توصلت القوى السياسية الرئيسة في العراق إلى اتفاق يقضي بإعادة تفعيل عمل مجالس المحافظات، وذلك بعد تعطيلها في نهاية عام 2019، إثر التظاهرات الشعبية التي انطلقت في مدن جنوب ووسط البلاد والعاصمة بغداد، والتي طالبت بحل المجالس التي منحها الدستور حق اختيار الحكومات المحلية في المحافظات العراقية.
وكانت مطالب المتظاهرين تستند إلى اتهامات بأن مجالس المحافظات تمثل أحد أبواب الفساد والهدر المالي، وحلقة زائدة في الهيكل الإداري لتلك المحافظات، وفق متظاهري تشرين.
وصوّت مجلس النواب العراقي في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2019 على إلغاء مجالس المحافظات غير المنضوية في إقليم، والبالغ عددها 15 محافظة، بنحو 120 قضاء إدارياً وأكثر من 400 ناحية، وحل مجالسها أيضاً، إذ تستهلك تلك المجالس سنوياً ما لا يقل عن 200 مليار دينار عراقي (أي نحو 180 مليون دولار أميركي)، كمرتبات شهرية ونفقات حمايات، وإقامة، ونفقات أخرى، بينها ما يُعرف بمخصصات الخطورة والضيافة.
وكشف النائب عن "الإطار التنسيقي" كريم عليوي، لـ"العربي الجديد"، عما وصفه بأنه "اتفاق سياسي تم التوصل إليه في اليومين الماضيين، والذي يقضي بإعادة تفعيل عمل مجالس المحافظات"، لافتاً إلى أن "إعادة عمل تلك المجالس تحتاج إلى إجراء انتخابات محلية، ولهذا هناك سعي حقيقي من قبل الحكومة والبرلمان، وبدعم سياسي، لإجراء تلك الانتخابات في شهر أكتوبر من العام المقبل 2023".
وبيّن عليوي أن "هناك حوارات واجتماعات حكومية – برلمانية، تهدف إلى تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، لكن حتى الآن لا اتفاق نهائياً على صيغة القانون، كما أن هناك اجتماعات سياسية ستعقد قريباً من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن شكل القانون، بعد الاتفاق على إعادة عمل المجالس".
وأضاف النائب عن "الإطار التنسيقي" أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يسعى إلى إجراء تغييرات في بعض المحافظين، قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات"، موضحاً أن "جولاته على المحافظات هدفها تقييم عمل المحافظين، كما أنه يسعى إلى إجراء بعض التعديلات الجوهرية في مفوضية الانتخابات المستقلة، بالتنسيق مع مجلس النواب".
من جهته، قال عضو مجلس محافظة بغداد المنحل سعد المطلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "القوى السياسية أدركت جيداً ضرورة وجود مجالس المحافظات، من أجل مراقبة العمل والأداء للحكومات المحلية، فلا يمكن بقاء هذه الحكومات بلا رقابة ومحاسبة، خصوصاً مع وجود إخفاقات وشبهات بعمل بعض المحافظين طيلة السنوات السابقة".
وبيّن المطلبي أن "وجود مجالس المحافظات ضرورة دستورية، فهذا ما يؤكد عليه الدستور العراقي، ولا يمكن بقاء تجميد عمل المجالس وفق أجندة سياسية، فهذا التعطيل للمجالس كانت له أهداف سياسية من أجل السيطرة على بعض المحافظات من قبل بعض الجهات، ولكي تعمل بدون أي رقابة لها".
وأكد أن "هناك اتفاقاً سياسياً، وبالاتفاق مع الجهات الحكومية والبرلمانية المختصة، على تفعيل عمل المجالس من خلال إجراء انتخابات لها قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة، وستتم هذه الانتخابات في الشهر العاشر من السنة المقبلة، ولا تراجع عن هذا الموعد"، مشيراً إلى أن "الحكومة بدأت تعمل بشكل فعلي على تهيئة الأمور لهذه الانتخابات".
وأكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، يوم الأحد الماضي، تذليل العقبات أمام مفوضية الانتخابات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.