يسعى البرلمان العراقي إلى إقرار قانون "حرية التعبير" بصيغة جديدة، بعد تعديلات ابتدأت بالاسم الذي تم تعديله إلى "حرية الاجتماع والتظاهر السلمي"، وانتهاء بفقراته.
ووسط حديث عن إفراغ "حرية التعبير" من محتواه الحقيقي، يؤكد سياسيون أن القانون سيدعم سلطة الحكومة التي صعدت أخيراً من حملاتها ضد معارضي الرأي.
والقانون المثير للجدل، معطل في البرلمان لدورات برلمانية عدة إذ قوبل برفض واعتراضات كبيرة حالت دون إمكانية تمريره، سيما وأنه يتضمن فقرات وصفت بأنها تقيد حريات التعبير، وتفرض عقوبات وغرامات مالية كبيرة، قد تستغل "سياسيا".
ولم تكن الاعتراضات على القانون داخلية فقط، بل حتى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) كانت قد هاجمته العام الماضي، مؤكدة أن هناك أجندة سياسية تقف خلفه، وأنه (القانون) ابتعد كليا عن حرية التعبير عن الرأي، وهو مخالف للدستور العراقي ولا يتماشى مع المعايير الدولية لحرية الرأي.
ويسعى تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، إلى تمرير القانون، ليدعم سلطته على معارضيه، مستغلا نفوذه في البرلمان من ناحيتي عدد المقاعد والرئاسة.
وتعمل لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، على دراسة مسودة القانون وإجراء التعديلات المناسبة عليها، وفي تصريح سابق لعضو اللجنة، النائب عن "الإطار التنسيقي" زهير الفتلاوي، فإن "اللجنة قررت أن يكون القانون باسم (حرية الاجتماع والتظاهر السلمي)، ورفع كلمة (حرية التعبير)، إذ إن حرية التعبير مكفولة بحسب الدستور العراقي، وإن أي مواطن يستطيع التعبير عن رأيه بجميع الوسائل والطرق".
وأضاف: "نحن الآن نعمل على تشريع قانون حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتم عقد أكثر من 4 ورشات وجلسات استماع مع منظمات المجتمع المدني، الاتفاق على مسودة قانون، وهي محل دراسة ومناقشة من قبل اللجنة ولجنة الثقافة والإعلام ولجنة الأمن والدفاع"، مؤكداً أنه "سيتم في الفترة القليلة المقبلة تشريع القانون لأهميته".
وأكد عضو في اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أن هناك دفعا باتجاه تمرير القانون في المرحلة المقبلة، مبينا لـ"العربي الجديد"، ومشترطا عدم ذكر اسمه، أن "هناك دفعا سياسيا واضحا من قبل قوى الإطار التنسيقي لتمرير القانون بصيغته واسمه الجديد، وهو ما يعني إفراغه من محتواه، وهو ما يتم فعلا".
وأشار إلى أن "الإطار التنسيقي اليوم فرض هيمنته على البرلمان من ناحيتي عدد المقاعد باعتباره الكتلة الكبرى، فضلاً عن أن وجود محسن المندلاوي على رأس البرلمان وهو من ضمن قيادات الإطار، يمثل فرصة له لتمرير القوانين التي يريدها".
من جهته، أبدى النائب العراقي، ظافر العاني، استغرابه من مما يجري في العراق من قمع الحريات، وقال في تدوينة له على منصة "إكس"، "من غير المعقول أن تكون الجهات المسؤولة دستورياً عن حماية الحقوق وصون الحريات هي نفسها السبب في تضييق الحقوق على أصحاب الرأي وانتهاك حريات المواطنين".
من غير المعقول ان تكون الجهات المسؤولة دستورياً عن حماية الحقوق وصون الحريات هي نفسها السبب في تضييق الحقوق على أصحاب الرأي وانتهاك حريات المواطنين .
— ظافر العاني (@DhaferAlani) February 22, 2024
أما الباحث في الشأن السياسي العراقي، مجاهد الطائي، فقد حذر من التسلط الحكومي على أصحاب الرأي، وقال في تدوينة له، "عدم وجود قانون ينظم المحتوى الرقمي وحرية التعبير عن الرأي يمنح سلطة تقديرية تسلطية على المعارضين وأصحاب الرأي"، مؤكدا أن "هناك تخادما واضحا بين مؤسسات الدولة التي هيمن عليها الإطار التنسيقي وحلفاؤه.. عمود الديمقراطية هي حرية التعبير، واستهداف أصحاب الرأي عبث بالدولة وتقويض للديمقراطية".
عدم وجود قانون ينظم المحتوى الرقمي وحرية التعبير عن الرأي؛ يمنح سلطة تقديرية تسلطية على المعارضين وأصحاب الرأي؛ وهناك تخادم واضح بين مؤسسات الدولة التي هيمن عليها الإطار التنسيقي وحلفائه.
— مجاهد الطائي (@mujahed_altaee) February 20, 2024
عامود الديمقراطية هي حرية التعبير؛ واستهداف أصحاب الرأي عبث بالدولة وتقويض للديمقراطية. pic.twitter.com/z59UKNUbxn
ويشهد العراق تصعيداً حكومياً خطيراً في الفترة الأخيرة، تمثل بالتضييق على الحريات الشخصية، ومنع أصحاب رأي محددين من الظهور في وسائل الإعلام، كما تم اعتقال كتّاب وصحافيين ومدونين، من دون أوامر قضائية، الأمر الذي قوبل بقلق ومخاوف من عدم وجود قانون يضمن حرية التعبير ويضع الأسس القانونية الواضحة للتعامل مع الملف.