دقّ العاهل المغربي الملك محمد السادس، الجمعة، ناقوس الخطر بشأن تدبير الموارد المائية في البلاد، في ظل ما يعرفه من "أزمة جفاف هي الأكثر حدة منذ ثلاثة عقود"، محذراً من المزايدات السياسية أو تأجيج النعرات الاجتماعية.
وقال العاهل المغربي، في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان، مساء الجمعة، إن المغرب يعيش إجهاداً مائياً هيكلياً، ولا ينبغي أن يكون مطية للمزايدات السياسية أو تأجيج النعرات الاجتماعية، مشدداً على أن مواجهة هذه الإشكالية "تقتضي منا الصراحة والمسؤولية في التعامل معها".
#الخطاب_الملكي
— 2M.ma (@2MInteractive) October 14, 2022
سلط جلالة الملك في خطابه السامي الموجه إلى أعضاء البرلمان الضوء على إشكالية الإجهاد المائي التي يعيشها المغرب.
وأكد جلالة الملك أن "إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود". pic.twitter.com/0VpXNuSSDd
إلى ذلك، قدّم العاهل المغربي خارطة طريق لمواجهة التحديات الحقيقية التي يطرحها الإجهاد المائي، داعياً إلى إحداث تغيير حقيقي في سلوك المغاربة تجاه الماء، على أن تكون الإدارة والمصالح العمومية هي القدوة في هذا المجال، ومطالباً بالعمل على التدبير الأمثل للطلب على الماء توازياً مع ما يجري إنجازه في مجال تعبئة الموارد المائية.
وأكد ضرورة تعزيز السياسة المائية وتدارك التأخر الذي يعرفه هذا القطاع، مسجلاً أن المسؤولية تتطلب اليوم اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية في إطار المخطط الوطني الجديد للماء الذي دعا إلى التعجيل بتفعيله.
وفصّل الملك محمد السادس في خطابه الموجه للبرلمانيين طبيعة الإجراءات التي يتعين اتباعها لمواجهة خطر الإجهاد المائي، مؤكداً على مجموعة من الركائز، من بينها ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحاً، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيا الحديثة في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة، كما دعا إلى إعطاء عناية خاصة لاستغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشة المائية من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني والآبار العشوائية.
كما أكد أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات، وهو ما يقتضي التحيين المستمر للاستراتيجية القطاعية على ضوء الضغط على الموارد المائية وتطورها المستقبلي.
وفضلاً عن إشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلية، بدا لافتاً تركيز العاهل المغربي في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان على تحقيق نقلة نوعية في مجال النهوض بمجال الاستثمار في البلاد.
وفي السياق، قال إن المغرب يراهن اليوم على جعل الاستثمار المنتج رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة لأنها توفر فرص الشغل للشباب، وموارد التمويل لمختلف البرامج الاجتماعية والتنموية، مضيفاً: "ننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية. وهو ما يتطلب رفع العراقيل، التي لا تزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات".
واعتبر العاهل المغربي أن المراكز الجهوية للاستثمار، مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود. وفي المقابل، ينبغي أن تحظى بالدعم اللازم، من طرف جميع المتدخلين، سواء على الصعيد المركزي أو الترابي.
وبالرغم من تحسن مكانة المغرب على مستوى مناخ الأعمال، فإن النتائج المحققة تحتاج إلى مزيد من العمل، لتحرير كل الطاقات والإمكانات الوطنية، وتشجيع المبادرة الخاصة، وجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفق العاهل المغربي، داعياً إلى التركيز مرة أخرى على ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع.
ولتقوية ثقة المستثمرين في بلادنا، وجهة للاستثمار المنتج، دعا الملك إلى تعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال، مؤكداً ضرورة تعبئة الجميع، والتحلي بروح المسؤولية، للنهوض بهذا القطاع المصيري لتقدم البلاد.
وأعلن العاهل المغربي أنه جرى توجيه الحكومة، بالتعاون مع القطاع الخاص والبنكي، لترجمة التزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار يروم تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل في الفترة ما بين 2022 و2026.