العلاقات الصينية الأميركية... ملفات معلقة على ولاية ترامب الثانية

04 يناير 2025
شي وبايدن في ليما، 16 نوفمبر 2024 (ليا ميليس/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- لم تشهد العلاقات الصينية الأميركية تحسناً كبيراً في عهد بايدن، مع استمرار القضايا الخلافية مثل مبيعات الأسلحة لتايوان والتدخل في بحر الصين الجنوبي، رغم تحسن طفيف في التعاون بمجالات غير حيوية.
- دعا الرئيس المنتخب دونالد ترامب الرئيس الصيني لزيارة الولايات المتحدة، وسط توترات متزايدة وإجراءات صينية رداً على قيود أميركية محتملة، وعقوبات على شركات دفاعية أميركية.
- تظل العلاقات مستقرة بشكل عام، لكن العوامل السلبية مستمرة، حيث تسعى بكين لضبط الخلافات في ظل استمرار النهج الأميركي الثابت تجاهها.

مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، تطوي بكين وواشنطن صفحة أخرى من حقب رئاسية متعاقبة لم تشهد تسجيل أي اختراق في مساعي تحسين العلاقات الصينية الأميركية المضطربة، حيث ظلت الملفات والقضايا الخلافية بينهما على حالها، في حين أن تحسناً طفيفاً طرأ على الاتصالات في مجالات غير حيوية، مثل التعاون في مجال المناخ ومكافحة المخدرات والتبادلات الدبلوماسية الناعمة. وتتجه الأنظار في الوقت الراهن إلى ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية التي تبدأ في 20 يناير/كانون الثاني الحالي، على أمل أن تحمل جديداً لعلاقات ثنائية تُوصف بأنها الأهم على مستوى العالم، نظراً لتداخلها وتأثيرها على العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

وكانت وسائل إعلام أميركية قد ذكرت أن ترامب دعا نظيره الصيني شي جين بينغ، إلى زيارة الولايات المتحدة، بعد وقت قصير من فوزه بالانتخابات الرئاسية، للمشاركة في مراسم تنصيبه هذا الشهر. كما صرح قبل أيام بأن الصين والولايات المتحدة يمكنهما العمل معاً لحل جميع مشاكل العالم. لكن تسريبات في وسائل إعلام أميركية استبعدت أن يحضر شي مراسم التنصيب.

لين وي: هناك ملفات ساخنة بين البلدين، بينها بيع أسلحة لتايوان، ظلت معلقة

ووصف مسؤول في السفارة الصينية في واشنطن، دعوة الرئيس الأميركي بأنها "إشارة ترحيب"، لكنه لم يذكر ما إذا كان شي جين بينغ سيحضر الحفل المزمع عقده في 20 يناير الحالي. وقال، في تصريح أخيراً، إنه يأمل أن تؤدي مثل هذه المبادرة إلى بداية جيدة للعلاقات الثنائية في ولاية ترامب الثانية. من جهتها، أكدت كارولين ليفات، السكرتيرة الصحافية الجديدة لترامب، التقارير الإعلامية السابقة التي تفيد بأن ترامب دعا شي، لكنها قالت إنه لا يزال يتعين تحديد ما إذا كان الرئيس الصيني سيحضر أم لا.

وشهدت الأيام الأخيرة توترات بين البلدين، وأعلنت الصين أمس الجمعة أنها ستتخذ "كل الإجراءات اللازمة" رداً على إعلان وزارة التجارة الأميركية أنها تدرس فرض قيود على المسيّرات التجارية الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. قبلها بيوم، وتحديداً الخميس الماضي، فرضت بكين عقوبات على عشر شركات دفاعية أميركية على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها خلال أيام تستهدف شركات أميركية. فيما كان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أكد في رسالة لنظيره الأميركي جو بايدن، يوم الاثنين الماضي، أن العلاقة بين البلدين هي "من الأهم" في العالم، وأن "الصين مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة... لتطوير علاقات صينية أميركية سليمة ومستقرة، والمضي قدما بشكل مستدام على المسار الصحيح".

إخفاق بتسجيل اختراقات في العلاقات الصينية الأميركية

وبالرغم من إخفاق الجانبين في تسجيل اختراقات ملموسة في العلاقات الصينية الأميركية، أشادت وسائل إعلام صينية باستقرار العلاقات الصينية الأميركية وعدم خروجها عن نطاق السيطرة. وقالت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية، قبل أيام، إنه ظلت العلاقات الصينية الأميركية مستقرة بشكل عام، واتبعت الدولتان إرشادات دبلوماسية من المستوى القيادي، وركزتا على تنفيذ رؤية سان فرانسيسكو (الاجتماع بين شي وبايدن في سان فرانسيسكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 واتفقا خلاله على ضرورة ضمان عدم تحول المنافسة بين الدولتين إلى صراع)، وعقدتا جولتين من الاتصالات الاستراتيجية وخمسة اجتماعات لمجموعة العمل المشتركة. كما تقدم الجانبان بالتعاون العملي في مجالات مثل: مكافحة المخدرات وإنفاذ القانون وتغير المناخ.

