العراق: 50 حالة إعدام في سبتمبر واتهامات تطاول رئيس الجمهورية

13 أكتوبر 2024
أوسع عمليات إعدام تُنفّذ في البلاد منذ 2003 (صفحة وزارة العدل العراقية على فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نفذت السلطات العراقية 50 عملية إعدام في سبتمبر، وهي من الأوسع منذ 2003، وسط اتهامات بتعذيب المعتقلين وانتزاع الاعترافات بالإكراه، وفقاً لمرصد "أفاد" لحقوق الإنسان.
- دعا عبد الكريم عبطان، عضو اللجنة القانونية في البرلمان، إلى وقف الإعدامات حتى تمرير قانون العفو العام، مشيراً إلى تعرض العديد من المعتقلين للظلم خلال المحاكمات.
- أكد الباحث عبد القادر النايل ومنظمات حقوقية دولية على ضرورة وقف الإعدامات في العراق بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

كشف مرصد "أفاد" لحقوق الانسان في العراق عن تنفيذ السلطات العراقية ما لا يقل عن 50 عملية إعدام خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتبرها من بين أوسع عمليات إعدام تُنفّذ في البلاد منذ 2003، مُحملا رئاسة الجمهورية مسؤولية تسريع وتيرة عمليات الإعدام في البلاد لغايات سياسية.

وقال المرصد في بيان له، مساء أمس السبت، إن "السلطات العراقية أقدمت على تنفيذ واحدة من أوسع عمليات الإعدام في البلاد منذ عام 2003، حيث جرى تسليم ما لا يقل عن 50 معتقلا لذويهم خلال شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم، جرى إعدامهم شنقا في سجن الناصرية المركزي جنوبي البلاد".

وأضاف المرصد أنه أجرى "تحقيقات" أشارت إلى تنفيذ إدارة سجن الناصرية أربع عمليات إعدام جماعية في سبتمبر الماضي، كان أوسعها يوم الرابع والعشرين، وبواقع 21 معتقلا، حيث سُحبوا من قاعات السجن فجرا، ونُفّذت أحكام الإعدام بحقهم.

وأشار "أفاد" في بيانه إلى أن إدارة السجن نفذت عمليات الإعدام بالمعتقلين بملابس النوم ومن دون السماح لهم بالصلاة أو كتابة وصايا ورسائل لذويهم، حيث جرى سحبهم بشكل مفاجئ فجرا إلى الوحدة الخاصة التي تقع فيها منصات الإعدام، ورُفع ستة معتقلين في كل مرة وشُنقوا مع أصوات وتعليقات في بعض الأحيان تُنكل طائفيا بالمعدومين".

واتهم المرصد رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد بالتوقيع على إعدام المعتقلين "بناء على توصيات وضغوطات سياسية لجهات طائفية داخل بغداد، بعضها فصائل مسلحة، رغم وجود أدلة وعرائض قدمها المعتقلون تؤكد تعرضهم للتعذيب وانتزاع المعلومات تحت الإكراه وتوقيعهم على أوراق مكتوبة مسبقا".

اتهم المرصد رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد التوقيع على إعدام المعتقلين، "بناء على توصيات وضغوطات سياسية لجهات طائفية داخل بغداد

ولم تعلق وزارة العدل العراقية في العاصمة بغداد، لغاية الآن، على التقرير، لكن الوزارة سبق أن نفت في مرات سابقة هذه الاتهامات، وأكدت أن الإعدامات لا تنفذ إلا بعد إكمال الإجراءات القضائية والقانونية مع المعتقلين.

والشهر الماضي، أكدت وكالة فرانس برس نقلا عن مصادر أمنية عراقية أن السلطات العراقية نفذت حكم الإعدام بحق 21 شخصا، بينهم امرأة، مدانين بجرائم أغلبها "الإرهاب".

عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي عبد الكريم عبطان دعا السلطات العراقية إلى توقيف تنفيذ أحكام الإعدام في البلاد على الأقل خلال الفترة الحالية التي تستبق تمرير قانون العفو العام. وقال عبطان في تصريح لـ"العربي الجديد"، تعليقا على التقرير الحقوقي العراقي، إن "العديد من المناشدات وصلت من ذوي المعتقلين المحكومين بالإعدام تناشد عدم تنفيذ أحكام الإعدام والشروع بإعادة المحاكمات لهم، على اعتبار أن العديد من منهم لم يتورطوا بارتكاب أيّ جرائم إرهابية".

