صدّق الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، على الموازنة العامة لعامي 2023 و2024 وقانون التسويات، الأمر الذي يمنح الحكومة استقراراً كبيراً.
وتمكّن الائتلاف الحكومي صباح اليوم، وبعد نحو 35 ساعة من المناقشات في الهيئة العامة، تبعتها عمليات تصويت ماراثونية، من إقرار الميزانية وقانون التسويات الذي يحدّد تعامل الحكومة مع بعض القضايا، منها اقتصادية. ومرّت الميزانية بأغلبية أصوات 64 عضو كنيست، مقابل معارضة 56. ولم يخسر الائتلاف أي تصويت من أصل 530 عملية تصويت بدأت مساء أمس الثلاثاء، وانتهت صباح اليوم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ردّه على أسئلة للصحافيين في الكنيست، صباح اليوم، إنّ التعديلات القضائية التي وصفها بالإصلاحات، فيما تصفها المعارضة بالانقلاب على القضاء، ستعود إلى الطاولة. وأضاف نتنياهو في ردّه على سؤال للقناة "14" في نفس السياق: "بالتأكيد ستعود، ولكننا نحاول التوصّل إلى تفاهمات، وآمل أن ننجح في ذلك".
وأوضح أنّ هدفه المقبل هو مكافحة غلاء المعيشة، فيما ترى المعارضة أن القوانين التي صوّت عليها الائتلاف لا تحمل أي بُشرى لمكافحة الغلاء.
واحتفلت أحزاب الائتلاف الحكومي مباشرة بعد تمرير الموازنة بالتصفيق والتقاط صورة جماعية. وكتب نتنياهو عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي: "فزنا في الانتخابات، مررنا الموازنة، سنواصل لأربع سنوات أخرى جيدة".
ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" عن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قوله، صباح اليوم، إنّ "الميزانية ممتازة وتدعم النمو الاقتصادي، كما تدعم استقرار الحكومة"، لافتاً إلى أنها "تشجّع الاستثمار في الهايتك، وتستثمر بشكل كبير في جهاز الصحة الذي أُهمل لسنوات، وفي جهاز الأمن والتعليم العالي وجهاز التعليم على جميع المستويات".
وبالمصادقة على 484 مليار شيكل (أكثر من 130 مليار دولار) لعام 2023 و514 مليار شيكل (نحو 140 مليار دولار) لعام 2024، تكون هذه أكبر موازنة يُصدّق عليها الكنيست.
وتشمل الموازنة 14 مليار شيكل ستخصص لأحزاب الائتلاف بموجب الاتفاقية الائتلافية، الأمر الذي أثار سخطاً واسعاً لدى متظاهرين احتجوا مساء أمس في القدس ضد الموازنة العامة والتعديلات القضائية. كما بدا ذلك واضحاً في خطابات أعضاء المعارضة في الكنيست قبل بدء التصويت، وعلى رأسهم رئيس المعارضة يئير لبيد ورئيس حزب "المعسكر العمومي" بني غانتس.
ويرى معارضون إسرائيليون أنّ الموازنة لا توفر حلولاً لمكافحة غلاء المعيشة، كما تشجّع على البطالة من خلال المخصصات التي تقدّمها لليهود المتدينين، والميزانيات التي رُصدت للمعاهد الدينية التي لا تعلّم المواضيع الأساسية.
وكتب لبيد عبر حسابه على "تويتر": "خلال نومكم، مُرّرت الموازنة الأسوأ في تاريخ الدولة وأكثرها تدميراً. لا تحمل أي بُشرى، لا تشمل مكافحة غلاء المعيشة، فيها فقط ابتزاز لا متناهٍ. هذه الموازنة نكث للعهد مع مواطني إسرائيل، وسندفع جميعنا، نحن وأولادنا وأولاد أولادنا، الثمن".
التعديلات القضائية
في غضون ذلك، تتواصل محاولات الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ التوسط بين الائتلاف الحكومي والمعارضة، في محاولة للتوصل إلى صيغة ترضي من يريدون المضي في التعديلات القضائية، ومن يرون فيها تقويضاً لجهاز القضاء والتفافاً عليه.
وجمّد نتنياهو، في شهر مارس/ آذار الماضي، التعديلات القضائية، تحت وطأة التظاهرات الضخمة التي خرجت ضدها، وبلغت ذروتها عندما طالب نتنياهو باستبعاد وزير الأمن يوآف غالانت من منصبه، بعدما حذّر الأخير من "مخاطر ملموسة على أمن الدولة"، في ظل انقسام الشارع الإسرائيلي. ودفع غضب المتظاهرين نتنياهو للتراجع عن قراره في إقالة غالانت.
وبعد تصريحات نتنياهو اليوم بأنّ التعديلات القضائية مستمرة، نقلت صحيفة "هآرتس" تعقيب منظمي التظاهرات الاحتجاجية، بأنّ نتنياهو يعترف فعلياً بأنه "ماضٍ في مخططاته لقيادة إسرائيل نحو دكتاتورية خطيرة"، لافتين إلى أنّ "إسرائيل تواجه خطراً محدقاً، وقوانين الديكتاتورية لم توضع جانباً، ونحن على بعد 24 ساعة من تحويل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية".
وبدوره ردّ رئيس حزب "المعسكر العمومي" بني غانتس على تصريحات رئيس الحكومة حول عودة التعديلات القضائية، بالقول إنّ "نتنياهو يعاني من جنون القوة، بعدما مرر ميزانية ستنفجر في وجوهنا جميعاً". وأضاف غانتس في تغريدة عبر "تويتر": "أذكّر نتنياهو بأنه من الغباء العودة إلى نفس الأمر وتوقّع نتائج مغايرة. إذا عاد الانقلاب القضائي إلى الطاولة، سنهز البلاد ونوقفها".