أعلن التيار الصدري رفض زعيمه مقتدى الصدر عودة نواب كتلته المستقيلين إلى البرلمان العراقي، معولاً على حلفائه في تحالف "السيادة"، والحزب الديمقراطي الكردستاني، والنواب المستقلين، في مسألة التوجه إلى طلب حلّ البرلمان الحالي، بعد رد المحكمة الاتحادية يوم أمس للشكوى المقدمة منه بحلّه.
وكانت الشكوى التي ردت عليها المحكمة الاتحادية العليا في العراق، دعوى مرفوعة بحل البرلمان من قبل التيار الصدري، مؤكدة أنّ الحل يجب أن يكون من قبل البرلمان نفسه.
وقال المقرب من الصدر، الذي يعرف بـ"وزير الصدر"، صالح محمد العراقي، في بيان، إنّ "البعض من المحبّين يسعى بالطرق القانونية إلى إرجاع الكتلة الصدرية إلى البرلمان، وأقول قد كان أول النتائج المتوخاة من انسحابهم هو سدّ كافة الطرق للتوافق مع ما يسمى الإطار التنسيقي، فمثلي لا يتوافق معهم البتة، ثم إنّ رجوع الكتلة إلى مجلس النواب فيه احتمال، ولو ضعيفاً في إيجاد هذا التوافق، وهو ممنوع عندنا".
وأضاف أنّه "في حال منعه، فإن عودتهم ستكون انسداداً سياسياً مرة أخرى، فإنّ قيل إنما عودتهم لأجل حلّ البرلمان لا لأجل التوافق معهم، أقول إذا عدنا فلا بدّ أنّ يكون الحلّ مرضياً عند حلفائنا من السُّنة والكرد، ولا أظنه كذلك، فإن كان، فلا داعي لرجوعنا، بل بمجرّد انسحابهم سيفقد البرلمان شرعيته وسيحلّ مباشرة"، مؤكداً بقوله: "إننا نعي كثرة الضغوط على حلفائنا، لكن التضحية من أجل إنهاء معاناة شعب بأكمله أيضاً أمر محمود ومطلوب، فالشعب لا التيار هو من يرفض تدوير الوجوه وإعادة تصنيع حكومة فاسدة مرة أخرى، فالكرة في ملعب الحلفاء، لا في ملعب الكتلة الصدرية".
وأوضح "أما الرأي النهائي في مسألة عودة الكتلة الصدرية إلى مجلس النواب فهو ممنوع منعاً باتاً ومطلقاً وتحت أي ذريعة كانت، إذ يرفض الفاسدون حكومة لا شرقية ولا غربية ذات أغلبية وطنية، ونحن نرفض حكومة توافقية رفضاً قاطعاً".
وأشار البيان إلى أنّ "حلّ البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية، ولا سيما مع وجود حلفائها في مجلس النواب وبعض المستقلين، الذين إلى الآن هم على التلّ"، داعياً الحلفاء والمستقلين إلى "موقف شجاع يُنهي الأزمة برمتها".
وأضاف: "لن يكون الحلّ حينئذ تيارياً (التيار الصدري)، بل سيكون حلّ البرلمان وطنياً، سنّياً وشيعياً وكردياً ومستقلين، ليبقى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على رأس حكومة لتصريف الأعمال وللإشراف على الانتخابات المبكرة، أو بمعونة آخرين عراقيين أو دوليين"، مضيفاً: "ومن هنا لا داعي للجوء إلى التيار أو الإطار في حلّ المشكلة، فالمفاتيح عند أولي الحلّ والعقد، لا عند القضاء المسيّس، ولا عند المحاكم الخائفة، ولا عند الكتلة الصدرية المنسحبة".
قرار المحكمة الاتحادية يحمل طابعاً سياسياً
من جهته، قال عضو التيار الصدري عصام حسين، إنّ "قرار المحكمة الاتحادية الأخير يحمل طابعاً سياسياً كما جرت العادة التي سار عليها القضاء العراقي خلال الفترات الماضية، بالتالي فإن للصدر خيارات عدة غير واضحة إلى الآن"، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أنصار التيار الصدري غير راضين عن سير العملية السياسية حالياً، ولذلك تظاهروا واعتصموا واشتبكوا مع مسلحي الأحزاب والفصائل الموالية للخارج، وقد نشهد استعدادات للاحتجاج خلال الفترة المقبلة، وليس هناك احتمال لعودة نواب الكتلة الصدرية للبرلمان".
