عاودت القوى السياسية العراقية لقاءاتها مجدداً، لأول مرة منذ أسابيع، وذلك قبيل يوم واحد من انتهاء المهلة التي حددها زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، لخصومه السياسيين في تحالف "الإطار التنسيقي"، البالغة 40 يوماً لتشكيل الحكومة بمفردهم من دون إشراك تياره فيها.
وتتواصل الأزمة السياسية غير المسبوقة في العراق منذ نحو ستة أشهر، عقب إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفرزت فوز "التيار الصدري"، بفارق كبير عن أقرب منافسيه من قوى "الإطار التنسيقي"، الحليف لإيران.
ويُصر الصدر، الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنية وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية في تشكيل تحالف أطلق عليه "إنقاذ وطن"، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بالوقت الذي ترفض القوى المدعومة من طهران ضمن "الإطار التنسيقي"، الذي يتكون من كتل عدّة أبرزها "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، و"الفتح"، بزعامة هادي العامري؛ على تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة، وفقاً للأوزان الطائفية وليست الانتخابية.
واليوم الإثنين، وصل وفد تحالف "السيادة"، بزعامة رئيس التحالف السياسي خميس الخنجر، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إلى جانب شخصيات بارزة من "التيار الصدري"، من بينهم، رئيس الهيئة السياسية، حسن العذاري، ونصار الربيعي، وعقدوا اجتماعاً مغلقاً مع رئيس الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، مسعود بارزاني في مصيف صلاح الدين بمدينة أربيل.
ووفقاً لمصادر سياسية مطلعة في أربيل، تحدثت عبر الهاتف لـ"العربي الجديد"، فإن "الاجتماع تناول توجهات التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) والتوجه إلى المضي في خطة تشكيل الحكومة، بعد إخفاق الإطار التنسيقي، بتشكيلها خلال الأربعين يوماً الماضية".
وقال مصدر ضمن وفد "التيار الصدري" في أربيل، لـ"العربي الجديد"، إن "الإطار التنسيقي والضغوط الخارجية فشلت في تفكيك التحالف الثلاثي، وفشلت أيضاً بتشكيل الحكومة، وحالياً هناك حراك جديد للعودة إلى مهمة جمع 220 عضواً في البرلمان من أجل المضي باستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الجديد الذي سيكلف مرشح التحالف عن التيار الصدري لتشكيل الحكومة".
ولفت إلى أن "جعفر الصدر (السفير العراقي في لندن) ما زال مرشحنا لرئاسة الحكومة من دون تغيير". واعتبر أن "الاجتماع اليوم هو بمثابة إيذان عودة الحراك السياسي لحل الأزمة مجدداً"، مشيراً إلى وجود ما وصفه بـ"تقارب كبير بين عدد مهم من المدنيين والمستقلين والتحالف الثلاثي"، من دون أن يوضح المزيد من التفاصيل.
في السياق، قال النائب في البرلمان العراقي عن الحزب "الديمقراطي الكردستاني" محما خليل، إن الاجتماع لبحث "دعم مبادرة الصدر لتشكيل الحكومة الجديدة بمشاركة الأطراف المستقلة، وإنهاء الانسداد السياسي الحاصل في العراق والتصويت على مشاريع القوانين المهمة".
ويأتي اجتماع قادة تحالف "إنقاذ الوطن"، اليوم الإثنين، في أربيل، بالتزامن مع قرب انتهاء المهلة الزمنية التي حددها الصدر لـ"الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة، والتي تنتهي بعد غد الأربعاء. كما أنها تأتي بعد ساعات من إعلان رئاسة البرلمان العراقي، عن تمديد الفصل التشريعي الحالي لشهر آخر، وتحديد يومي الأربعاء والخميس المقبلين موعداً لعقد جلسات جديدة للبرلمان.
وعلم "العربي الجديد"، من مصادر مطلعة في أربيل أن ممثلين عن التحالف سيعلنون في ختام لقائهم الحالي عن أبرز مخرجاته وما اتفق عليه.
بدوره، قال الوزير السابق بنكين ريكاني، إن زعيم الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، يعتزم هو الآخر "تقديم مشروع لإنهاء الجمود السياسي في العراق، وهو حالياً على الخط مع الأحزاب السياسية للحصول على رأي جميع الأطراف وثم تقديم المقترح، حتى يتمكنوا من الوصول إلى نتيجة مرضية"، دون الكشف عن تفاصيلها.
وتدخل أزمة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بنسختها الثامنة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، في منعطف حرج، بعد تعثر نجاح عدة مبادرات سياسية داخلية وعدة وساطات قادتها قيادات إيرانية مختلفة طيلة الأشهر الماضية بين بغداد والنجف وأربيل، لتقريب المسافة بين كل من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات بفارق كبير عن أقرب منافسيه في تحالف "الإطار التنسيقي"، المدعوم من طهران.