كشفت مصادر سياسية عراقية رفيعة في بغداد لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، عن عدم توافق إيراني مع القوى الحليفة لها في بغداد حيال دعواتها الأخيرة إلى إلغاء الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من الشهر الماضي، وأظهرت تراجعاً واضحاً لكتل وأحزاب مدعومة منها، فيما استبقت تلك القوى أي مفاوضات حيال تشكيل الحكومة بإعلان رفضها ولاية ثانية لرئيس الحكومة الحالي، مصطفى الكاظمي.
يأتي ذلك مع اقتراب مفوضية الانتخابات العراقية من إنجاز عملية العد اليدوي لأصوات أكثر من ألفي محطة انتخابية قُدِّمَت طعون بشأنها من قبل القوى الخاسرة في الانتخابات، لترتفع بذلك عدد المحطات التي احتُسِبَت أصواتها يدوياً إلى أكثر من 14 ألف محطة من أصل 55 ألف محطة انتخاب بعموم مدن العراق.
واليوم الخميس، قالت مفوضية الانتخابات العراقية، إنها ستباشر النظر بالطعون التي قدمت في محافظات بابل وديالى وكربلاء والنجف، بعد الانتهاء من التدقيق في غالبية الطعون المقدمة، وذلك بعد يوم واحد من تأكيد مفوضية الانتخابات أنّ "هناك احتمالية بإنجاز عملية العد والفرز اليدوي لجميع المحطات المطعون فيها نهاية الأسبوع الحالي".
وأظهرت نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في البلاد، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تراجعاً واضحاً للقوى السياسية الحليفة لإيران، إذ خسرت أكثر من ثلثي مقاعدها البرلمانية السابقة، مع صعود واضح لقوى مدنية وشخصيات مستقلة.
وحافظ التيار الصدري لغاية الآن على صدارته لنتائج الانتخابات بواقع 73 مقعداً من أصل 329، بفارق أكثر من النصف عن أقرب منافسيه من الكتل السياسية الشيعية، وهي تحالف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، بينما لم تحقق قوى تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، سوى 17 مقعداً.
وأبلغ مسؤول رفيع في بغداد، "العربي الجديد"، اليوم الخميس، بأنّ الجانب الإيراني لا يتوافق مع دعوات إلغاء الانتخابات الحالية وإعادة إجرائها، التي تروجها قوى حليفة له في بغداد، كذلك فإنه يرفض التصعيد والتهديد الذي تمارسه بعض تلك القوى تجاه الدولة ومؤسستها".
وشدد على أنّ "النتائج ستمضي وستعتمد ولا رجعة للوراء"، كما تحدث عما وصفه بـ"تأييد إقليمي ودولي" لفكرة "حكومة توافقية مستقرة للخروج من الازمة الراهنة".
وأكد أنّ الحديث عن حكومة أغلبية أو تفرد كتلة ما بتسمية رئيس الوزراء "لا يلاقي قبولاً واسعاً داخل العراق أيضاً، بسبب مخاوف من تكرار تجارب سابقة لحكومات غارقة بالمشاكل والتحديات السياسية"، وفقاً لتعبيره.
القوى الحليفة لإيران في العراق ترفض ولاية ثانية للكاظمي
في غضون ذلك، استبقت الكتل المنضوية ضمن ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي للقوى الشيعية"، التي تضم كتل "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، و"عطاء"، بزعامة فالح الفياض، إضافة إلى "تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، و"النصر"، بزعامة حيدر العبادي، مفاوضات تشكيل الحكومة بإعلان رفضها أي طروحات حيال التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي لولاية ثانية.
ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن عضو ائتلاف "دولة القانون"، عبد الهادي موحان قوله، إنّ "معظم الكتل الشيعية أجمعت على رفض اختيار مصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة المقبلة في حال طرح اسمه من قبل بعض الأطراف لتولي هذا المنصب".
بينما تحدث عضو تحالف "الفتح"، سالم العبادي، عن أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي "لن يحصل على الولاية الثانية"، لافتاً إلى أن "هناك رغبة شديدة لدى القوى الشيعية في عدم عودته إلى المنصب".
وفي السياق نفسه، تحدث عضو البرلمان السابق عبد الهادي السعداوي عمّا وصفه بـ"فيتو سياسي شيعي" على منح رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي ولاية ثانية، متحدثاً عن أنّ "حظوظ الكاظمي ضعيفة جداً مع وجود هذا الفيتو، والبحث عن بديل للكاظمي في المرحلة المقبلة أمر متفق عليه ولا عودة للنقاش فيه مرة ثانية".
وفي ذلك، قال الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي، أحمد النعيمي، إنّ القوى الإقليمية والدولية "تدرك خطورة إلغاء نتائج الانتخابات الحالية، بما فيها إيران الجارة وذات النفوذ الكبير بالعراق، رغم تواضع النتائج التي حققتها القوى المرتبطة أو المدعومة من قبلها".
النعيمي: أغلب الترجيحات تتوجه نحو مضي هذه الانتخابات، لكن لن تصبح معياراً في تشكيل الحكومة
وأضاف النعيمي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أغلب الترجيحات تتوجه نحو مضي هذه الانتخابات، لكن لن تصبح معياراً في تشكيل الحكومة، إذ سيكون هناك توافق داخلي على تشكيل الحكومة وحتى على مسألة تقاسم الوزارات السيادية والخدمية".
واعتبر أنّ التهديدات التي تمارسها القوى الخاسرة "جزء من تكتيك ضغط يهدف إلى إيصال رسالها، مفادها أنّ ثقلها بالمشهد ليس بعدد ما تحصل عليه من مقاعد برلمانية".
وشدد أيضاً على أنّ "موقف القوى الخاسرة الرافض لولاية ثانية يحصل عليها مصطفى الكاظمي، قد يتبدل سريعاً لاعتبارات متعلقة بإيران بالدرجة الأولى والحسابات الداخلية التي تتم بناءً على مقدار ما ستحصل عليه كل كتلة في الحكومة المقبلة من مناصب".