تواصل مكونات تحالف "الإطار التنسيقي"، القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق، مساعي الاتفاق في ما بينها على مرشح رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، في ظل تباين حاد حول آلية الاختيار وبرنامج الحكومة ومدتها.
ومنذ أكثر من 9 أشهر تتواصل واحدة من أعقد الأزمات السياسية في البلاد، عقب إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والتي أفرزت نتائج غير تقليدية لتوزيع القوى السياسية داخل البرلمان.
وبات "الإطار التنسيقي" الآن الكتلة الكبرى داخل البرلمان العراقي، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال قيادي بارز في "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللجنة المصغرة التي جرى تشكيلها، الأسبوع الماضي، من قبل التحالف، عقدت لقاءات مع المرشحين لرئاسة الوزراء خلال اليومين الماضيين، كل على انفراد"، دون أن يوضح أسماء هؤلاء المرشحين.
وأضاف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "لجنة اختيار رئيس الوزراء، قدمت خلال لقائها مع مرشحي رئاسة الوزراء مجموعة من الأسئلة، إضافة إلى سماع وجهة نظر كل مرشح وكيفية إدارة المرحلة المقبلة، من أجل وضع تقييم لكل مرشح".
وبيّن أنه "حتى الساعة لا يوجد اتفاق على تسمية أي مرشح من هؤلاء لرئاسة الوزراء واللجنة الخاصة سوف ترفع تقريراً إلى الهيئة القيادية في الإطار التنسيقي، خلال الساعات المقبلة، من أجل حسم اختيار مرشح رئاسة الوزراء، لكن هناك خلافاً حول آلية حسم هذا الاختيار".
وتابع أنّ "هناك خيارين لحسم اختيار مرشح رئاسة الوزراء؛ الأول، التصويت على المرشح داخل الهيئة القيادية للإطار التنسيقي وأي مرشح يحصل على أكبر عدد من الأصوات يكون هو رئيس الوزراء، والثاني من خلال تصويت نواب المكون الشيعي، وأي مرشح يحصل على النسبة الأعلى من أصوات النواب يكون هو رئيس الوزراء".
وأشار القيادي إلى أنه "حتى الساعة لا اتفاق على أي آلية سوف يعمل عليها قادة الإطار التنسيقي ما بعد وصول التقرير إليهم من قبل اللجنة الخاصة لاختيار رئيس الوزراء، والتي يرأسها زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم".
قيادي في التنسيقي: إما أن يصوت على المرشح داخل الهيئة القيادية للإطار التنسيقي أو أن يصوت عليه نواب المكون الشيعي
وفي وقت سابق، كشف النائب عن "الإطار التنسيقي" علي الفتلاوي، عن أنّ أبرز المرشحين لمنصب رئيس الحكومة هم: حيدر العبادي، ومحمد شياع السوداني، وعبد الحسين عبطان، وعلي الشكري، وقاسم الأعرجي.
وأشار النائب عن التحالف ذاته، أحمد الموسوي، لـ "العربي الجديد"، إلى الاقتراب من حسم تشكيل الحكومة الجديدة، مؤكداً أنّ "عملية تسمية رئيس الوزراء ستكون خلال اليومين المقبلين، وسيكون على المرشح توافق من قبل جميع قوى الإطار، إضافة إلى الدعم من الأطراف السياسية الأخرى".
وأوضح الموسوي أنّ "القوى الكردية مطالبة بشكل سريع بالاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية وحلّ الخلاف، حتى لا يكون هذا الخلاف هو المعرقل للإسراع بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. فالبرلمان والإطار منح القوى الكردية وقتاً للوصول إلى اتفاق قبل أن يحدد موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وبخلاف ذلك سوف تحدد الجلسة حتى وإن لم يتفق الأكراد على مرشح واحد".
وأضاف أنّ "الإطار التنسيقي يعمل على أن يكون للتيار الصدري ممثلون في الحكومة العراقية الجديدة، يتسلمون بعض المناصب الوزارية وغيرها"، مشدداً: "لا نريد تهميش أي طرف سياسي، وفي حال رفض التيار الصدري ذلك فنصيب التيار سوف يوزع على القوى السياسية الشيعية وفق الاستحقاق الانتخابي لكل كتلة وحزب".
الموسوي: في حال رفض التيار الصدري المشاركة في المناصب الحكومية، فسيوزع نصيب التيار على القوى السياسية الشيعية وفق الاستحقاق الانتخابي لكل كتلة وحزب
وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "تأخر الإطار التنسيقي في حسم اختيار رئيس الوزراء وتأجيل هذا الحسم يؤكد ويدل على عمق الخلافات داخل قوى الإطار على مرشح رئيس الحكومة المقبل، ولا نعتقد أنّ الحسم سيكون قريباً".
وبيّن الشريفي أنّ "قوى الإطار التنسيقي حذرة جداً في قضية تسمية رئيس الوزراء الجديد، فهي تريد اختيار شخصية لا تستفز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومرفوضة من قبله، كما تريد شخصية مقبولة نوعاً ما لدى الشارع العراقي، حتى لا يتحرك الشارع عليها بعد إعلان هذا الاختيار، كما أنها تريد مرشحاً له مقبولية إقليمية ودولية، حتى لا يواجه العراق عزلة خلال المرحلة المقبلة".
وأكد أنّ "قوى الإطار التنسيقي تشهد خلافات كبيرة تتعلق باسم مرشح رئاسة الوزراء، وكذلك آلية اختيار هذا المرشح، ولهذا ذهب الإطار نحو تشكيل لجنة خاصة لحسم هذا الملف، لكن حتى داخل هذه اللجنة المصغرة هناك اختلاف وخلافات في وجهات النظر كبيرة، ولهذا سوف يطول حسم هذا الملف ولن يحسم في الأيام القريبة".
ودخلت الأزمة السياسية في العراق منعطفاً جديداً بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً من أصل 329) استقالاتهم من البرلمان، وانسحاب الصدر من العملية السياسية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها "التيار الصدري" خارج البرلمان، بعدما حافظ لسنوات على نسبة لا تقل عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من إعداد التيار لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.
وهي المرة الأولى في العراق ما بعد 2003، التي تجري فيها عملية تشكيل الحكومة الجديدة، دون مشاركة التيار الصدري مع انسحاب التيار الكامل من البرلمان العراقي ومجمل العملية السياسية.
ورغم إعلان "الإطار التنسيقي" ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات، من البرلمان العراقي، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية الرئيسة، المتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وسط خلافات داخلية بين قوى الإطار.