نظرت المحكمة الابتدائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بتونس، اليوم الخميس، في عدد من قضايا الانتهاكات التي مورست خلال حكم النظام السابق ومنها قضية وفاة وتعذيب الناشط السياسي والقيادي بحركة الاتجاه الإسلامي سابقاً، النهضة حالياً، سحنون الجوهري، وعميد المحامين سابقاً بشير الصيد وعدد من نشطاء حركة الاتجاه الإسلامي حالياً إلى جانب أحداث 26 يناير/كانون الثاني 1976.
ووجه اليوم عدد من الانتقادات لغياب المتهمين المنسوب إليهم الانتهاك، حيث تساءل المحامي والحقوقي مختار الطريفي عن أسباب عدم وصول الدعوات للمشتكى عليهم ليحضروا الجلسات، مؤكداً أن مسار العدالة لا يكتمل إلا بكشف الحقائق.
وبالعودة إلى قضية سحنون الجوهري، فهو من مؤسسي الحركة الإسلامية في تونس وقياداتها، وتحمّل مسؤوليات قيادية متقدمة في مؤسساتها ومكاتبها وفي مجلس الشورى، وهو من مؤسسي فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بالسيجومي بتونس العاصمة، وعضو قيادي في منتصف الثمانينيات بالهيئة المديرة للرابطة على المستوى الوطني، إلى جانب أنه كان ممثلاً لأشهر منظمة حقوقية دولية، منظمة العفو الدولية بتونس في بداية الثمانينيات القسم الفرنسي.
وقال ابن الضحية الجوهري، القاضي المستشار عطا الله الجوهري في تصريح لـ"العربي الجديد": إن المحكمة اليوم في حرج بسبب مراسلتها المتكررة لوزارة الداخلية من أجل حضور المنسوب إليهم الانتهاك، واستكمال الهويات، ولكن للأسف فإن الوزارة تنكر معرفة عناوينهم، وتعتبر الملف من مشكلات وزارة العدل، مشيراً إلى أن المحكمة قد تتدرج في الإجراءات وصولاً لبطاقات الجلب.
وبين أن هذه الجلسة هي التاسعة في ملف والده، والتعطيل تلام عليه المحكمة والجهات الإدارية، مؤكداً أن هناك شاهدا لم يتم سماعه في قضية تعذيب والده، وسيقدم شهادته قريباً، وتتضمن معطيات عن مرتكب جريمة التعذيب وهي إضافة مهمة للملف.
ولفت إلى أن والده كان يعاني مشكلات صحية منذ 1993 وتمت معالجة الأعراض دون الاهتمام بالورم الذي كان ينخر جسده إلى أن تعكرت صحته، وللأسف فإن المصالح الطبية تجاهلت حالته كونه سجينا سياسيا إلى أن انتشر الورم وتوفي.
وعبر المتحدث عن طول مسار العدالة وكأن الإفلات من العقاب يتكرس، مؤكداً أن هناك انتقادات للمسار ككل لأنه كان من الأفضل التوجه للمحاكم الجزائية العادية، ووضع فصول تنص على عدم سقوط مثل هذه القضايا بالتقادم لأنه تمت إضاعة الكثير من الوقت.
ويرى النائب السابق عن حركة النهضة والمهتم بملف العدالة الانتقالية، نجيب مراد، أن أغلب الضحايا ما زالوا ينتظرون تحقيق العدالة، ولكن للأسف عادة ما يحضر الضحايا ويغيب الجلادون باستثناء قلة منهم، مؤكداً أنه في جلسة اليوم حضر شخص واحد من المنسوب إليهم الانتهاك.
وبين في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التعذيب الذي تعرض له الضحايا في السجون التونسية كان كبيراً وتنوعت الأساليب حتى أنها شملت الصعق بالكهرباء، ومثال ذلك قضية عميد المحامين البشير الصيد الذي حضر اليوم وأدلى بشهادته حول التعذيب.
وأجلت الدائرة الجنائية المتخصصة بالعدالة الانتقالية اليوم جلسة عميد المحامين سابقاً البشير الصيد الذي سجن ثمانية أعوام بسبب نشاطه السياسي والحقوقي، حيث طلبت هيئة الدفاع التأجيل لتقديم شهادات جديدة في القضية، وحضر الصيد الذي كشف عن العديد من الممارسات التي طاولته خلال النظامين السابقين، أي في فترة بورقيبة وبن علي، مبيناً أن أشكال التعذيب والملاحقات امتدت لعائلته حيث حرم ابنه من دراسة المحاماة، مشيراً إلى أن المصالحة شرط أساسي لتحقيق العدالة الانتقالية.
وبين الصيد أنه لا بد من إصلاح القضاء الذي يعاني من عدة نقائص، ومن التأثيرات السياسية.