فرضت وزارة الخزانة الأميركية، مساء أمس الاثنين، عقوبات على مصرف في العراق بتهمة تمويل الحرس الثوري الإيراني ومجموعات المليشيات العراقية المتعاونة معه، وذلك ضمن حزمة عقوبات مماثلة طاولت مصارف، وشخصيات عراقية، وشركة طيران، وأخرى للسياحة، لعلاقتها مع الحرس الثوري الإيراني أيضاً، في ثاني قرار من هذا النوع خلال 8 أيام فقط.
ووفقاً لبيان للخزانة الأميركية، فإن "بنك الهدى"، الذي اعتبرته مصرفاً يعمل كـ"قناة لتمويل الإرهاب"، هو المصرف المدرج على لائحة العقوبات الجديدة.
وأشار البيان إلى أن "بنك الهدى" يتولى تحويل الأموال بالدولار إلى إيران ومجموعاتها الوكيلة، متهماً إياه بأنه "استغل لسنوات وصوله إلى الدولار الأميركي لدعم المنظمات الإرهابية الأجنبية المحدّدة، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، وكذلك مجموعات المليشيات العراقية المتحالفة مع إيران، بما في ذلك كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق".
وأشار إلى أن "رئيس مجلس إدارة "بنك الهدى" حمد الموسوي متواطئ في الأنشطة المالية غير المشروعة للمصرف، بما في ذلك غسيل الأموال، من خلال شركات واجهة تخفي الطبيعة الحقيقية للأطراف المشاركة في المعاملات غير المشروعة، مما يتيح في نهاية المطاف تمويل الإرهاب"، مضيفة أنه "منذ تأسيسه، استخدم المصرف وثائق مزورة لتنفيذ ما لا يقل عن 6 مليارات دولار من التحويلات خارج العراق".
ويشغل مالك المصرف حميد الموسوي منصب عضو في البرلمان العراقي، ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم بالبلاد، والمقرب من طهران.
ويأتي القرار بالتزامن مع وصول وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، أمس الاثنين إلى بغداد، وبحثه مع رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان الإجراءات القانونية والعقوبات الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية (OFAC) بخصوص الأشخاص والشركات العراقية.
وفي الثالث والعشرين من الشهر الحالي، وضعت وزارة الخزانة الأميركية شركة طيران "فلاي بغداد" ورئيسها التنفيذي على لائحة العقوبات، لتقديم المساعدة إلى "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري، والمجموعات الوكيلة له في العراق وسورية ولبنان، كما أدرجت الخزانة الأميركية 3 من أعضاء "كتائب حزب الله"، وصفتهم بأنهم من "البارزين"، على لائحة العقوبات، وهم حسين مؤنس العبودي المعروف بـ"حسين مؤنس"، الذي يُعدّ بحسب البيان عضواً بارزاً في "كتائب حزب الله"، وهو عضو حالي في البرلمان العراقي، وإياد علي حسين العزاوي، الذي قالت إنه متخصص في الطائرات المسيّرة ويعمل في مديرية المُعدات الفنية التابعة لـ"الحشد الشعبي"، وكذلك عقاد محسن فرج المحمداوي، الذي أشار البيان إلى أنه "الأخ الأصغر للأمين العام لـ"كتائب حزب الله" أحمد المحمداوي، ويدير أعمال "كتائب حزب الله" والجوانب المرتبطة بالمحفظة المالية له، ويجمع الأموال للجماعة من خلال الأعمال التجارية".
ويُعتبر قرار الخزانة هذا الرابع من نوعه خلال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والسابع منذ عام 2018، ويتزامن مع تصاعد الأزمة بين الجماعات الحليفة لطهران في العراق والجانب الأميركي إثر هجمات تنفذها تلك الجماعات على القوات الأميركية داخل وخارج العراق.
وفي السياق، قالت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، في تعليق لها على القرار الجديد، إن هذه الإجراءات ستساعد في "حماية النظام المالي العراقي، والمشاريع التجارية المشروعة من الاستغلال. إن عملنا مع الحكومة العراقية سيعزز المستقبل الاقتصادي لجميع العراقيين".
قامت وزارة الخزانة الأميركية اليوم بتصنيف مصرف الهدى كمؤسسة رئيسية لغسل الأموال بسبب استغلاله لوصوله إلى الدولار الأمريكي لدعم منظمات إرهابية أجنبية معينة مثل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وفرضت ايضاً عقوبات اقتصادية على رئيسه التنفيذي. ستساعد هذه الإجراءات في حماية…
— Ambassador Alina L. Romanowski (@USAmbIraq) January 29, 2024
بدوره، أشار الخبير بالشأن العراقي السياسي أحمد النعيمي إلى أن عدد المصارف الخاصة المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية ارتفع إلى 19 مصرفاً وبنكاً وشركة وساطة مالية، كلها مدانة أميركياً بتمويل عمليات الحرس الثوري وفصائل مرتبطة بإيران".
وأضاف النعيمي لـ"العربي الجديد" أنه "بموجب العقوبات، لن يتمكن مصرف الهدى الإسلامي من التعامل بالدولار، كما لن يكون بمقدوره التعامل مع بنوك خارجية أيضاً، لذا سيكون عمله في حال استمراره مقتصراً على مسألة التعامل الداخلي بالعملة المحلية الدينار".
وأكد أن العقوبات التي تطاول نواباً في البرلمان العراقي هي الأهم، حيث بلغ عدد النواب المعاقبين أميركياً هذا العام اثنين، لكن هناك آخرين موجودون على لائحة العقوبات منذ سنوات، وفازوا بالانتخابات الأخيرة، لذا يكون الإجمالي 7 نواب.
ووصف تزايد القرارات الأميركية المتعلقة بالعقوبات بأنها ضمن إفرازات التصعيد الحالي بعد الحرب على غزة، وقد تمهد لقرارات أخرى مماثلة تطاول فصائل وجهات جديدة في العراق.