في الوقت الذي يترقب فيه سكان منطقة الفرحاتية بمحافظة صلاح الدين شماليَّ العراق نتائج التحقيق في المجزرة التي ارتكبتها مليشيا مسلحة في منطقتهم السبت الماضي، ونتج منها مقتل 12 مدنياً، بينهم أربعة صبيان واختفاء آخرين، يتحدث نواب عن قرب إعلان النتائج، بينما يؤكد زعماء قبليون أن المجزرة حدثت بسبب عناصر يصفونها بأنها "غير منضبطة"، تنتمي إلى ـمليشيات مسلحة ضمن "الحشد الشعبي".
وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي، وجود لجنتين للتحقيق في مجزرة صلاح الدين، واحدة من قبل القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأخرى من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مبيّناً، في حديث للصحيفة الرسمية، أن اللجنة المشكلة في البرلمان وصلت إلى مكان الحادث، واطلعت على المعلومات الأمنية بشكل كامل من المدنيين وذوي الضحايا.
وأشار إلى أن اللجنة تولدت لديها معلومات دقيقة بشأن الحادث والجهة الإجرامية التي قامت به. وتابع: "من خلال الأدلة وشهود العيان، جرى التوصل إلى أن القضية جنائية، في إشارة إلى تورط المليشيا، لا تنظيم "داعش"، مؤكداً أن التحقيق مستمرّ، وخلال اليومين المقبلين ستُعلَن نتائج اللجان".
وأوضح أن لجنة التحقيق البرلمانية حدّدت قصور الجهات الموجودة في المنطقة، وسيُرسَل تقرير مفصَّل إلى رئاسة مجلس النواب التي سترفع بدورها توصياتها إلى القائد العام للقوات المسلحة، وإلى وزارتي الدفاع والداخلية".
من جانبه، قال المتحدث باسم عشائر محافظة صلاح الدين مروان الجبارة، إن الذي حدث في المحافظة كان بسبب وجود عناصر غير منضبطة في الفصائل المسلحة الماسكة للأرض، مضيفاً، في مقابلة متلفزة، أنّ الحقيقة واضحة.
وعبّر عن خشيته من تسبب مجزرة صلاح الدين بإعادة العراق إلى المربع الأول، وهو مربع الطائفية الذي غادرته البلاد منذ سنوات طويلة، مطالباً الحكومة بالإسراع في كشف ملابسات جريمة الفرحاتية، وإشراك السكان المحليين في حماية مناطقهم، الأمر الذي من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار.
وأشار إلى وجود إحباط كبير بسبب تراجع الملف الأمني بعد حدوث سابقة خطيرة تمثلت بمجزرة الفرحاتية، لافتاً إلى عدم وجود ثقة بلجان التحقيق، لأن اللجان السابقة لم تخرج بنتائج. وتابع: "من دون الكشف عن النتائج، ستذهب الدماء سدىً"، مبيناً أن مرور هذه الجريمة من دون معاقبة الفاعلين سيؤثر في السلم المجتمعي.
وبشأن الحديث عن تلقي ذوي الضحايا والسكان المحليين المطالبين بالكشف عن منفذي جريمة الفرحاتية تهديدات، قال: "من يرتكب الجريمة يهدّد، لأن التهديد أسهل من القتل"، مطالباً الحكومة بإرسال قوات نظامية إلى المنطقة.
وقالت مصادر محلية في صلاح الدين لـ"العربي الجديد"، إنّ سكان الفرحاتية يترقبون نتائج التحقيق في المجزرة للتأكد من مدى جدية الحكومة في حمايتهم، مشيرة إلى وجود خشية من تسويف القضية كما حدث مع حالات سابقة، الأمر الذي من شأنه أن يهدد حياة سكان محليين، خصوصاً أولئك الذين أدلوا بشهادات تشير إلى تورط مليشيا مسلحة بالمجزرة.
ومساء الاثنين الماضي، أكد رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، وجود تواصل مع قيادات مليشيا "عصائب أهل الحق" بهدف التوصل إلى الجهة التي تقف وراء تنفيذ مجزرة الفرحاتية في محافظة صلاح الدين.
وأوضح أنّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كلّف رئيس أركان الجيش الإشراف على هذا الموضوع، مبيناً أنّ قائداً في اللواء الـ 42 بـ "الحشد الشعبي" (الذي يتولى مسؤولية الأمن في الفرحاتية)، الذي كان سابقاً محسوباً على "عصائب أهل الحق"، أبلغه باستعداده لـ"القيام بكل ما عليه من عمل للتحقيق في هذه القضية".
وأوضح أنّ الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، بعث برسالة قال فيها: "نحن لا نتستر"، مبيناً أنّ "الخزعلي أكد أنه سيقدّم كل من يثبت تورطه إلى العدالة".