تحوّلت الفرقة الرابعة التي يتزعمها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، لمافيا ضالعة في تجارة المخدرات، تتحكم بمعظم عمليات وصفقات التهريب بين لبنان وسورية، خاصة عمليات تهريب المخدرات التي تتحكم بها بشكل كامل، باستخدام النفوذ الذي حوّلها لجيش موازٍ لجيش النظام، بصلاحيات فوق دستورية وقانونية مستمدة من قائدها.
وتتمّ عمليات التهريب بين البلدين بتنسيق بين الفرقة و"حزب الله" اللبناني، بإشراف أسماء سورية عديدة، وفق ما يبين النقيب المنشق عن القوات الخاصة في جيش النظام يونس الأحمد لـ"العربي الجديد"، موضحاً أن المواد التي تشرف الفرقة على تهريبها بالدرجة الأولى هي المخدرات، بالتركيز على الحشيش والكبتاغون، من لبنان إلى سورية، أما تهريب المازوت فيأتي بالدرجة الثانية.
ووفق الأحمد، وهو ابن إحدى القرى التي تتم من خلالها عمليات التهريب، فإن أبرز المسؤولين عن العمليات من الجانب السوري هم أحمد خلوف، وأدهم بكور، وأسامة النقشي، وحمود فياض، وأحمد زيتون، وهم ينتمون لمليشيات تتبع للنظام في منطقة عسال الورد، ويزيد عدد المعابر الحدودية غير الشرعية عن 15 معبراً، حيث تتركز عمليات التهريب بين بلدة عسال الورد من الجانب السوري، وبلدة طفيل من الجانب اللبناني، وأهم المعابر المستخدمة في التهريب حالياً هي طرق "طفيل - رأس العين، الجوزة، وادي الصهريج، عقبة التوت".
ولفت إلى أن كل هذه الطرق تؤدي لبلدتي بريتال واللبوة في منطقة بعلبك، معقلي "حزب الله" في لبنان، والحواجز على هذه الطرق بإشراف الفرقة الرابعة وضباطها.
ويتم التهريب عن طريق طفيل بحماية الفرقة الرابعة و"حزب الله"، والإشراف على عمليات التهريب يتم برعاية شركة "سيزر"، لمالكها المدعو حسن دقو، المعتقل حالياً، وهو حامل للجنسيتين اللبنانية والسورية، وعمليات التهريب يشرف عليها في الوقت الحالي أشقاؤه، بحسب الأحمد.
وأضاف الأحمد أن باقي المعابر في عسال الورد، تتم عمليات التهريب فيها عن طريق دفع مبالغ مالية حسب عدد السيارات، وتُسلَّم للضابط المسؤول عن الحاجز، وهناك عمليتا تهريب كل أسبوع، حسب التنسيق بين المهربين والفرقة، مع بقاء تهريب المخدرات تحت إشراف الفرقة وضباطها.
ووفقاً لوثيقة أمنية صدرت عن المجلس الأعلى للدفاع اللبناني، يوجد 136 معبراً غير شرعي، يُستخدم للتهريب بين سورية ولبنان، ومعظم هذه المعابر في مناطق يسيطر عليها "حزب الله" بمناطق نفوذه، في كلّ من الهرمل وبعلبك.
علاقة تبادلية بين الفرقة الرابعة و"حزب الله" وإيران
بدوره، يوضح الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الراي العام" رشيد حوراني لـ"العربي الجديد"، أن الفرقة الرابعة من جهة، و"حزب الله" وإيران من جهة أخرى، واستثمار كلّ منهما في الآخر، يشكل علاقة تبادلية. وأدت مشاركة الفرقة الرابعة وانتشارها على امتداد الجغرافيا السورية منذ بداية الثورة وزيادة الخسائر في صفوف خزانها البشري في الساحل السوري، نظراً للبعد الطائفي للغالبية العظمى من منتسبيها، الذي دفع شبابه للعزوف عن الخدمة والهجرة خارج البلاد، وغيرها من العوامل، إلى إضعاف الفرقة، وإخراجها من دائرة التأثير والقرار.
وأمام هذا الواقع، أرادت الفرقة الرابعة الاستثمار في ضعفها، تحت مظلة المليشيات الإيرانية و"حزب الله"، والعمل كخط ثانٍ لكلّ الأعمال اللاأخلاقية للمليشيات الإيرانية كصناعة وتهريب المخدرات، وتهريب البشر، حتى أنها استطاعت تجنيد سماسرة في جنوب سورية لاصطياد من يرغب بالهجرة خارج درعا، وتقوم هي بتوصيله عن طريق ضباطها وقادة المليشيات إلى الأراضي اللبنانية.
وأضاف حوراني "أما المليشيات الإيرانية، فقد استفادت من ولاء الفرقة الرابعة لها كوحدة عسكرية تابعة لجيش النظام، أنها استخدمت الزي العسكري للفرقة ورفعت علم النظام للتمويه على تواجدها، أمام الضغط الإقليمي والدولي عليها والرامي لإبعادها عن الحدود مع إسرائيل".
يشار إلى أن الفرقة الرابعة التي قُدّر عدد مقاتليها قبل عام 2011 بنحو 15 ألف عنصر، تأسّست بعد أزمة "سرايا الدفاع" التي أسّسها رفعت الأسد الذي عاد أخيراً إلى كنف النظام، والذي أُبعد عام 1984 بعد المجازر الدموية التي ارتكبت في حماة تحت إشراف "سرايا الدفاع" بضوء أخضر من شقيقه حافظ الأسد حينها، حيث دمجت "سرايا الدفاع" بالفرقة الرابعة، وحملت الاسم للوقت الحالي.
وعملت الفرقة منذ تأسيسها تحت بند الحفاظ على أمن العاصمة دمشق وحماية النظام السوري، وتحولت لـ"مافيا" تشرف على التهريب والإتاوات في الوقت الحالي. وسمح لها ضم فاسدين ومشرفين على عمليات التهريب، إضافة للمدنيين الراغبين بالانتساب لها، بالتوسع بشكل كبير خلال السنوات الماضية.