وأضاف عبطان أن "وفدا شُكّل من قبل حزب تقدم ذهب إلى رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ووزير العدل خالد شواني، طالب بالتريث في تنفيذ أحكام الإعدام لحين التأكد من الإجراءات القانونية وإعادة المحاكمات بالنسبة للمعتقلين الذين انتزعت الاعترافات منهم بالإكراه، وبسبب تلك الاعترافات جرت إدانتهم وصدرت عليهم الأحكام بالإعدام".

وأشار إلى أن العديد من المعتقلين تعرضوا للظلم خلال المحاكمات، لا سيما في فترة التحقيق، مشددا على أن ذلك ما يدفع نحو المطالبة بإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام في الوقت الحالي.

وعن آخر مستجدات قانون العفو العام، أوضح عبطان أن القانون أصبح جاهزا وسيمضي للتصويت خلال الفترة القليلة المقبلة بعد إتمام قراءته الأولى، فيما نفى اشتراط القوى الشيعية تمرير قانون الأحوال الشخصية مقابل تمرير قانون العفو، لكنه لفت إلى أن قانون العفو سيمرر بشكل منفصل عن قانون الأحوال الشخصية.

أحكام تعسفية

من جهته، أكد عضو مجلس النواب منصور المرعيد أن العديد من أحكام الإعدام والأحكام التي صدرت بحق المعتقلين صدرت بطريقة تعسفية، لا سيما في الفترة التي تلت انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش. وقال المرعيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "النواب السنة يضغطون لدفع التعديل القانوني لقانون العفو نحو التصويت والتمرير"، لافتا إلى أن الفترة التي أعقبت استعادة المدن من داعش شهدت صدور الكثير من الأحكام التعسفية وغير المنصفة بحق المعتقلين بسبب انتزاع الاعترافات بالقوة والابتزاز خلال التحقيق والدعاوى الكيدية والمخبر السري والمساومات، مشددا على ضرورة إعادة هذه المحاكمات من أجل إنصاف المظلومين.

ولفت النائب العراقي إلى أن قرار تعديل قانون العفو العام من شأنه إعادة المحاكمات للكثير ممن تعرض للظلم، لكنه شدد على أن "الإرهابيين الذين جرت إدانتهم بشكل قطعي لن يُشملوا بالعفو ولا تمكن المطالبة بالعفو عنهم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق آلاف العراقيين".

وطمئن المرعيد القوى السياسية الشيعية بشأن قانون العفو العام، لافتا إلى أن مخاوفها ليست في محلها لأن القانون سيعيد المحاكمات، ومن تثبت براءته يُطلَق سراحه، ومن يثبت تورطه ينفذ فيه الحكم القضائي.

تقارير عربية
التحديثات الحية

أحكام بدوافع طائفية

من جانبه، اعتبر الباحث بالشأن السياسي العراقي عبد القادر النايل العديد من أحكام الإعدام في العراق "صدرت بحق المعتقلين بتهم الإرهاب بدوافع طائفية وبعد انتزاع الاعترافات منهم بالقوة"، مؤكدا "ضرورة التريث في تنفيذ تلك الإعدامات إلى حين تمرير قانون العفو العام الذي من شأنه إنصاف المعتقلين الذين تعرضوا للظلم في الاعتقال أو الأحكام القضائية".

وأضاف النايل في حديث لـ"العربي الجديد" أن "حملة الإعدامات في العراق تتصاعد بطريقة جماعية وتفتقر إلى أدنى شروط حقوق الإنسان، ومنها إعلام ذوي المعتقل بموعد الإعدام أو اللقاء الأخير معه"، وبين أن الأحكام الصادرة تحت انتزاع الاعترافات بالتعذيب أو بسبب المخبر السري هي أحكام تعسفية، وكان يفترض تأجيل هذه الإعدامات حتى صدور قانون العفو الجديد الذي ينص على إعادة المحاكمات.

وشدد على ضرورة التدخل الدولي لإيقاف حملة الإعدامات التي تعتبر عمليات اغتيال وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

وتؤكد منظمة العفو الدولية أن نحو ثمانية آلاف سجين عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ودعت السلطات العراقية إلى الوقف الفوري لعمليات الإعدام التي تصدر عقب محاكمات بالغة الجور وبعد انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه والتعذيب.

ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش استئناف الإعدامات الجماعية في العراق بالتطور المريع، وشددت على أنه ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وأشارت إلى أن الظلم الهائل خلال تنفيذ أحكام الإعدام تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة.

المساهمون