العراق: تشكيلة حكومية غير مكتملة أمام البرلمان

27 أكتوبر 2022
أجرى السوداني عملية التدقيق النهائي للمرشحين للوزارات (Getty)
+ الخط -

وسط إجراءات أمنية ضخمة، بدأت بها مبكراً قوات الأمن وسط بغداد، تتجه الأنظار إلى مجلس النواب العراقي، إذ ينتظر أن يعقد اليوم الخميس جلسة مرتقبة للتصويت على منح الثقة لحكومة محمد شياع السوداني، الذي تم تكليفه في 13 الشهر الحالي بتشكيل الحكومة، عبر تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى والكتل السياسية القريبة من طهران، بعد تسميته رسمياً من الكتلة الكبرى في البرلمان والتي يمنحها الدستور تشكيل الحكومة.

وبعد مفاوضات سياسية قادها السوداني (53 سنة)، واستمرت لأسبوعين مع مختلف القوى السياسية الموجودة في البرلمان، تنتظر العراقيين حكومة محاصصة طائفية جديدة.

وحتى مساء أمس الأربعاء، تؤكد مصادر متطابقة بالعاصمة بغداد عدم تمكن السوداني من حل الخلافات على بعض الوزارات، والتي تتنافس عليها عدة كتل سياسية من داخل المكون نفسه. وأشارت إلى أن أكثر من 65 في المائة من الحقائب الوزارية حسمت، وهو ما يوجد إمكانية التصويت على منحها الثقة، على أن يتم استكمال الوزارات الأخرى لاحقاً. ويكون السوداني وزيراً من موقع أعلى بالوكالة (يدير الوزارات بنفسه بالوكالة) لحين التصويت على الوزراء الجدد، وفقاً للدستور العراقي.


تم حسم أكثر من 65 في المائة من الحقائب الوزارية، ما يمهد للتصويت على منح الحكومة الثقة

ويجيز الدستور، النافذ في البلاد منذ عام 2005، تقديم رئيس الحكومة المكلف تشكيلته الوزارية منقوصة، شرط ألا يتجاوز النقص نصف عدد وزارات حكومته، على أن يكمل الجزء الباقي، ومن خلال جلسة تصويت ملحقة أخرى، على باقي الوزارات بطلب منه إلى البرلمان.

رفض قوى مدنية مناصب بالحكومة

وكشفت المصادر ذاتها، لـ"العربي الجديد"، عن "رفض القوى والشخصيات المدنية في البرلمان عدة عروض من السوداني لشغل مناصب بالحكومة". وأكدت أن "سعي السوداني لكسب شخصيات مدنية ومستقلة محاولة للدفاع عن شكل الحكومة المبني على غرار الحكومات السابقة والمرفوضة من قبل الشارع". وأشارت إلى أن هذه القوى اكتفت بالعمل ضمن جبهة معارضة رقابية على عمل الحكومة.

وأعلن البرلمان العراقي أمس الأربعاء عن الجلسة رسمياً، بعد بيانين متتاليين من رئيس الوزراء المكلف تحدثا عن أن الجلسة البرلمانية ستكون اليوم الخميس. 

وطلب السوداني، أول من أمس الثلاثاء، من البرلمان عقد جلسة اليوم الخميس، للتصويت على تشكيلة وبرنامج حكومته، لكن البرلمان تأخر في الرد على هذا الطلب نحو 24 ساعة، ما فسره مراقبون بأن الخلافات على أشدها بين الأحزاب، لا سيما السنية والكردية، بشأن تقاسم الوزارات والأسماء المرشحة للمناصب، إضافة إلى "الاستبدال المستمر لأسماء المرشحين للوزارات"، حسب ما علمت به "العربي الجديد"، من مصادر سياسية. 

وبحسب بيان صدر عن مكتب السوداني، أمس الأربعاء، فقد أجرى الأخير "عملية التدقيق النهائي للأسماء المرشحة لتولي المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة، عبر فحص الأسماء من قبل لجان مختصة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الداخلية - الأدلة الجنائية، وهيئتي النزاهة والمساءلة والعدالة، إضافة إلى التحقق فيما إذا كان هناك قيد جنائي بحق أحدهم"، مبيناً أنه "سيتم استبعاد أي مرشح يؤشر عليه في سجلات الدوائر الرقابية والأمنية".

