أكد نواب في البرلمان العراقي، أن جدلية وضع تعريف دقيق لـ"الإرهابي" تعطل إمكانية تمرير قانون العفو العام، الذي ما زال مثار اختلاف بين القوى السياسية، على الرغم من أن اتفاقات تشكيل حكومة محمد شياع السوداني نصّت على إقراره.
وكانت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، قد أكدت أمس الأول السبت، إرسالها مسودة مشروع قانون العفو العام إلى رئاسة البرلمان لقراءته في جلسات الأسبوع الحالي، بعدما تم تعديله من قبل الحكومة العراقية.
ووفقاً للنائب عن "تحالف السيادة" يحيى العيثاوي، فإنه "تمت مناقشة إدراج القانون ضمن جدول أعمال الجلسات المقبلة في جلسة خاصة بأروقة البرلمان، ونتوقع أن يتم تمريره دون تأخير لكثرة المطالبات السياسية والشعبية"، مبيناً في تصريح لإذاعة محلية عراقية، مساء أمس الأحد، أن "قضايا القتل والحق الخاص سيتم شمولها في القانون في حال تنازل أهل القتيل أمام القضاء".
وأكد أن "الجدل الدائر بشأن القانون يتمحور حول إمكانية وضع تعريف "الإرهابي"، الذي يجب أن يكون هنالك وصف دقيق له"، مبيناً أنه "يجب أن يكون الإرهابي من ثبت عليه بالجرم المشهود، وبالدليل، بأنه قد تلطخت يداه بدم العراقيين، وحينها يستثنى من القانون"، مشدداً على أن "الكثير من المتهمين في السجون زجوا بذريعة المخبر السري وبدون دليل".
وخلال السنوات الماضية، تم زج آلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب.
من جهته، أكد عضو في اللجنة القانونية في البرلمان، استمرار المماطلة من قبل غالبية قوى "الإطار التنسيقي" بشأن تمرير القانون، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "هناك صعوبة بالتوصل إلى صيغة واضحة لتعريف الإرهابي، إذ إن الآلاف داخل السجون زجوا بناءً على تهم الإرهاب التي لم تثبت عليهم، وفي حال صياغة تعريف فضفاض، وهو ما تريده قوى الإطار، فإن هؤلاء لن يشملوا بالقانون".
وشدد على أن "التقاطع كبير بشأن هذه الجزئية، وأن هناك صعوبة بإمكانية حسمها"، مشيراً إلى أن "عدم حصر التعريف بحدود المدانين بتهمة الإرهاب يعني إفراغ القانون من محتواه، وأنه لا يشمل إلا نسبة بسيطة من السجناء".
بدوره، قال النائب عن "الإطار التنسيقي" محمد الزيادي، إن "هناك مخاوف من قانون العفو العام، إلا أن هذا القانون لن يكون في جانب القتلة، ولن يتم إطلاق سراحهم من خلاله، خصوصاً وأن هناك ادعاءً بالحق الشخصي لن يسمح بإخراجهم من السجون"، مؤكداً في تصريح صحافي أمس الأحد، أن "نواب البرلمان سيرفضون قانون العفو العام في حال كانت فقراته تنص على إخراج القتلة والمجرمين من السجون، فضلاً عن أن المكون الأكبر (المكون الشيعي) لن يسمح بإطلاق سراح القتلة وممن كانوا وراء إراقة الدم العراقي".
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ قانون العفو العام في نهاية أغسطس/ آب 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم، فيما تمّ التعديل الأول للقانون في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حالياً ضمن "الإطار التنسيقي".
وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، إضافة إلى شموله مَن يتم تسديد ما في ذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد.
كما عُدِّلت وقتها فقرة تمنع العفو عن جميع من أدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/ حزيران 2014، وهو تاريخ احتلال تنظيم "داعش" مدينة الموصل، شمالي البلاد، كما عدلت أيضاً الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو.
كما مُنح وفق التعديل، من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما بقي من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار (نحو 33 دولاراً) عن اليوم الواحد.