أصدر القضاء العراقي قراراً بالسجن 10 سنوات بحق "مخبر سري" قدم بلاغاً كاذباً، اتهم فيه مجموعة بارتكاب جريمة إرهابية، فيما دعا حقوقيون إلى إنهاء ملف المخبر السري، وإعادة المحاكمات للأشخاص الذين اتهمهم.
وخلال السنوات الماضية، زُج آلاف العراقيين داخل السجون، بسبب "التهم الكيدية" من قبل من يعملون "مخبرين سريين"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد وجه، في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بفتح ملف انتزاع الاعترافات قسراً خلال التحقيقات القضائية، داعياً كل من تعرض لأي صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، إلى تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززةً بالأدلة الثبوتية، فيما خصص بريداً إلكترونياً لاستقبال الشكاوى.
ووفقاً لبيان مجلس القضاء الأعلى، فإن "محكمة جنايات الرصافة أصدرت حكماً بالسجن 10 سنوات بحق مدان قدم بلاغاً سرياً كاذباً أمام الجهات الأمنية"، مبيناً أن "المحكمة أصدرت الحكم وفقاً لأحكام قانون العقوبات، وبدلالة المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب".
وأضاف: "المدان اعترف بقيامه بتقديم إخبار كاذب كمخبر سري أمام جهاز مكافحة الإرهاب ضد المشتكيَين بأنهما من العناصر الإرهابية، ولهما علاقة بحادث قتل أشقائه، وتبين فيما بعد للمحكمة أن الإخبار غير صحيح وبسوء نية خلافاً لأحكام القانون".
من جهته، عدّ المحامي العراقي ماهر الجنابي القرار القضائي "خطوة إصلاحية، ودعماً لمهنية القضاء".
وقال الجنابي لـ"العربي الجديد"، إن "ملف المخبرين السريين من الملفات المعقدة في البلاد، وبسبب البلاغات التي يُعَدّ أكثرها بلاغات كاذبة، زُجّ الآلاف في السجون، أغلبهم أبرياء اتُّهموا بتهم كيدية بارتكاب جرائم إرهابية، وقد صدرت بحق الكثير أحكام قضائية يصل بعضها إلى الإعدام".
وأكد أنه "يجب فتح الملف، وإعادة المحاكمات وفقاً لتوجيهات رئيس الوزراء، وأن تكون هناك عقوبات شديدة على كل من يثبت كذب بلاغاته من المخبرين السريين"، مشدداً على "ضرورة التعامل بحزم، وتخليص الأبرياء من أحكام قضائية بنيت على معلومات مضللة"، محملاً الحكومة "مسؤولية دعم هذا التوجه".
وكانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي قد كشفت الشهر الفائت عن حراك لإعادة فتح ملفات السجناء بالقضايا الخفيفة، في خطوة إصلاحية لمعالجة هذا الملف، وسط دعوات لأن تكون قضايا "التهم الكيدية" على رأس تلك الملفات.
وتبنت القوى السياسية العربية السنية في حملاتها الانتخابية الأخيرة مراجعة ملفات عشرات آلاف المعتقلين، خصوصاً ممن أدينوا وفقاً لوشايات "المخبر السري"، أو بانتزاع الاعترافات منهم بالقوة، وهي الفترة المحصورة بين عامي 2006 و2014.
وحاولت حكومة حيدر العبادي (2014 – 2018) تصفية ملف السجناء، من خلال تسريع عرضهم على المحاكم، والإفراج عن كل من لم تثبت التهم الموجهة إليه، وبالفعل الإفراج عن آلاف السجناء الذين زجوا في السجون إبان ولايتي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 – 2014) بتهم كيدية، إلا أن حراك حكومة العبادي لم يُنه هذا الملف.