السوداني خضع لجزء من الضغوط

وأفادت مصادر سياسية قريبة من السوداني بأن "جميع الأحزاب التي اختارت المشاركة في الحكومة مارست ضغوطاً كثيرة على المكلف بتشكيل الحكومة، وقد خضع السوداني لجزء من هذه الضغوط، لكنه رفض توجيهات حزبية بخصوص بعض الوزارات، لا سيما المالية والخارجية والداخلية، فقد عُرضت عليه مجموعة من الأسماء وقد اختار منها بحرية". 

وأكدت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن "السوداني استبدل خلال اليومين الماضيين عدداً من الأسماء المرشحة بأخرى، ما أثار خلافات جديدة بين الأحزاب والسوداني من جهة، وبين الأحزاب نفسها من جهة ثانية". 

وأكدت المصادر أن "التشكيلة الوزارية في حكومة السوداني ليست حزبية بالكامل، وأن هناك مرشحين للمناصب الوزارية من الوجوه الجديدة، لكن رشحتهم بالمجمل الأحزاب وضمن نظام المحاصصة". 

وقال النائب عن تحالف "الإطار التنسيقي" محمد الصيهود، لـ"العربي الجديد"، إن "السوداني حسم غالبية الحقائب الوزارية مع الكتل والأحزاب، وهناك بعض الخلافات على حقائب قليلة وبعض المرشحين، والحوارات مستمرة حتى ساعات قليلة قبل عقد جلسة مجلس النواب". 

وأكد أن "قرار جلسة الخميس جاء بعد إجماع واتفاق سياسي على ضرورة عقدها في هذا التوقيت. لكن هناك احتمالاً بأن يتم تأجيل التصويت على بعض الحقائب الوزارية لجلسة لاحقة". 

وأضاف الصيهود أن "الخلاف على بعض الحقائب الوزارية أو المرشحين أمر طبيعي، كما أن رئيس الوزراء المكلف رفض الكثير من الضغوط عليه من بعض الأطراف، واعتمد على المعايير التي وضعها في اختيار أعضاء كابينته الوزارية. والتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة سيكون بالأغلبية، لأنها حكومة الجميع، والكل مشارك فيها وداعم لها". 

منح الثقة بالأغلبية المطلقة

من جانبه، بيَّن النائب عن تحالف "السيادة" مضر الكروي، لـ"العربي الجديد"، أن "مجلس النواب سيصوت على منح الثقة لحكومة السوداني بالأغلبية المطلقة، وتم حسم غالبية الخلافات على الحقائب الوزارية والأسماء المرشحة لهذه الحقائب". 


محمد الصيهود: رئيس الوزراء المكلف رفض الكثير من الضغوط عليه من بعض الأطراف

وأوضح أن "الخلافات الحزبية والسياسية لا تزال مستمرة على بعض الحقائب الوزارية بين الكتل والأحزاب ومع رئيس الوزراء المكلف، لكن الاجتماعات ستبقى مستمرة لحسمها حتى قبل عقد جلسة منح الثقة، خصوصاً أن أغلب الخلافات دائماً ما تُحسم في الدقائق الأخيرة، لأن السوداني يأمل تمرير كامل فريقه الوزاري خلال الجلسة. ولهذا هو مستمر في الحوار والتفاوض مع كافة الأطراف السياسية".

إعادة تجارب الحكومات السابقة

أما النائب المستقل باسم خشان فأكد، لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة السوداني يقودها الإطار التنسيقي، وهو يعيد التجارب السابقة في كل الحكومات، من خلال التمسك بالمحاصصة الحزبية والطائفية، والسيطرة على الوزارات بكل مقدراتها، ونهشها كما جرى نهش أموال ومستقبل العراقيين". 

واعتبر أن "هذه الطريقة ستظهر نتائجها من خلال الشعب الثائر، والناقم ضد الطبقة السياسية الحاكمة، خصوصاً أن السوداني كان قد أكد أن حكومته لن تكون واجهة للأحزاب، وأنه سيشكل حكومة مستقلة، لكن الواقع يبدو عكس ذلك تماماً". 

بدوره، رأى الباحث والمحلل السياسي كتاب الميزان، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "آلية تفكير السوداني في تشكيل حكومته وطريقة اختيار وزراءه لم تختلف قط عن الطرق السابقة، حيث إنه اعتمد على المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية تحت ذريعة إدارة الدولة، رغم أنه شديد التكتم على ظهور أسماء المرشحين للوزارات".