شيع آلاف الفلسطينيين، بعد عصر اليوم الخميس، جثمان الشهيد الفتى عامر أبو زيتون (16 عاما)، في مسقط رأسه بمخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، بمشاركة شعبية وفصائلية، وعلى وقع الهتافات التي تمجد المقاومة وتندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد وصول جثمانه إلى مخيم بلاطة قادمًا من مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، ألقت عائلته نظرة الوداع عليه، ثم أُديت الصلاة عليه في مسجد المخيم، وسار الآلاف في وداع أبو زيتون، وسط هتافات تدعو للرد على جريمة قتله، وإطلاق النار الكثيف تأكيدا على المضي في طريق المقاومة، كما شارك مقاومون ملثمون في التشييع.
وأكد الناشط محمد أبو رزق أن جنازات الشهداء اليوم باتت استفتاءً حقيقيا على نهج المقاومة، الذي وحد الفلسطينيين من كافة الأطياف السياسية.
وتابع أبو رزق، في حديث لـ"العربي الجديد": "الشارع الفلسطيني وصل إلى قناعة مفادها استحالة التقارب مع هذا العدو، الذي يتفنن في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وإعدامهم على الهواء مباشرة، وهذا يتطلب من القوى والفصائل والقيادة أيضاً أن تكون على قدر المسؤولية، وتتخذ قراراً حاسماً بالمواجهة".
عامر كان دائم التردد على مقبرة مخيم بلاطة وقراءة الفاتحة على روح صديقه الشهيد وقد شاهده البعض وهو ينام على القبر
استشهد عامر فجر اليوم، بعدما اقتحمت قوات الاحتلال مخيم بلاطة؛ فحينما كانت الساعة تقترب من الواحدة والنصف فجرًا، شعر عامر بحركة غريبة في محيط منزله الواقع على أطراف مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة نابلس، ليتيقن خلال دقائق معدودة من وجود قوات خاصة إسرائيلية قد اقتحمت المكان بسيارة مدنية. وعلى الفور، وبصفته أحد عناصر وحدة الرصد التابعة لكتيبة بلاطة المسلحة، أرسل رسالة عبر تطبيق تليغرام إلى مجموعة خاصة بالكتيبة، يبلغها فيها باكتشافه أمر القوة الخاصة.
وعقب ذلك، اتخذ المقاومون مواقعهم للتصدي لآليات الاحتلال حال اقتحامها المخيم، وما كان على أبو زيتون إلا أن يتتبع خطى تلك القوة وغايتها، فانطلق عبر الأزقة الضيقة يقتفي أثرها، فما كان من أحد القناصة الإسرائيليين، الذي كان يعتلي سطح بناية مجاورة، إلا أن صوب ثلاث رصاصات إلى رأسه ويده ورجله، فارتقت روحه على الفور.
في هذا الوقت، كان المقاومون ينتظرون على أحر من الجمر رسالة جديدة من عامر عن تموضع قوات الاحتلال، لكن ما وصل إليهم كان معلومات من عناصر آخرين تتحدث عن إصابة أبو زيتون، قبل الإعلان الرسمي عن استشهاده، بالتزامن مع أذان الفجر.
يقول المتحدث باسم كتيبة بلاطة، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث لـ"العربي الجديد": "إن العناصر يستنفرون مع كل اقتحام للمخيم، وعامر من ضمنهم، ومهمته مع آخرين رصد تحركات الاحتلال، وقد تمكن بالفعل من اكتشاف أمره، وأسهم في إفشال مهمته".
وتابع: "لقد دفع عامر حياته ثمنًا لحماية المقاومين، وهو شجاع ولا يهاب من جنود الاحتلال، لذلك، أوكلوا مهمة القضاء عليه إلى أحد القناصة".
بدوره، أوضح الشاب عدي ذوقان أن أبو زيتون عاش على ذكرى صديقه الشهيد مهدي حشاش، الذي ارتقى يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، خلال مواجهات واشتباكات مع قوات الاحتلال شهدتها مدينة نابلس.
وتابع في حديث لـ"العربي الجديد": "تأثر عامر كثيراً باستشهاد صديقه، ومن يومها، ولا حديث لعامر إلا عن الشهادة والشهداء، وهذا واضح من خلال منشوراته على حسابه على (فيسبوك)".
ولفت عدي إلى أن عامر كان دائم التردد إلى مقبرة مخيم بلاطة وقراءة الفاتحة على روح صديقه الشهيد، وقد شاهده البعض وهو ينام على القبر تعبيراً عن شدة شوقه له.
وبارتقاء أبو زيتون، يرتفع عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري إلى أربعة، فهم إضافة إلى أبو زيتون: الطفل آدم عياد من مخيم الدهيشة ببيت لحم، والشاب محمد حوشية من بلدة اليامون غرب جنين، والشاب فؤاد عابد من قرية كفرذان غرب جنين.