العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية يحيي مخاوف أردنية

30 اغسطس 2024
دمار خلّفه الاحتلال في مخيم نور شمس، 29 أغسطس 2024 (عصام ريماني/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **مخاوف الأردن من العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية**: يثير العدوان الإسرائيلي مخاوف الأردن من تهجير السكان نحو المملكة، مما يهدد الاستقرار الأمني والسياسي. أكد الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء بشر الخصاونة رفضهما لأي تصعيد يؤثر على أمن الأردن.

- **أهداف العدوان الإسرائيلي وموقف الأردن**: يوضح الخبير أيمن الحنيطي أن العدوان يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، داعياً لموقف عربي موحد وإلغاء اتفاقيات السلام مع إسرائيل، واتخاذ خطوات عملية للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية.

- **التداعيات الأمنية والسياسية على الأردن**: يبرز الخبير جلال العبادي أن العدوان يشكل تهديداً أكبر للأردن مقارنة بغزة، مشيراً إلى ضرورة مراقبة الحركة على الجسور ومنع التهجير القسري. وأكد الكاتب ماجد توبة على جهود الأردن الدبلوماسية لتحذير المجتمع الدولي ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

يحيي العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة، منذ ليل الثلاثاء- الأربعاء الماضي، مخاوف الأردن من تهجير بعض سكان الضفة باتجاه المملكة، إضافة إلى المخاطر السياسية التي تهدد وضع القدس المحتلة القانوني والمخاطر الأمنية التي من الممكن أن تهدد استقرار البلاد في حال تدهور الأوضاع في الضفة. ويستشعر المسؤولون الأردنيون المخاطر المحيطة بالبلاد، إذ قال العاهل الأردني عبد الله الثاني، في 20 أغسطس/آب الحالي، خلال لقائه سياسيين وإعلاميين: "لن نسمح بأن يكون أي تصعيد بالمنطقة على حساب الأردنيين أو أمن الأردن وأمانه، من أي طرف كان". في المقابل، علّق رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال جلسة مجلس الوزراء الأردني، أمس الأول الأربعاء، على العدوان الإسرائيلي في شمالي الضفة الغربية المحتلة، بالقول إن موقف المملكة "واضح وثابت بالرفض الكامل والمطلق لأي إجراءات من شأنها أن تفرض واقعاً مرتبطاً بأي تحرُّك للسكان خارج قطاع غزة وخارج الضفة الغربية وخارج فلسطين المحتلة بأي اتجاه ونعتبر ذلك خطاً أحمر".

وأضاف: "صدرت تصريحات غير مسؤولة وخطيرة عن بعض الوزراء العاملين في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك تصريحات وزراء سياديين تتحدث عن هجرة وتهجير لأهالي وسكان الضفة الغربية، وبهذا الصدد نقول إن كل خياراتنا مفتوحة بما فيها اللجوء إلى القضاء الدولي والكثير من الوسائل المتاحة لنا بحق مثل هؤلاء الأفراد وبحق مثل هذا السلوك وهذا التصرف". واستكمل حديثه أن ذلك "فضلاً عن إخضاع الكثير من هذه القضايا لمراجعات تنسجم مع السلام المبني على إحقاق الحقوق للشعب الفلسطيني وحل القضايا الجوهرية بما فيها قضايا اللاجئين والحدود والمستوطنات والأمن بما يتسق مع الشرعية الدولية والمصالح العليا للأردن المرتبطة بكل هذه القضايا".

أيمن الحنيطي: لا بد من موقف عربي موحد لإلغاء اتفاقيات السلام والتطبيع مع الاحتلال في حال استمرار العدوان

أهداف العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية

يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية أيمن الحنيطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الوضع خطير جداً، ومن الواضح أن مخطط التهجير أصبح حقيقة واقعية". ويلفت إلى أن "التوقيت له أهمية كبيرة"، محذراً من "محاولات إسرائيلية لخلق فتنة بين الأردنيين والفلسطينيين". ويشير الحنيطي إلى أن "غطرسة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، والدعم الأميركي منقطع النظير، يكشفان أن إسرائيل تحاول تنفيذ خططها وأطماعها على أرض الواقع، والآن لا قيمة لأي شجب وتنديد أو استنكار"، موضحاً أنه "في السابق عندما كانت العلاقات الأردنية الإسرائيلية تمر بأزمات كانت الدعوة تتم لتجميد معاهدة وادي عربة (معاهدة السلام)، أما اليوم فلا بد من وضع المعاهدة على الطاولة وبحث إلغائها". ويضيف أنه لا بد اليوم من "خلق موقف عربي موحد من الدول الموقّعة على معاهدات السلام مع الاحتلال، خصوصاً مصر، ودول الاتفاقيات الإبراهيمية (اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية)، وإلغاء هذه الاتفاقيات في حال استمرار العدوان".