ومع ذلك، لا تزال بعض العوامل السلبية التي تؤثر على العلاقة بين البلدين قائمة. ولفتت الصحيفة إلى أنه لا ينبغي أن يكون مستقبل العلاقات الصينية الأميركية مجرد تكرار لنماذج الماضي للعلاقات بين القوى الكبرى، بل ينبغي لها أن تركز على استكشاف الطريق الصحيح للتعايش بين الدولتين. وأضافت: يتوجب على الصين والولايات المتحدة العمل معاً لاستكشاف الطريق الصحيح للمضي قدماً.

تعليق الملفات الساخنة

في قراءته لمسار العلاقات الصينية الأميركية وأبرز الملفات العالقة، راى الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، لـ"العربي الجديد"، أن مستقبل العلاقات بين بكين وواشنطن يمثل أولوية للطرفين، كما أن استقرار هذه العلاقات بمثابة صمام أمان لجميع الدول، لأن أي انتكاسة أو انزلاق عن المسار السلمي في إدارة الخلافات عبارة عن مدعاة لحرب عالمية من شأنها أن تغير وجه الكون. ولفت لين وي إلى أنه عند الحديث عن أبرز ملامح ولاية بايدن، نجد أنها اتسمت بالهدوء النسبي مقارنة بولاية ترامب السابقة، والتي شهدت تراشقاً إعلامياً واتهامات متبادلة، وفرض عقوبات على كيانات وأشخاص، وإغلاق مقار دبلوماسية، وكان ذلك بفضل وجود ما اصطلح على تسميتهم بـ"صقور الصين" في الإدارة الأميركية السابقة، مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو.

وأشار إلى أنه خلال الإدارة الحالية تم تعزيز الاتصال بين الجانبين، حيث استؤنفت المحادثات العسكرية التي كانت معلقة في عهد ترامب، وأيضاً تم التوقيع على بروتوكولات تعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، وكذلك المناخ ومكافحة المخدرات. غير أن الملفات الساخنة، مثل مبيعات الأسلحة لتايوان، والتدخل الأميركي في النزاع ببحر الصين الجنوبي، وتوسيع الاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ظلت معلقة، ومن غير المتوقع أن تشهد انفراجة خلال السنوات المقبلة، لأنها تُعتبر أدوات أساسية في يد الولايات المتحدة لفرض المزيد من الضغط على الصين في إطار المنافسة الاستراتيجية بينهما، ومحاولات واشنطن كبح جماح بكين.

جين توي: النهج الأميركي تجاه بكين يظل ثابتاً بغض النظر عن تعاقب الإدارات بين الجمهوريين والديمقراطيين

وعن أسباب عدم تحسّن العلاقات الصينية الأميركية قال لين وي: ببساطة لأنه لا تتوفر رغبة حقيقية لدى الإدارة الأميركية في معالجة القضايا الخلافية، لأنها تمسّ المصالح الاستراتيجية لواشنطن في المنطقة. وأضاف: دعنا نتخيل ما الذي قد يدفع الولايات المتحدة للتراجع عن دعمها لجزيرة تايوان وإمدادها بالسلاح، وكيف لها أن تتوقف عن بناء التحالفات العسكرية في محيط الصين. وأوضح أن هذه أبرز مطالب بكين، ولكن المشكلة تكمن في أن الاستراتيجية الأميركية بمنطقة المحيطين تقوم بالأساس على اعتبار أن الصين تشكل تهديداً إقليمياً ودولياً، وبالتالي من الصعب التوصل، بناء على هذه المعطيات، إلى صيغة أو آلية يمكن من خلالها الحديث عن انفراجة في العلاقات الثنائية بين الجانبين.

مصلحة في ضبط الإيقاع

في المقابل، قال أستاذ الدراسات السياسية السابق في جامعة تايبيه الوطنية، جين توي، لـ"العربي الجديد"، إن العلاقات الصينية الأميركية لم تشهد تحسناً في عهد بايدن كما يسوّق الإعلام الصيني. واعتبر أن النهج الأميركي تجاه بكين يظل ثابتاً بغض النظر عن تعاقب الإدارات الأميركية بين الجمهوريين والديمقراطيين. وأوضح أنه في عهد بايدن استمرت العقوبات على الشركات والمؤسسات الصينية المرتبطة بالجيش، وزادت واشنطن من وتيرة مبيعات الأسلحة لتايوان، بما في ذلك أسلحة وأنظمة دفاعية متطورة. وكذلك الأمر بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل الهند والفيليبين واليابان وكوريا الجنوبية.

وبرأيه، فإن السنوات الأربع الماضية شهدت تعزيزاً غير مسبوق للاستراتيجية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبالتالي من غير المنطق غض النظر عن كل هذه الممارسات والحديث بلغة التفاؤل عن انفراجة محتملة في العلاقات الصينية الأميركية في عهد ترامب. ولفت إلى أن بكين لديها مصلحة في ضبط إيقاع الخلافات، لأن استمرار النهج الأميركي بنفس الوتيرة خلال السنوات المقبلة يعني تقييد الصين وإحاطتها بقوى حليفة للولايات المتحدة قادرة على المجابهة والتعامل بندية في خلافاتها مع بكين، خاصة ما يتصل بالنزاعات الحدودية البرية والبحرية.

تقارير دولية
التحديثات الحية
المساهمون