أدت جموع كبيرة من الفلسطينيين صلاة الجمعة اليوم، في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال الإسرائيلي في محيط الحي ومحاصرتها جموع المصلين، في وقت كانت مجموعات المستوطنين تحاول الوصول للحي بعد أن سبقها إلى ذلك عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.
وأمّ رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة، الشيخ عكرمة صبري، جموع المصلين، وألقى خطبة الجمعة التي خصصها لقضية الشيخ جراح، مشيداً بصمود العائلات فيه ورباطهم في حيهم، الذي يعتبر رباطاً في المسجد الأقصى وصموداً في القدس، التي تتعرض لأسوأ عملية تهويد.
وربط الشيخ صبري في خطبته بين ما يجري في الشيخ جراح وفي بلدة سلوان في القدس، التي تواجه هي الأخرى عدواناً استيطانياً مستمراً.
واختتم الشيخ صبري خطبته بتوجيه ثلاث رسائل؛ الأولى إلى أهالي الشيخ جراح، مجدداً الدعم والتقدير والإشادة برباطهم وصمودهم، داعياً إلى مزيد من الصمود. أما الرسالة الثانية فخصصها للأسرى في سجون الاحتلال داعياً لهم بالحرية والفرج العاجل كي يفرح بتحررهم شعبهم وذووهم. وتحدثت الرسالة الثالثة عن الأقصى وما يتعرض له من أخطار من قبل الاحتلال ومستوطنيه، حاثًا المقدسيين على الرباط الدائم فيه.
وأدى المصلون بعد انتهاء صلاة الجمعة، صلاة الغائب على أرواح شهداء فلسطين، كما أعقب الصلاة إلقاء كلمات لكل من حاتم عبد القادر القيادي في حركة "فتح" ورئيس الهيئة الإسلامية المسيحية، وأحمد الرويضي المستشار في الرئاسة الفلسطينية، إضافة إلى كلمة أهالي الحي، وأكدت الكلمات جميعها على رفض مخططات المستوطنين ضد منازل الحي، وصمود أهالي حي الشيخ جراح وتمسكهم بمنازلهم.
وذكرت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، أن نحو 65 ألف مصلٍ أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، فيما أدى آلاف الفلسطينيين صلاة الفجر في الأقصى، رغم قيود الاحتلال وتشديداته.
على صعيد آخر، أدى مستوطن، صباح اليوم الجمعة، طقوساً تلمودية استـفزازية عند باب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال.
ومن جهة ثانية، أفرجت سلطات الاحتلال اليوم، عن الشاب أحمد نجيب بشرط الحبس المنزلي مدة خمسة أيام، بعد يوم من اعتقاله في البلدة القديمة من القدس.
خطبة الجمعة من حي الشيخ جراح بالقدس يؤديها خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري#انقذوا_حي_الشيخ_جراح#SaveSheikhJarrah pic.twitter.com/vn6nMRWAak
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) February 18, 2022
مديرة شوؤن الأونروا تزور العائلة المهددة بالإخلاء
وفي سياق متصل، زارت غوين لويس مديرة شوؤن الأونروا صباح اليوم، حي الشيخ جراح في القدس المحتلة والتقت عائلة سالم والعائلات المقدسية الأخرى في الحي، المهددة بالإخلاء من منازلها، حيث استمعت منهم إلى آخر التطورات المتعلقة بمحاولات المستوطنين استلاب منازلهم، وما يتعرضون له من اعتداءات عنصرية من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال.
وفي ختام زيارتها، أدلت غوين ببيان للصحافيين قالت فيه: "هناك ستة أطفال في هذه العائلة، وفقدانهم لمنزلهم وتهجيرهم منه ستكون له عواقب نفسية مدمرة عليهم، نطالب بمنع تهجير عائلات الشيخ جراح من منازلها".
وأضافت: "لقد رأينا الكثير من العنف في حي الشيخ جراح في اليومين الماضيين، نحن نطالب بمنع تهجير هذه العائلات من منازلها".
تحذيرات إسرائيلية من تفجّر الأوضاع في حي الشيخ جراح
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة، قد ذكرت اليوم الجمعة، أنّ رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أجرى، أمس، جلسة مشاورات شارك فيها كل من وزير الأمن بني غانتس، ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف، وقائد الشرطة الإسرائيلية العامة يعقوب شبتاي، إلى جانب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، للتدول في ما وصفته وسائل إعلام إسرائيلية، بينها موقع "معاريف" و"هآرتس" والإذاعة الإسرائيلية العامة، بالخوف من اشتعال الأوضاع في حي الشيخ جراح، وامتدادها إلى مناطق أخرى في القدس، مع تخوف من ترددات في مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وجرى تداول أنباء عن نشر مكثف لقوات حرس الحدود وشرطة الاحتلال في مختلف أنحاء المدينة، ونصب حواجز في الطرق المؤدية إلى البلدة القديمة، لمنع توافد المقدسيين إلى المسجد الأقصى.
بموازاة ذلك، يواصل اليمين الإسرائيلي الحشد لتعزيز وجود مستوطنين في حي الشيخ جراح، بزعم توفير الحماية لأمن المستوطنين في المكان، في ظل تشديد القيود حتى على الصحافيين، وفرض قيود على عملهم الميداني.
وتواصل وسائل الإعلام الإسرائيلية، منذ مطلع الأسبوع، الحديث عن "تقديرات أمنية إسرائيلية" عن قرب اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة في حال اندلعت مواجهات وعمليات مقاومة في القدس على خلفية أوضاع الشيخ جراح، وترك حكومة اليمين الحالية الحرية لعناصر اليمين والمستوطنين بالبقاء في الحي والاعتداء على المقدسيين، حيث تسعى جمعيات الاستيطان الإسرائيلية لطرد أكثر من 13 عائلة مقدسية من بيوتها بزعم أنها مملوكة لجمعيات استيطانية حصلت عليها عبر ما يسمى "قيّم أملاك الغائبين"، بزعم أنّ بضعة بيوت في الموقع أقيمت على عقارات كانت مسجلة باسم يهود قبل النكبة.
ويبدو أنّ تزايد نشر التحذيرات والتقديرات الإسرائيلية باحتمالات اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية وفي القدس، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تعكس مخاوف جدية في أجهزة الاستخبارات لجيش الاحتلال، التي تحاول من خلال هذا النشر أن تضمن رفع المسؤولية عنها في حال اشتعلت الأوضاع فعلاً، سواء في القدس المحتلة أو امتدت للضفة الغربية المحتلة، دون اتخاذ أي خطوات فعلية ضد المستوطنين الذي يزيدون من اعتداءاتهم الإرهابية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا سيما في منطقة جنوب الخليل وشمالي غور الأردن.