ليس من حق أي جهة سياسية أنّ تحلّ البرلمان
مقابل، ذلك أكد المستشار في "حركة حقوق"، الجناح السياسي لجماعة "كتائب حزب الله"، علي فضل الله، أنّ "البرلمان العراقي يمثل الشعب كما قالت المحكمة الاتحادية، وليس من حق أي جهة سياسية أنّ تخرق إرادة الشعب وتحل سلطة تشريعية منتخبة، والتيار الصدري كان قد اختار الاستقالة وهو حقه المشروع، لكن هل من المعقول أنّ يُحل برلماناً يمثل كل العراقيين لتحقيق رغبة الصدريين وبعض القوى المدنية؟".
وأوضح فضل الله، لـ"العربي الجديد"، أنّ "حل البرلمان يحتاج إلى إرادة سياسية من قبل كل الأحزاب، وهي غير متحققة حالياً، أما بالنسبة إلى عودة الصدريين، فإن القضاء العراقي قد يسمح بها في حال عدم اكتمال أركان المصادقة عليها أصولياً".
المحكمة الاتحادية أعادت الحياة لـ"الإطار التنسيقي"
أما النائب المستقل في البرلمان العراقي، باسم خشان، فقد أكد أنّ "المحكمة الاتحادية برأت نفسها من كونها إحدى أكثر زوايا الحفاظ على النظام ومصالح الأحزاب المتنفذة، كما أنها أعادت الحياة إلى الأحزاب التي لا تزال تحاول التوافق على تشكيل الحكومة الجديدة، وتحديداً قوى الإطار التنسيقي، بعد الخطوات الصدرية لمنع تشكيل أي حكومة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أنّ "جهوداً سياسية بُذلت خلال الأيام الماضية، وأظن أنها ستستمر في سبيل إقناع الصدريين بالعودة إلى البرلمان، لكن لا يبدو أنّ هناك أي استجابة من الصدر".
توقعات بعودة الصدريين إلى الشارع
وتوقع الناشط المدني البارز، علي طلال، عودة الصدريين إلى الساحات والميادين في احتجاجات أقوى من السابق، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ "الصدر عازم على إحداث التغيير عبر الوسائل السلمية، لكن لا نعرف أبعاد هذه الاحتجاجات إذا وقعت، وخصوصاً أنّ القرارات القضائية باتت في صالح قوى الإطار التنسيقي الذي يرفض حل البرلمان".
ورجح الناشط أنّ "المرحلة الحالية هي الأكثر تعقيداً في الحياة السياسية التي نشأت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وأنّ القوى السياسية، بما فيها التيار الصدري، قد تعود إلى حمل السلاح من جديد".
الكُرة في ملعب البرلمان مجدداً
وفي السياق، بيّن الخبير القانونيّ في العراق، علي التميمي، أنّ "الكرة حالياً عادت مرة ثانية إلى البرلمان والقوى السياسية للتفاوض والحوار مرة جديدة على ملفات تشكيل الحكومة أو الاتفاق على حل البرلمان، الذي قد لا يحدث بإرادة سياسية، خصوصاً أنّه يعد طلباً من جهة سياسية واحدة، وليس لمجموعة أحزاب"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنّ "قرار المحكمة الاتحادية لا يحمل أي غموض، فقد وجه اللوم إلى البرلمان بأنه أخلّ بواجباته الدستورية، ولذلك عليه حلّ نفسه بنفسه، من خلال طلب يُقدم من ثلث الأعضاء وموافقة الأغلبية المطلقة".
ومن المقرر أنّ تعقد المحكمة الاتحادية العليا، في 28 من الشهر الحالي، جلسة خاصة بشأن شكوى عدم شرعية قبول استقالات نواب التيار الصدري في يونيو/ حزيران الماضي، التي صدّق عليها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي فقط دون عقد جلسة خاصة للبرلمان بنصاب كامل.