرض، ونحن نتجه نحو العنف. إذا ما استمر استغلال القدس لأغراض سياسية، يمكن أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة".
واستطرد قائلاً: "نحن محظوظون في بلدنا وفي القدس؛ لأن لدينا أقدم مجتمع عربي مسيحي في العالم، وهم هنا منذ ألفي عام. وعلى مدى الأعوام الماضية، بتنا نلاحظ أنهم كمجتمع يتعرضون لضغوطات، وبالتالي فإن أعدادهم في تناقص، وهذا باعتقادي ناقوس خطر لنا جميعاً".
وتابع العاهل الأردني: "في السنوات القليلة الماضية، وكما شاهدت من أفعال (داعش) في سورية والعراق، قمنا بتوفير الملاذ للمسيحيين العراقيين والسوريين هنا. وإذا لم يعد هناك مسيحيون في المنطقة، أعتقد أن هذا سيكون أمراً كارثياً بالنسبة إلى الجميع، فهم جزء من ماضينا، وجزء من حاضرنا، ويجب أن يكونوا جزءاً من مستقبلنا".
تهديد لدور الملك بالوصاية على المقدسات
وفي سؤال عن الوضع الراهن وعما إن كان هناك تهديد لدور الملك بالوصاية على المقدسات، أجاب ملك الأردن: "ستجدين دوماً أشخاصاً يحاولون الدفع باتجاه ذلك، وهذا مصدر للقلق. ولكن لا أعتقد أن هؤلاء الأفراد تحت أنظار الأردن فقط، بل هم تحت أنظار المجتمع الدولي. كما تعرفين، وكما نعرف ونقول دوماً، نحن نعيش في منطقة صعبة، وهذا أمر اعتدناه. إذا أراد جانب ما أن يفتعل مواجهة معنا، فنحن مستعدون جيداً. ولكن أود دوماً أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، وفي المقابل، لدينا خطوط حمراء، وإذا ما أراد أحد تجاوز هذه الخطوط الحمراء، فسنتعامل مع ذلك، ولكن ندرك أن الكثير من الجهات في إسرائيل تشاركنا القلق".
المستقبل.. تعزيز التبادل التجاري
وحول الآمال المعلقة على عام 2023، قال الملك عبد الله الثاني: "في نهاية المطاف، الشعوب تود المضي قدماً في حياتها وأن تشعر بوجود الفرص. إذاً، كيف نوفر ذلك؟ على الرغم من تحديات عام 2022 وبقدر صعوبة المخاطر التي سنجابهها في 2023، هنالك فرصة لنا لنمضي قدماً. وعوضاً عن النظر إلى السياسة كحل لجميع مشاكلنا، أمامنا الاعتماد الاقتصادي المتبادل. هذه قضايا علينا التعامل معها جميعاً، أردنيين وفلسطينيين وإسرائيليين".
وتابع: "أعتقد أن التكامل الإقليمي سيمكننا من كسر الحواجز، فعندما أستثمر بنجاحك لأن نجاحك يعني نجاحي أيضاً، هذا يعني بالمحصلة أننا يمكننا جميعاً المضيّ قدماً. مهما كان يعتقد البعض حول دمج إسرائيل في المنطقة، بأنه أمر بالغ الأهمية، فإنه لن يتم ما لم يكن هناك مستقبل للفلسطينيين. ورأيتِ ذلك مؤخراً من خلال منتخب المغرب لكرة القدم ورفع علم فلسطين من قبل المشجعين، إذ بدا جلياً لنا أنه مهما فعل القادة، فإننا إن لم نجد حلاً لهذا الصراع، سيكون الشارع العربي دوماً بطبيعته متعاطفاً مع القضية الفلسطينية، لذا علينا أن نتخذ خطوات بنّاءة بدلاً من الإجراءات".