ويشدّد الحنيطي على "أهمية ألا يكتفي الأردن بالشجب والتنديد، بل اتخاذ خطوات على أرض الواقع، ومنها الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية وتمتينها، والتعامل مع الإسرائيليين كما يتعاملون هم"، بالإضافة، وفق الحنيطي "لتسليح الأردنيين بطريقة ممنهجة بالاعتماد على المتقاعدين العسكريين، لإيصال رسالة للإسرائيليين أننا مستعدون للقادم لمواجهة خطوة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بتسليح آلاف المستوطنين".

ويقول إن "إسرائيل أصبحت تقتحم بشكل مستمر المسجد الأقصى، وتدخل إلى مدن الضفة الغربية ومخيماتها وتحاصرها، وأهدافها واضحة في محاولة التهجير"، لافتاً إلى تصريح وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس حول العملية العسكرية في الضفة، إذ قال كاتس إن على إسرائيل "إجلاء" الفلسطينيين مؤقتاً والتعامل مع "التهديد" بالطريقة نفسها التي تتبعها إسرائيل في قطاع غزة. ونوّه الحنيطي إلى أن "مصر أصبحت اليوم طرفاً بموقفها حول محور فيلادلفيا (على طول الحدود بين القطاع ومصر)، باعتباره خرقاً لمعاهدة السلام، وعلى الأردن أيضاً اتخاذ الموقف نفسه بسبب الاختراق الإسرائيلي اليومي لمعاهدة وادي عربة في ما يتعلق بالمسجد الأقصى".

مخاطر على الأردن

يقول الخبير الأمني والعسكري جلال العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية "يفرض على الأردن مخاطر أكثر من العدوان على غزة، خصوصاً خطر التهجير، فالضغط على الأشقاء في الضفة الغربية أسهل من غزة". ويوضح أن "الصمود الأسطوري لأهل غزة أمام العدوان لا يتكرر كثيراً، وهناك أسباب موضوعية في غزة حيث كانت المقاومة وحركة حماس صلبة في مواجهة العدوان وأهدافه، لكن السلطة (الفلسطينية) مقارنة بالمقاومة في غزة متهاونة في علاقتها مع دولة الاحتلال، إضافة إلى ضعف تسليح الفلسطينيين في الضفة مقارنة بغزة".

جلال العبادي: تهديد التهجير  على الأردن بسبب العدوان على الضفة  كبير وليس كما هو في العدوان على غزة

ويرى العبادي أن العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية "قد يدفع بعض السكان للنزوح إلى مقربة من المعابر والجسور مع الأردن في حال تدهور الأوضاع، وعلى الأردن أن يراقب الحركة على الجسور ولا يسمح بتهجير السكان". ويشير إلى ضرورة أن يكون السماح بالدخول "للحالات الإنسانية والاضطرارية، خصوصاً أن هناك الكثير ممن يحملون جواز السفر الأردني ولهم أملاك في الأردن وأقارب، وقد يجري إجبارهم على النزوح والهجرة من قبل الاحتلال". كما يشدّد على ضرورة أن "يكون للأردن موقف حازم من العدوان ودراسة كافة الاحتمالات، والابتعاد عن الاجتهادات الخاصة، وضرورة مساعدة الفلسطينيين على التمسك بأرضهم، فتهديد التهجير اليوم على الأردن كبير وليس كما هو في العدوان على غزة". ويتابع: "للأسف أكثر الدول العربية تدور في الفلك الغربي والأميركي، وحتى الإسرائيلي، مما أضعف مواقفها تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني".

من جهته، يرى الكاتب الصحافي الأردني ماجد توبة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأردن ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة، والذي يرافقه العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة، حذّر من مخططات إسرائيل التي تركز على التدمير والقتل ثم التهجير للشعب الفلسطيني في غزة والضفة". ويضيف أن "أي تهجير سكان الضفة الغربية سيشكل خطراً وجودياً على الأردن، وهو أمر مرفوض من الأردن والشعب الفلسطيني بكافة أطيافه بشكل مطلق". ويشير توبة إلى أن "هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة مسّت بشدة بالوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات، ووأدت أي احتمال لحل سياسي مبني على حل الدولتين، ما يضرب المصالح الأردنية العليا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين المحتلة".

ويلفت إلى أن "الأردن نشط دبلوماسياً، ويعمل على استغلال علاقاته السياسية وما يتاح له من منابر دولية وعالمية للتحذير من مخططات دولة الاحتلال، والكشف عن محاولاتها تزييف الحقيقة وتوضيح أهداف العدوان الإسرائيلي الحقيقية على الشعب الفلسطيني". ويقول إن "الأردن سيواصل دبلوماسيته المهمة في هذا الإطار لمحاولة وقف العدوان وعدم تمكين إسرائيل من تنفيذ مخططاتها". ويشير إلى أن "الأردن توقع منذ أشهر توسيع العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة، وافتتح مستشفى ميدانياً بمدينة نابلس بالضفة، إضافة إلى المحطة الجراحية في جنين والمحطة الجراحية في رام الله، للمساهمة في تثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه". ويرى أن "هناك موقفاً موحداً من الشعب الأردن في مواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية ومواجهة خطر التهجير".